الحياء
معنى الحَيَاء لغةً: وهو الحشمة، ضد الوقاحة. وقد حيي منه حياء واستحيا واستحى فهو حَيِيٌّ(لسان العرب)
معنى الحَيَاء اصطلاحًا:
هو: (انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه).
وقيل(الحَياء: خُلُق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع مِن التقصير في حقِّ ذي الحقِّ).
وقيل هو: (تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان مِن خوف ما يُعَاب به ويُذَمُّ، ومحلُّه الوجه).
والحياء صفة جميلة جدا ذكرها الله في القران الكريم بقوله تعالى:
(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).(1)
تقص هذه الايات قصة لقاء النبي موسى(ع)مع ابنتي شعيب عليه السلام، وتظهر صفة هاتين الفتاتين وحياءهما بشكل واضح في مسألتين:
الأولى: قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ.
حيث امتنعتا عن الدخول بين الرجال وفضّلتا الانتظار حتى يخلو المكان لهما، وهذا له ارتباط واضح بالحياء ورفض الاختلاط.
والثانية {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}...
فهنا يوجد تصريح بالحياء الذي كانت تتحلى به هذه الفتاة.
الحياء في السنة النبوية الشريفة:-
1- الحياء من الايمان:
عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)«الحياء والإيمان في قرن واحد فإذا سلب أحدهما أتبعه الاخر»(2).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: «لا إيمان لمن لا حياء له»(3).
عن رسول الله صلى الله عليه وآله: «الحياء هو الدين كله».
يظهر من هذه الروايات أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإيمان والحياء، حتى صار الإيمان غير ممكن التحقق من دون الحياء!.
وهذا يعني أن عدم وجود الحياء سينعكس على سلوكيات الإنسان في هذه الدنيا بحيث يجعله بعيداً كل البعد عن سلوك الإنسان المؤمن الملتزم، وحيث إن أعمال الإنسان وسلوكياته ستنعكس في الاخرة، فإن صورة عدم الحياء ستكون في الاخرة خسراناً مبيناً!.
2- الحياء شرط لدخول الجنة:
وقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)«من لم يكن له حياء في الدنيا لم يدخل الجنة»(4).
إن الحياء مطلوب من الإنسان بشكل عام، ولكنه مطلوب من النساء بشكل اكيد،
وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله)«إن الله قسم الحياء عشرة أجزاء فجعل في النساء تسعة وفي الرجال واحداً»(5).
3- الحياء من الله تعالى:
قيل للنبي(صلى الله عليه وآله): أوصني، فقال(ص)«استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك»(6).
4- الحياء من النبي والأئمة (عليهم السلام):
فعن الباقر(عليه السلام)«إن أعمال العباد تعرض على نبيكم كل عشية خميس فليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح»(7).
وعن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن قوله تعالى:. { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }(8). قال (عليه السلام): «هم الأئمة عليهم السلام»(9).
5- الحياء من الملائكة:
عن رسول الله( صلى الله عليه وآله): «ليستحِ أحدكم من ملكيه اللذين معه كما يستحي من رجلين صالحين من جيرانه وهما معه بالليل والنهار»(10).
6- الحياء من الناس:
عن الامام علي (عليه السلام): «من لم يستحِ من الناس لم يستحٍ من الله سبحانه»(11).
7- الحياء من النفس:
عن الامام علي (عليه السلام): «أحسن الحياء استحياؤك من نفسك»(12).
8- الحياء في الستر:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه نظر إلى رجل يغتسل بحيث يراه الناس فقال:(أيها الناس إن الله يحب من عباده الحياء والستر فأيكم اغتسل فليتوارَ من الناس فإن الحياء زينة الإسلام)(13).
9- الحياء في القول:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال وما قيل فيه»(14).
إن هذه الروايات بمجملها تشير إلى أن على الإنسان أن يستحي من ارتكاب المعاصي، عليه أن يستحي من ترك الواجبات وفعل المحرمات!
لأن الذي يستحي من الله تعالى لا يمكن أن يعصيه وهو ينظر إليه، وكذلك الذي يستحي من النبي صلى الله عليه وآله لا يمكن أن يقع في المعصية وهو يعلم أن معصيته هذه ستعرض على النبي (صلى الله عليه وآله) ...
نعم إن الحياء هو الدين كله! ومتعلقه هو الدين كله. فكلما ازداد الحياء ازداد الدين، وعن علي (عليه السلام):(على قدر الحياء تكون العفة).(15)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- سورة القصص ،الآيات/23-25.
2- وسائل الشيعة،ج8،ص517.
3- الكافي،ج2،ص106.
4- كنز العمال،ج3،ص125.
5- كنز العمال،ج3،ص127.
6- بحار الأنوار ،ج68،ص363.
7- بحار الأنوار ،ج23،ص344.
8- سورة التوبة،الآية/105.
9- مستدرك سفينة البحار،ج7،ص165.
10- كنز العمال،ج3،ص118.
11- ميزان الحكمة،ج1،ص718.
12- ميزان الحكمة،ج1،ص719.
13- مستدرك الوسائل،ج1،ص488.
14- بحار الأنوار ،ج76،ص112.
15- عيون الحكم والمواعظ،ص327.