النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

آية الله العظمى محمد باقر الصدر

الزوار من محركات البحث: 749 المشاهدات : 3733 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    Jeanne d'Arc
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 16,465 المواضيع: 8,043
    صوتيات: 10 سوالف عراقية: 0
    مقالات المدونة: 27

    آية الله العظمى محمد باقر الصدر

    آية الله العظمى محمد باقر الصدر


    محمد باقر بن السيد حيدر الصدر, هو مرجع ديني شيعي ومفكروفيلسوف إسلامي ومؤسس حزب الدعوة الإسلاميةبالعراق, ولد بمدينة الكاظمية يوم 25 ذو القعدة عام 1353هـ وقد نشأ يتيماً منذ صغره فتكفل به أخوه الأكبر آية الله إسماعيل الصدر الذي اهتم بتعليمه وتدريسه أيضاً, وقد ظهرت علامات النبوغ والذكاء عليه منذ صغره.
    نبذه عن حياته





    أخواله
    1. آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين.
    2. الشيخ راضي آل ياسين.
    3. آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين.
    الهجرة إلى النجف الأشرف



    النجف الاشرف
    في عام 1365 هـ هاجر أخوه إسماعيل الصدر إلى مدينة النجف الأشرف التي تعد أكثر المدن العلمية التي تحتضن مراجع الشيعة الإمامية, فاستأجروا داراً متواضعاً فيها. وقد كان أكبر همه هو استيعاب المناهج الدراسية والعلمية, وفي تلك الفترة ألف كتاباً يضم اعتراضاته على الكتب المنطقية بعنوان (رسالة في المنطق).
    في أوائل السنة الثانية عشرة من عمره درس كتاب "معالم الأصول" على يد أخيه إسماعيل الصدر فكان لفرط ذكائه يعترض على صاحب المعالم باعتراضات وردت في كتاب كفاية الأصول للخراساني. و من هذه الاعتراضات أنه ورد في بحث الضد في كتاب معالم الأصول الاستدلال على حرمة الضد بأن ترك أحدهما مقدمة للآخر. فاعترض عليه الصدر بقوله "إذاً يلزم الدور" فقال له إسماعيل الصدر "هذا ما اعترض به صاحب الكفاية على صاحب المعالم".





    أساتذته
    1. آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وهو خال الصدر وقد حضر عنده مرحلة البحث الخارج في صغره.
    2. آية الله الشيخ ملا صدرا البادكوبي وقد درس عنده الجزء الثاني من الكفاية والأسفار الأربعة.
    3. آية الله الشيخ عباس الرميثي.
    4. آية الله أبو القاسم الخوئي وقد درس عنده مرحلة البحث الخارج وقد كان أبو القاسم الخوئي أول من أجاز محمد باقر الصدر وقد كان يرجع طلابه إلى الصدر عند عدم فهمهم لبعض عناصر الدرس.
    5. آية الله الشيخ محمد تقي الجواهري وقد درس عنده الجزء الأول من الكفاية وجزءً من اللمعة.
    6. آية الله إسماعيل الصدر.
    كانت بعض الكتب الدراسية يناقشها ويتباحث فيها مع أساتذته فقط أو أنه يعرض عليهم الدرس. قال الصدر عن نفسه" إني لم أقلد أحداً منذ بلوغي سن الرشد". وقد كان الصدر في تلك الفترة قد كتب تعليقة على الرسالة العملية لخاله الشيخ محمد رضا آل ياسين المسماة بـ"بلغة الراغبين". من شواهد تواضع الصدر أن آية الله كاظم الحائري قال: "حدثني ذات يوم: أنه حينما كتب كتاب فلسفتنا أراد طبعه باسم جماعة العلماء في النجف الأشرف بعد عرضه عليهم متنازلاً عن حقه في وضع اسمه الشريف على هذا الكتاب. إلا أن الذي منعه عن ذلك أن جماعة العلماء أرادوا وضع بعض التعديلات في هذا الكتاب وكانت تلك التعديلات غير صحيحة في رأي أستاذنا الصدر ولم يكن يقبل بإجرائها فيه فاضطر أن يطبعه باسمه" وقد كان الصدر منهجاً خاصاً في تحصيل العلم إذ أنه كان يقرأ ويكتب ويفكر لمدة ستة عشر ساعةً في اليوم وأغلب الظن أن أكثر شيء يشتغل به هو التفكير.


