TODAY- 10 September, 2011
أوباما يدعو السلطات المصرية الى توفير أمن السفارة الاسرائيلية
مصر تعيش ليلة ساخنة في "جمعة تصحيح المسار"



إقتحم المئات من المحتجين المصريين مقر السفارة الاسرائيلية في القاهرة، وقد بثت قنوات فضائية صورا لاوراق تتساقط من الطابق الذي تحتله السفارة في البناية القريبة من نيل القاهرة، في وقت اعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن قلقه حيال التطورات ودعا السلطات المصرية الى توفير أمن السفارة الاسرائيلية.
شهدت مصر ليلة ساخنة جداً ودامية، لم تشهدها منذ جمعة الغضب 28 يناير- كانون الثاني الماضي، حيث تم إقتحام مبنى تابع للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة والإستيلاء على ما به من وثائق، بعد هدم الجدار العازل الذي أقامته الحكومة المصرية حول السفارة، كما أحرق الآلاف من المصريين أربع سيارات للشرطة، وجرت محاولات لإقتحام وزارة الداخلية وتم تحطيم واجهتها، وجرت مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في محيط مديرية أمن الجيزة والسفارة السعودية القريبة منها. ووقعت نحو 227 إصابة في صفوف المتظاهرين، كما قتل شخص بأزمة قلبية، نتيجة إستنشاق الغاز المسيل للدموع.

محاولات لإقتحام وزارة الداخلية
بدأت التظاهرات يوم 9 سبتمبر -أيلول الجاري، بعد صلاة الجمعة بشكل سلمي ضمن ما يسمى بـ"جمعة تصحيح المسار" في ميدان التحرير بالقاهرة، وميادين أخرى بالمحافظات في السويس والإسماعيلية، والإسكندرية وبني سويف، و بورسعيد، وإستمرت الأمور هادئة حتى الثامنة مساء بتوقيت القاهرة، حيث حاول المئات من مشجعي أندية كرة القدم "الألتراس"، إقتحام مبنى وزارة الداخلية القريب من ميدان التحرير، ولم تتصد لهم قوات الأمن، حيث إكتفت بإغلاق أبواب الوزارة، والتحصن خلف السور الخاص بها المرتفع. وحاول المتظاهرون إقتحام مبنى الوزارة، ولم يتمكنوا من ذلك، فحطموا واجهته، وأزالوا اللافتة الخاصة بها وشعارها، وكتبوا شعارات تندد بالشرطة والمجلس العسكري منها :"الشعب يريد إسقاط المشير"، "الشعب يريد إقالة منصور العيسوي"، "يا مشير يا مشير.. الثورة لسه في الميدان". ووقعت مشادات بين المحتجين وأهالي وإصحاب المحال التجارية بالمنطقة، لاسيما بعد زيادة التجمعات، وإستخدام ألعاب نارية كادت أن تتسبب في إحراق تلك المحال والمنازل. وإستمر الآلاف من المحتجين في محاصرة مقر وزارة الداخلية حتى ساعات متأخرة من ليل الجمعة.

