العفة لغة(مصدر عفَّ يقال: عَفَّ عن الحرام يعِفُّ عِفَّةً وعَفًّا وعَفَافَةً أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفِيفٌ والمرأة عَفَّةٌ وعَفِيفَةٌ وأعَفَّهُ الله، واسْتَعَفَّ عن المسألة أي: عفَّ، وتَعَفَّفَ: تكلف العِفَّةَ.


والعِفة الكَفُّ عما لا يَحِلُّ ويَجْمُل، والاسْتِعْفاف طلَبُ العَفافِ)((لسان العرب)) لابن منظور (9/253).


معنى العفة اصطلاحا:(العفة هي صفة نفسية في الإنسان يمكن التعرف عليها من خلال اثارها التي تظهر على الإنسان، هذه الاثار التي ذكرتها بعض الروايات بأنها الصبر عن الشهوة).



وقيل(هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو إفراط هذه القوة، والخمود الذي هو تفريطها، فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة)((التعريفات)) للجرجاني (ص 151).



وقيل هي:(ضبط النفس عن الشهوات وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد، ويحفظ صحته فقط، واجتناب السَّرف في جميع الملذات وقصد الاعتدال)((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 21).


وقيل هي: (ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية، وهي حالة متوسطة من إفراط وهو الشره وتفريط وهو جمود الشهوة)((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص 318).






العفاف في القران الكريم :

1- يقول تعالى:( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ).


2- يقول تعالى:( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).


3- يقول تعالى:( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).





العفاف في السنة النبوية:

1- عن الامام علي (عليه السلام): «الصبر عن الشهوة عفة».

2- عنه (عليه السلام): «العفاف زهادة».

3- عنه (عليه السلام): «العفاف يصون النفس وينزهها عن الدنايا».

4- وعنه (عليه السلام): «العفاف زينة الفقر».

5- وعنه (عليه السلام): «زكاة الجمال العفاف».وهذه العفة يجب أن تزداد كلما ازدادت المرأة جمالاً.

6- وعنه (عليه السلام): «إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أعف بطنه وفرجه».

7- وعنه (عليه السلام): «على قدر العفة تكون القناعة).








ثمرات العفاف:

لقد أشارت الروايات إلى العديد من الثمرات والبركات التي تترتب على العفة نذكر منها:

1- حسن المظهر: فعن الامام علي(عليه السلام): «من عفت أطرافه حسنت أوصافه».

عن أبي جعفر(عليه السلام): «أما لباس التقوى فالعفاف، إن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً من الثياب).



2- الوقاية: فعنعلي عليه السلام:(لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة».

فهذه الرواية تشير إلى أن العفة سبب في ترك المعاصي والقرب من الله تعالى بحيث يصبح سلوكه كله طاعة لله تعالى وكأن العفيف ملك من الملائكة، وكلمة أمير المؤمنين (عليه السلام):(ثمرة العفة الصيانة). تشير إلى ذلك أيضاً.


3- الثواب العظيم: فعن الامام علي (عليه السلام): «طوبى لمن تحلى بالعفاف».

وعنه (عليه السلام):(ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممن قدر فعف).






من منافيات العفاف:


1- التشبه بالرجال:

هناك أموراً تناسب الرجل وأخرى تناسب المرأة، وقد أكد الإسلام على ضرورة أن يلتزم كل منهما بما يناسبه، فلا يقتحم الرجل ما يناسب المرأة ولا تقترف المرأة ما يناسب الرجل ولا يتناسب مع حيائها وعفتها،

لأن ما يصلح لأحدهما قد يكون مفسداً للاخر، وقد شدد النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) على ذلك حتى لعن المرأة التي تتخلى عما يناسبها لتتشبه بالرجال فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله):(لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء).




وفي الرواية عن الإمام الباقر(عليه السلام): «لا يجوز للمرأة ان تتشبه بالرجال، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن المتشبهات من النساء، بالرجال».



والتشبه له الكثير من النماذج، وهو يشمل كل ما خالف طبيعة المرأة ووافق طبيعة الرجل، ومن أوضح هذه النماذج التشبه باللباس بحيث تلبس المرأة لباس الرجل أو يلبس الرجل لباس المرأة!.



2- تقليد الغرب:

إن الضياع وفقدان الهوية هو من أخطر الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، لأنه المرض الذي يهدم الكيان والشخصية والخصوصية، بل هو في الحقيقة انهيار لكل القيم السائدة في المجتمع،


وتضييع للأساس الذي يبني عليه الإنسان مجتمعه، ومجتمع بلا موازين ثابتة وأساسيات واضحة هو مجتمع متخلف إلى ابعد الحدود، طفيلي يعيش على فتات المجتمعات الأخرى...


من غير الطبيعي أن يضيّع الإنسان هويته، فكيف إذا كانت هذه الهوية هي الإسلام وإذا كانت تلك القيم هي القيم الإلهية والعروة الوثقى التي لا هداية بعدها ولا خير في سواها! فكيف يتخلى الإنسان عن هداه(ذلك كتاب لا ريب فيه وهدى للمتقين).



ولشدة خطورة فقدان الهوية رفض الإسلام تقليد الاخرين حتى في أصغر الأمور، وحتى على مستوى الشكل فضلا عن المضمون. فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود والنصارى».


وعنه (صلى الله عليه وآله): «وقلموا الاظفار ولا تشبهوا باليهود».
وفي رواية ثالثة عنه (صلى الله عليه وآله): «اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود).



فلاحظ كيف أنه (صلى الله عليه وآله) يؤكد على ضرورة تربية المجتمع على عدم تقليد الغير والتشبه بهم. والخطورة في هذا التشبه هو تضييع الهوية كما يظهر من الرواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام): حيث سئل عن قول الرسول (صلى الله عليه وآله):(غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود)


فقال عليه السلام: «إنما قال صلى الله عليه وآله ذلك والدين قل، فأما الان وقد اتسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤ وما اختار».



يعني المشكلة ليست في تغيير الشيب وعدمه، وإنما المشكلة في التشبه باليهود، فإذا كان التشبه حاصلاً فابتعدوا عنه حتى لو كان في الأمور التي لا مانع منها في نفسها.





ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
القران الكريم:

سورة البقرة ،الآية/273. سورة النور ،الآية/60.الآية/33.
((لسان العرب)) لابن منظور (9/253).
((التعريفات)) للجرجاني (ص 151).
((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 21).
للراغب الأصفهاني (ص 318).
مستدرك الوسائل،ج11،ص263.ج7،ص46.
ميزان الحكمة،ج3،ص2006.ج1،ص842.
عيون الحكم والمواعظ،ص21.
نهج البلاغة،ج4ص15،الحكمة 67.
عيون الحكم والمواعظ،ص327.ص464.
بحار الأنوار،ج68،ص272.