    النشاط التدريسي





    كان الصدر مجلسان للتدريس:
    1. بحث الأصول, وكان يلقيه في مسجد الجواهري بعد أذان المغرب بساعة في الأيام الدراسية في الأسبوع.
    2. بحث الفقه, وكان يلقيه في جامع الطوسي في الساعة العاشرة صباح كل يوم من الأيام الدراسية
    مؤلفاته
    1. غاية الفكر في علم الأصول، وهو عشرة أجزاء طبع منه الجزء الخامس فقط وفقدت الأجزاء الأخرى.
    2. فدك في التاريخ، وهو كتيب كتب فيه بعض الملاحظات عن تاريخ فدك في سن الحادية عشر, ومع ذلك فإنه يعد مرجعاً بين الكتب الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع.
    3. فلسفتنا، وهو كتاب يناقش المذاهب الفلسفية وخاصةً الفلسفة الماركسية التي كانت تنتشر بحدة في أوساط العراقيين.
    4. اقتصادنا، وهو كتاب يتحدث فيه عن الاقتصاد الإسلامي ويناقش فيه النظريات الاقتصادية مثل الرأسمالية وغيرها.
    5. البنك اللاربوي في الإسلام.
    6. المدرسة الإسلامية.
    7. المعالم الجديدة للأصول.
    8. الأسس المنطقية للاستقراء.
    9. بحوث في شرح العروة الوثقى(أربعة أجزاء).
    10. موجز أحكام الحج.
    11. الفتاوى الواضحة.
    12. دروس في علم الأصول(جزءان)، وهو كتاب يدرس كمنهج في علم الأصول في مرحلة السطوح.
    13. بحث حول الولاية.
    14. بحث حول المهدي، وهو مقدمة لموسوعة محمد محمد صادق الصدر عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه).
    15. تعليقة على رسالة بلغة الراغبين.
    16. تعليقة على منهاج الصالحين.
    17. الإسلام يقود الحياة، وهو عبارة عن بعض المواضيع الإسلامية.
    18. المدرسة القرآنية، وهو عبارة عن محاضرات عن التفسير الموضوعي.
    19. أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف، وهو عبارة عن محاضرات جمعها بعض طلابه وطبعوها ككتاب.
    اللسيد الصدرقدس سره كتب أخرى صادرتها السلطة, منها كتاب لم يحدد له عنواناً ولكن موضوعه هو أصول الدين. و كتاب آخر عن تحليلي الذهن البشري. وقد كان الصدر في نيته تأليف كتاب بعنوان مجتمعنا. مقالات في بعض المجلات الفكرية التي كانت تنشر في صيدا ولة مقالة عن رجال الفكر في القرن السابع وممن ذكرهم الشيخ الزاهد عبد القادر الكيلاني ويقول عنه انه رجل مصلح وكان محبوب ومحترم من قبل العامة والخاصة ومن الطائفتين ومن اشاد بكتابه الفتح الرباني ويعتبره مؤلفه الحقيقي ومؤكدا ان الغنية كان قد تعرض للتحريف من قبل الاجيال القادمة واكد انه من المعيب تجير شخصية إسلامية اصلاحية كعبد القادر لطائفة بعينها ويؤكد ان عبدالقدر سيد حسني وانه سمع ذلك من مصطفى جواد نفسه ومن الجدير بالذكر ان للامام الخميني موقف مشابه من الكيلاني وتلميذه ابن عربي وللشهيد مرتضى مطهري في كتابه ايران والإسلام اشادة بالكيلاني وتاكيد على نسبه الحسني وهذا يدلل على عظمة الامام الصدر وانفتاحه الفكري على الإسلام عامة بكل مجارسه الفكرية وهذة المقالة ذكرها الدكتور يقظان سعدون العامرفي احدى محاظراته العامة وهذة امانة علميه وشهادة تاريخية خاصة بامام الامة الشهيد السعيد الصدر.