إقتحام السفارة الإسرائيلية والسفير وصل الى المطار للمغادرة



وإنطلقت مسيرة تضم آلاف من المتظاهرين من ميدان التحرير إلى مقر السفارة الإسرائيلية بالجيزة، حيث حطم المحتجون الجدار العازل الذي أقامته الحكومة المصرية حول السفارة لحمايتها، بإستخدام الشواكيش "مطارق حديدية"، ثم صعد أربعة أشخاص المبنى المجاور للسفارة، وتخطوه إلى مقر السفارة، وتم إنزال العلم من فوقها، وأفادت أنباء بإقحتام مقر السفارة، وتطايرت أوراق من شرفة السفارة، كما جرى إحراق أربع سيارات للشرطة عندما حاولت التصدي للمحتجين ومنعهم من إقتحام مبنى السفارة. ولم يصدر تصريح أو بيان رسمي، من جانب الحكومة المصرية حيال الحادث.
وقال محمد عبد الكريم من المشاركين في الإحتجاج أمام السفارة لـ"إيلاف" إن مقر السفارة لم يتم إقتحامه، مشيراً إلى أن ما تم إختراقه من جانب المحتجين مخزن للأوراق الخاصة بالسفارة، وأضاف أن المقتحمين نثروا الأوراق التي عثروا عليها على المحتجين في أسفل مبنى السفارة، ولفت عبد الكريم إلى أن الآلاف حاصروا السفارة بعد تحطيم الجدار العازل، وحاولت قوات الأمن وقوات الجيش منعهم من إقتحام السفارة، ولكن كانت قوة المحتجين أكبر بكثير، منوهاً الى أن بعض المحتجين إستطاعوا مغافلة قوات الأمن وإقتحموا مبنى السفارة قبل إكتشاف أمرهم وإغلاق البوابة الرئيسة للمبنى تماماً. وأوضح عبد الكريم أن المحتجين أحرقوا ثلاث أو أربع سيارات للشرطة بعد محاصرتها وفرار من فيها من ضباط وجنود.
فيما قال شاهد عيان آخر يدعى عماد سليم لـ"إيلاف" إن الأوراق التي نثرها على المحتجين وبعضها مكتوب بلغات عبرية وإنكليزية وعربية كانت موجودة بالبلكونة الخاصة بالسفارة، وليس في مخزن أو بمقر السفارة.
كما علم ان السفير الاسرائيلي في مصر اسحق ليفانون وصل فجر السبت الى مطار القاهرة تمهيدا لعودته الى اسرائيل.
وقال مصدر ملاحي مصري لوكالة فرانس برس ان "السفير وافراد عائلته ينتظرون في المطار وصول طائرة للعودة الى اسرائيل" بعد ان اقتحم متظاهرون مساء الجمعة مقر السفارة. واضاف ان طاقم السفارة موجود ايضا في المطار بالاضافة الى رعايا اسرائيليين آخرين.


توقعات بتوتر العلاقات بين البلدين




توقع خبراء في القانون الدولي أن يكون لحادث إقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة تأثيراً سلبياً على العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأن تشهد مزيداً من التدهور، كما توقعوا إنسحاب التأثير السلبي على قضية محاولة إعلان الدولة الفلسطينية.
وقال الدكتور أيمن سعيد خبير القانون الدولي لـ"إيلاف" إن تأمين السفارات مسؤولية الحكومات المضيفة، وأوضح أن تأمين مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة مسؤولية الحكومة المصرية، وفي حالة تعرضها لأي ضرر يعتبر ذلك تقصيراً من قبل الحكومة، متوقعاً أن تقدم إسرائيل على تقديم إحتجاج رسمي للأمم المتحدة ضد مصر. ولفت إلى أن إقتحام السفارة الإسرائيلية سوف يؤثر بالسلب على العلاقات بين البلدين، وأن يؤثر ذلك على ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لإعلان دولتهم، حيث سيكون الموقف المصري المساند لهم ضعيفاً، في حين سيكون الموقف الإسرائيلي والأميركي قوياً.
وأوضح السفير حسن عيسي رئيس دائرة إسرائيل بوزارة الخارجية سابقاً، أن ما حدث عمل يتنافى مع القانون الدولي، وقال لـ"إيلاف" إن إقتحام السفارة سوف يفضي إلى المزيد من التوتر مع إسرائيل، مضيفاً أن إسرائيل سوف تستغل هذا الحادث لصالحها دولياً، وتوقع أن تقدم على إستدعاء السفير المصري في تل أبيب لإبلاغه إحتجاجها الرسمي ضد إقتحام سفارتها في القاهرة.

