حقوق الانسان
مبادئ أساسية
لطالما رغب الإنسان في التمتع بالاحترام والمساواة والتسامح، ولكن الغريب في الأمر هو أن المجتمعات، وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حققته في المجالات التكنولوجية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لم تغير حالة الظلم التي ما زالت على ما كانت عليه منذ مئات السنين.
وفي حين بدأت حماية حقوق الأفراد وحرياتهم على المستوى الدولي في القرن التاسع عشر تحظر العبودية وتسعى إلى تحسين حالة المرضى والجرحى في أزمنة الحروب، إلا أن الحاجة الماسة إلى الحفاظ على السلام والعدل بين البشر لم تسرع البحث عن سبل لتعزيز التعاون الدولي إلا بعد الجرائم التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية. وتمثل التعاون في هدفين هما حماية الناس من ممارسة سلطة الدولة التعسفية وتحسين معايير الحياة.
معايير حقوق الإنسان الدولية بعد الحرب العالمية الثانية
عندما دخل الجنود الأميركيون إلى ألمانيا وساعدوا على تحرير شبكة معسكرات الاعتقال في نهاية الحرب العالمية الثانية، اكتشفوا ما أوضح سبب صراع العالم مع ألمانيا النازية. فقد وصف العريف راجين فاريس، وهو طبيب في الكتيبة الطبية 329، فرقة المشاة 104، المشاهد المروعة في معسكر نوردهاوزن الفرعي في مجمع معسكرات الاعتقال ميتلباو دورا قائلاً:
كان بعض الأسرى في غرف السجن المظلمة، وقد اعتلهم المرض وغرقوا في القذارة وأصيبوا بالإسهال وعانوا من سوء الغذاء. كان الدخول إلى تلك الزنزانات أشبه بالدخول إلى عصور الظلام للبحث عمن هو حي؛ كان أشبه بالذهاب إلى عالم آخر والعودة بهؤلاء الرجال المظلمين إلى الحياة بواسطة سيارة إسعاف أميركية. في إحدى الحفر التي أحدثتها القنابل، كانت عشرون جثة مكدسة. تمكنّا من سحب ثلاث أو أربع أشخاص ضعفاء ينازعون من أسفل الكدسة؛ كانوا قد حاولوا الخروج منذ خمسة أو ستة أيام إلا أن وزن الجثث المكدسة فوقهم كان أكبر مما استطاعت أجسادهم الهزيلة تحمله. ورأينا جثث أسرى على إحدى الضفاف وكانت قد مزقتها المدافع بينما كانوا يحاولون الهرب من غضب الحراس... قال لي أحد [المساجين] الباريسيين إن الكثيرين من بين القتلى الذين بلغ عددهم 3000 في المعسكر تعرضوا للضغوط وضربوا وأجبروا على العمل فوق طاقتهم إلى أن فقدوا قدرتهم على العمل وبعد ذلك تركوا للجوع أو قتلوا.[1]
وغير الرعب الذي سببته الحرب العالمية الثانية جذرياً رؤية العالم لحقوق الإنسان.
من "الأعمال الهمجية التي هزت ضمير العالم،" في الحرب العالمية الثانية، نشأ توافق جديد على وضع الدول معايير عالمية للسلوك. في العام 1948، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو مجموعة المعايير الدولية الأولى لحقوق الإنسان - معايير التزم أعضاء تلك المؤسسة الدولية الجديدة احترامها. ويعترف الإعلان العالمي بالحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وعلى الرغم من أن هذه الوثيقة غير ملزمة قانوناً بحد ذاتها، إلا أن المبادئ التي تحويها تعتبر اليوم ملزمة قانوناً للدول بما هي قانون عرفي دولي أو أحكام قانونية عامة أو أحكام أساسية للإنسانية.
ومن أهم مبادئ الإعلان
، أن "الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم." وتعدد المواد الثلاثون للإعلان العالمي مجموعة واسعة من الحقوق الأساسية بما في ذلك المبدأ القائل إن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه." وتشمل الحقوق الأخرى الحق بالهجرة واللجوء والحق بحرية التعبير والاشتراك في الجمعيات والتجمع ورفع العرائض وممارسة الشعائر الدينية، والحق بالمشاركة في المسائل الحكومية (الديمقراطية)؛ وتأمين ضمانات العدالة والتحرر من استبداد الدولة والحق بالعمل والترفيه وبمستوى معيشي مناسب.
واعتبرت حقوق فردية كثيرة في الإعلان العالمي عناصر أساسية لأي ديمقراطية قبل 1948. انظر الدستور الأميركي ووثيقة الحقوق والإعلان الإنكليزي لحقوق الإنسان عبر التاريخ.