    استشهاده
    في مساء يوم 5 إبريل1980 تم إعدامه مع أخته بنت الهدى بالرصاص بأمر من الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفي اليوم التاسع من نفس الشهر بحدود الساعة التاسعة ليلاً قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الاشرف وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الامن إلى بيت محمد صادق الصدر وطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف وكان بانتظاره مدير أمن النجف فقال له : هذه جنازة الصدر وقد تم اعدامه وطلب منه أن يذهب معهم للدفن وبعد أن طلب محمد صادق الصدر أن يرى جثتيه شاهد محمد باقر الصدر مضرجاً بدمه وآثار التعذيب على كل مكان من وجهه .
    نص رسالة الطاغية صدام:
    لعلك تعلم ان مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام وان شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغة العصر . وان الذي نريد تطبيقه على واقع الحياة في وقتنا هذا هو أحكام الشريعة الغراء ولكن بلون متطور رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة . واننا نحب علماء الإسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون في ما لا يعنيهم من شؤون السياسة والدولة ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا على الناس؟
    ؟ ولماذا دعوتم الى القيام ضدنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ وقد أنذرناكم ونصحنا لكم واعذرنا إليكم في هذه الأمور جميعاً غير إنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم الا طريق العناد مما يجعل قيادة هذه الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء وحكمه في قانونها. وقد اقترحت رأفة بكم ان نعرض عليكم أمورا ان أنتم نزلتم على رأينا فيها أمنتم حكم القانون وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة ومسؤوليها تُقضى بها كل حاجاتكم وتُلبى كل رغباتكم، وان أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم سارياً عليكم مهما كانت الأحوال وأمورنا التي نختار منها ثلاثة لا يكلفكم تنفيذها اكثر من سطور قليلة يخطها قلمكم لتنشر في الصحف الرسمية وحديث تلفزيوني جواباً على تلك الاقتراحات لتعودوا بعد ذلك مكرمين معززين من حيث أنتم أتيتم لتروا من بعدها من فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر على بالكم. - أول تلك الأمور هو ان تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفرة. - ثانيهما ان تعلنوا تنازلكم عن التدخل في الشؤون السياسية وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشؤون الدولة. - ثالثهما ان تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها. وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الاثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم.
    رئيس مجلس قيادة الثورة / صدام حسين

    نص جواب الشهيد السعيد محمد باقر الصدرقدس سره:
    لقد كنت احسب أنكم تعقلون القول وتتعقلون، فيقل عزمكم إلزام الحجة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان، فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفتكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من امثلات الله ما هو حسبكم، زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد، ونشرت لكم من مكنون علمي ما يبلو غلوتكم لو كنتم إلى الحقيقة ظمأ، ويشفي سقمكم لو كنتم تعلمون إنكم مرضى ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون إنكم صرعى غواية، حتى حصحص أمركم وصرح مكنونكم، أضل سبيلاً من الأنعام السائبة، واقسي قلوباً من الحجارة الخاوية، واشره إلى الظلم والعدوان من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ الا غياً، ومع الزواجر إلا بغياً، أشباه اليهود وأتباع الشيطان، أعداء الرحمان، قد نصبتم له الحرب الضروس، وشننتم على حرماته الغارة العناء، وتربصتم بأوليائه كل دائرة، وبسطتم إليهم أيديكم بكل مساءة، وقعدتم لهم كل مرصد، وأخذتموه على الشبهات وقتلتموهم على الظنة على سنن آبائكم الأولين، تقتفون آثارهم وتنهجون سبيلهم لا يردعكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعجهم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الأهواء فتحولت بكم في المهالك، واتبعتم داعي الشهوات فأوردكم أسوأ المسالك، قد نصبتم حبائل المكر وأقمتم كمائن الغدر، لكم في كل ارض صريع وفي كل دار فجيع تخضمون مال الله فاكهين وتكرعون في دماء الأبرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس أعيى على التقويم او كالصخر الجامس، أعيى عن التفهيم فما بعد ذلك يأساً منكم . شذاذ الآفاق، وأوباش الخلق، وسوء البرية وعبدة الطاغوت وأحفاد الفراعنة. وأذناب المستعبدين. أظننتم أنكم بالموت تخيفونني وبكر القتل تلونني، وليس الموت الا سنة الله في خلقه (كلاً على حياضه واردون ) أوليس القتل على أيدي الظالمين الا كرامة الله لعباده المخلصين، فاجمعوا أمركم وكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فأمركم إلى تباب وموعدكم سوء العذاب لا تنالون من أمرنا ولا تطفئون نورنا وأعجب ما في أمركم مجيئكم لي بحيلة الناصحين تنتقون القول وتزورون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم وثواب الدنايا بهواكم. تريدون مني ان أبيع الحق بالباطل وان اشتري طاعة الله بطاعتكم وان أسخطه وأرضيكم وان اخسر الحياة الباقية لأربح الحطام الزائل، ضللت اذاً وما انا من المهتدين، تباً لكم ولما تريدون، أظننتم ان الإسلام عندي شيء من المتاع يشترى ويباع؟ او فيه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطى آي تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين، وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين، اتعدونني عليه وتوعدون وترغبونني عنه، فوالله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد، فان كان عندكم غير الموت ما تخيفونني به فامهلوا به او كان لديكم سوى القتل تكيدونني به فكيدون ولا تنتظروا لتبصروا ان لي بالجبال الشم شبيهاً من التعالي وان عندي من الرواسي شامخات ما تبلي من الرسوخ والثبات، قولوا لمن بعثكم ومن وراء اسيادهم ان دون ما يريدون من الصدر الف قتلة بالسيف او خضباً امر، وان الذي يريدونه مني نوع من المحال لا تبلغوه على اية حال، فوالله لن تلبثوا بعد قتلي الا اذلة خائفين تهول اهوالكم وتتقلب احوالكم ويسلط الله عليكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان يسيقكم مصاب الهزيمة والخسران ويذيقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء ويريكم ما لم ترتجوه من البلاء لا يزال بكم على هذا الحال حتى يحول بكم شر فأل جموع مثبورة صرعى في الروابي والفوات حتى اذا انقضى عديدكم وقل حديدكم ودمدم عروشكم وترككم ايادي سبأ اشتات بين ما أكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم في الأمصار فولوا الى شتى الأمصار وأورث الله المستضعفين أرضكم ودياركم وأموالكم فاذا قد أمسيتم لعنة تجدد على أفواه الناس وصفحة سوداء في أحشاء التأريخ.