اوباما القلق يطلب من مصر حماية سفارة اسرائيل
بدوره، اعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن "قلقه الشديد" لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد اقتحام السفارة الاسرائيلية.
وجاء في بيان للرئاسة الاميركية ان "الرئيس تحدث مع رئيس الوزراء نتانياهو اليوم حول الوضع في السفارة الاسرائيلية في القاهرة. لقد اعرب الرئيس عن قلقه الشديد حول وضع السفارة وامن الاسرائيليين العاملين فيها".
واضاف البيان ان اوباما "استعرض الاجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة على جميع المستويات للمساعدة على ايجاد حل لهذا الوضع بدون عنف اضافي كما دعا الحكومة المصرية الى الوفاء بالتزاماتها الدولية لناحية تأمين حماية السفارة الاسرائيلية.
مواجهات بين الشرطة والمحتجين
وما زالت المواجهات بين قوات الشرطة والمحتجين متواصلة حتى الثانية من منتصف ليل القاهرة، وذلك في محيط السفارة الإسرائيلية، وأطلقت قوات الأمن العشرات من القنابل المسلية للدموع، وأصيب المئات من المحتجين بالإختناق. وقال شاهد عيان لـ"إيلاف" إن قوات الأمن تحاصر المتظاهرين في المنطقة ما بين مقر السفارة الإسرائيلية ومبنى مديرية أمن الجيزة، وأضاف شاهد العيان ويدعى وليد منصور ، طالب بكلية التجارة، لـ"إيلاف" إن قوات الجيش أرسلت نحو خمسة مدرعات للسيطرة على الموقف، وحماية مبنى السفارة ومديرية أمن الجيزة والسفارة السعودية التي تقع في المنتصف بين السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة.
محاولة إقتحام مديرية أمن الجيزة
ولم تتوقف الأحداث عند هذا الحد، بل تحركت جموع من المحتجين يقدر عددهم بالآلاف نحو مديرية أمن الجيزة، التي تبعد نحو مائتي متر عن مقر السفارة الإسرائيلية، وهاجموا المديرية، وقذفوها بالحجارة والزجاجات الحارقة، وأسفرت عن إحتراق سيارتين للشرطة، وأطلقت قوات الشرطة العشرات من القنابل المسيلة للدموع. وقال شاهد العيان وليد منصور لـ"إيلاف" إن المواجهات تجري بين قوات الشرطة والمحتجين أمام مقر السفارة السعودية وفندق الفور سيزون في المسافة الواقعة بين ميدان نهضة مصر الذي تطل عليه السفارة الإسرائيلية ومقر مديرية أمن الجيزة، مشيراً إلى أن العديد من المدرعات وسيارات الشرطة تحيط بمقر السفارة السعودية.
السيطرة على حريق بوزارة الداخلية المصرية
أعلنت وزارة الداخلية المصرية حالة الإستنفار الأمني في إقليم القاهرة الكبري الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة وحلوان والقليوبية، وذكرت في بيان أنها أعلنت حالة الطوارئ في جهاز الشرطة في القاهرة الكبرى، للتصدى للإحتجاجات، وحماية المنشآت الحيوية ومقار الشرطة ومقر وزارة الداخلية. حيث نشرت آلاف الجنود حولها، ومنعت الإجازات، وإستدعت المزيد من الحشود من أجل السيطرة على الأوضاع الملتهبة منذ الثامنة من مساء يوم الجمعة 9 سبتمبر- أيلول الجاري.
وفي السياق ذاته، إستطاعت قوات الدفاع المدني السيطرة على الحريق الذي شب في مبنى مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية الملحق بمقر وزارة الداخلية بوسط القاهرة، حيث كان إندلع حريق في المبنى أثناء مهاجمة المحتجين لمقر الوزارة مساء الجمعة. ولم يعرف على وجه الدقة من الفاعل، كمل لم يتم إعتقال أي مشتبه به.
هذا ومازالت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عصام شرف والمجلس العسكري تلتزم الصمت، ولم تصدر أي بيانات عن أي من الجهتين، ولم يتحدث أي مسؤول عما يجري في القاهرة من أعمال عنف ومواجهات بين الشرطة والمحتجين في محيط السفارة الإسرائيلية.
293 مصاباً وقتيل
إرتفع عدد المصابين في المواجهات بين قوات الشرطة ومحتجين مصريين في المنطقة المحيطة بالسفارة الإسرائيلية إلى 293 شخصاً. وكان مصدر طبي بوزارة الصحة قال لـ"إيلاف" في وقت سابق إن المواجهات العنيفة التي شهدتها القاهرة مساء الجمعة أسفرت عن إصابة نحو 227 شخصاً، غالبيتهم مصابون بالإختناق نتيجة إطلاق القنابل المسلية لدموع. مشيراً إلى أن المصابين تلقوا العلاج بالمستشفيات القريبة أوفي موقع الأحداث وتماثلوا للشفاء، واضاف أن هناك شخص توفي بأزمة قلبية نتيجة إستنشاق الغاز المسيل للدموع.
elaph