    محمد باقر الصدر


    قصة محزنة ومبكية

    المفاوضات الاخيرة للسيد الصدر قدس سره

    لقد حدثت مفاوضات متعددة في الفترة الاخيرة التي سبقت استشهاده «رضوان الله عليه، وكانت كلها عقيمة، لان موقفه رحمه الله كان ثابتاً فيها جميعا، ولم تنجح أساليب الترهيب والترغيب في زعزعة موقفه أبداً. واذا كان الظروف والاوضاع لا تسمح لي بذكر كل التفاصيل الدقيقة، فلا حرج من ذكر ما يجوز منها على سبيل الاختصار، والايجاز.

    انّ آخر المفاوضات التي جرت، والتي استشهد «رضوان الله عليه» بعدها بأيام قليلة كانت بينه وبين مبعوث خاص ومفوض من قبل القصر الجمهوري، وقد طال كل لقاء من هذه اللقاءات أكثر من ثلاث ساعات، وهنا أسعى لحذف التفاصيل، وأقتصر على البعض المهم من فقراتها موكلاً التفصيل الى وقت آخر. بدأت المفاوضات الاخيرة بهذا الشكل:
    اتصل فاضل البراك مدير الأمن العام بالسيد الصدر «رض»، وقال له: انّ القيادة ستبعث لكم اليوم ممثلاً ليبحث معكم كافة القضايا، وأرجو ان تكون النتائج طيبة وايجابية. وبعد ساعة واحدة جاء «المبعوث» الخاص محاطاً بعدد من قوات الحماية، وطلب من الشهيدة بنت الهدى «رحمها الله» الاذن بلقاء السيد الشهيد «رضوان الله عليه» وكان مؤدباً حسن المعاملة والتصرّف قياساً بغيره من المسؤولين. دخل الى البيت بعد أن طلب من حمايته البقاء خارج المنزل، ومنعت قوات الامن التي تطوق منزل السيد الشهيد المرور من الزقاق، بما في ذلك السكان الذين تقع دورهم فيه. التقى هذا الشخص بالسيد الشهيد، وعرّف نفسه بأنه مبعوث خاص من قبل رئاسة الجمهورية، ومخوّل من قبلها، وكنّى نفسه بأبي علي. وبدأ خطوته بمجاملة حارة!

    وقال: يصعب على السيد الرئيس وعلينا هذا الوضع الذي لم نكن نرغب فيه، ولم نكن نتمنّى لكم هذا الوضع، وأرجو أن نتوفّق لحلّ هذه المشكلة، فأنت عربي منّا، ومفكّر اسلامي كبير.
    السيد الشهيد: اذا كنت تقصد الحجز فأنا لست متضايقاً منه.

    المبعوث: لا أعني الحجز وحده، بل الحالة غير الطبيعية بيننا.

    ثم قال: سيدنا، انني مخول من قبل القيادة لبحث كل القضايا والمشاكل، وان شاء الله سنتوصل الى حلّ لها في هذا اليوم يرضي الطرفين، وتعود الأمور الى طبيعتها، بل وتحدث بيننا محبة وصداقة.

    السيد الشهيد: تفضل.

    المبعوث: سيّدنا، إنّ ما حدث ـ في رجب ـ كان تحدياً للدولة، وقد اُهينت كرامتها، وهُتكت حرمتها، انّ مسؤولية ذلك تقع عليكم. وأحبّ أن أخبركم أنّ القيادة لم تتسامح مع أحد ـ بما في ذلك رفاق قياديين في حزب البعث ـ كما تسامحت معكم، انّ من أصحب الامور بالنسبة لنا هو كيفية التعامل معكم، انّ هذا من الأمور المعقّدة بالنسبة للقيادة، إنّ ما صدر منكم ممّا لا يمكن للقيادة تحمله.

    السيد الشهيد: وما الذي صدر منّي؟

    المبعوث: أشياء كثيرة، العلاقة بإيران، وفود المعارضة للسلطة، تحريم الانتماء لحزب البعث..

    السيد الشهيد: علاقتي بإيران لا تتجاوز علاقتي بالسيد الخميني، وهي علاقة العالِم بالعالِم، وأمّا تأييد الثورة الإسلامية فهو موقف ينسجم مع موقف السلطة، فأنتم أيضاً أيدتم الثورة الاسلامية.

    المبعوث: ولكن يجب أن يكون ذلك بموافقتنا، ومشورتنا، وما سوى ذلك يعتبر تحدياً لنا، وليس من حق أي مواطن أن يقيم علاقة بدولة، اننا نعتبر ذلك عمالة للأجنبي، وعلى كلّ حال فلأجل حلّ هذه المشكلة وضعت القيادة شروطاً، فإن استجبتم لها فسوف تنتهي هذه الأزمة وتعيش معزّزاً مكرّماً.

    السيد الشهيد: وما هي الشروط؟

    المبعوث:

    1ـ عدم تأييد الثورة الاسلامية في ايران، والاعتذار عمّا صدر منكم من مواقف بهذا الخصوص من خلال بيان يصدر منكم.

    2ـ وأن يتضمّن البيان شجباً صريحاً للوفود التي جاءت لتأييدكم في رجب.

    3ـ أن تُصدر فتوى خطّية تعلن فيها حرمة الانتماء لحزب الدعوة.

    4ـ التخلي عن فتواكم حول حرمة الانتماء لحزب البعث.

    5ـ إصدار بيان تؤيد فيه السلطة ولو في بعض منجزاتها كتأميم النفط، او منح الأكراد الحكم الذاتي، او محو الأمية.

    السيد الشهيد: وإذا لم أستجب لهذه المطالب؟

    المبعوث: الاعدام.

    السيد الشهيد: تفضّل، أنا الآن مستعد للذهاب معك الى بغداد لتنفيذ حكم الإعدام.


    قال لي السيد الشهيد «رضوان الله عليه» حينما سمع جوابي بقي متحيّراً مذهولاً، تارة ينظر اليّ، وتارة يطرق برأسه الى الأرض، وتغيّر لونه وكأنّه تفاجأ بالجواب، ثم التفت إليّ،

    وقال: هل هذا هو الجواب الأخير؟

    السيد الشهيد: نعم، لا جواب آخر عندي.

    المبعوث: ألا تفكّر بالأمر؟

    السيد الشهيد: لا فائدة.

    وانتهى اللقاء، ولكنه جاء في يوم آخر بمشروع جديد، كان يعتقد أنّ السيد الشهيد «رحمه الله» سيقبل به لما يحمل من إغراءات كبيرة،

    فقال المبعوث: سيدنا، انّ السيد الرئيس يعدكم في حال قبولكم بهذه الشروط بما يلي:

    1ـ سيقوم بزيارتكم، وتغطّى الزيارة من خلال وسائل الاعلام، ومنها التلفزيون.

    2ـ في خلال الزيارة سيقدّم السيد الرئيس صدام حسين سيارته الشخصية هدية لكم، وهذا أعلى مراتب التكريم والحفاوة، ولكي تطمئنوا الى صحة نوايانا فسوف لا نطلب منكم نشر البيان قبل أن تشاهدوا ذلك من التلفزيون.

    3ـ تكون أوامركم وطلباتكم نافذة في دوائر الدولة، وبهذا نكون قد بدأنا صفحة جديدة من الصداقة والمحبة، لأننا أقرب إليك من الخميني، وأنت أقرب الينا منه.

    السيد الشهيد: موقفي هو الموقف السابق.

    المبعوث: نحن لا ندري ماذا تريد، والله (بشرفي) إنّ القيادة لم تتنازل لأحد بهذا المقدار، والله لقد نفّذنا الإعدام بأشخاص عارضونا أقلّ من هذا، وكان منهم رفاق في الحزب فلماذا هذا الإصرار؟ ماذا تريد أن نفعل؟

    السيد الشهيد: أنا لم أطلب منكم شيئاً، وكما قلت لكم إذا كان الحلّ لهذه الأزمة هو الإعدام فأنا مستعد لذلك، ولا كلام آخر عندي.

    ظلّ هذا المبعوث ساكتاً، ولم يتكلّم بشيء، وبعد فترة عاد الى الحديث، ففاوض السيد الشهيد «رحمه الله» على الشروط متنازلاً عنها الواحد تلو الآخر، والسيد الشهيد مصرّ على موقفه، بعدها

    قال المبعوث :سيّدنا، بقي شيء لابدّ منه، كما أنّه ليس من حقّي أن تنازل عنه مطلقاً.

    السيد الشهيد: ما هو؟

    المبعوث: أن توافق على اجراء مقابلة مع صحيفة أجنبية، وان شئت أن تكتب الاسئلة بنفسك فلا مانع ـ حتى لو كانت فقهية ـ، ولكن بشرط أن تؤكّد في المقابلة أن لا عداء بينكم وبين السلطة او تشيد ببعض انجازاتنا كمحو الأمية، او تأميم النفط، او منح الأكراد الحكم الذاتي، وفي مقابل ذلك نتعهّد بتنفيذ كلّ التعهّدات السابقة.

    السيد الشهيد: وإذا لم أفعل؟

    المبعوث: الإعدام، بشرفي لا حلّ غيره.

    السيد الشهيد: أنا مستعد، ولا كلام آخر عندي.

    وتحيّر المبعوث، وظلّ ساكتاً فترة طويلة، ثم قام وودّع السيد الشهيد، وجرت دموعه على وجهه، وقال بلهجته العامية: «حيف مثلك تاكله الكاع ـ أي الأرض ـ حيف، والله حيف».

    وكانت هذه المفاوضات قد جرت في آخر شهر من أشهر الحجز.

    بعد أن انتهى هذا اللقاء قلت للسيد الشهيد «رحمه الله» وكانت اخته الشهيد بنت الهدى حاضرة: إنّ الشرط الأخير لا يعتبر مهماً، ولا يُفسّر قبلوكم به على أنّه تنازل، ثمّ مَنّ لا يعذركم وأنتم تعيشون هذه
    الظروف القاسية وقد تخلى عنكم الجميع. إنّ حياتكم أهمّ للإسلام وللعمل الإسلامي في العراق، واذا كان الحجز قد كشف لكم عن حقائق هامّة، وغيّر من تصوّراتكم عن بعض القضايا، فمن سيستفيد من هذه التجربة ان أنتم استشهدتم. انني أرى أن نستفيد من هذه الفرصة ونهيئ أنفسنا للفرار من العراق، واذا كنتم لا ترغبون بالخروج من العراق فلنذهب الى منطقة آمنة في شمال العراق، فمن هناك يمكن أن تقودوا العمل بشكل أفضل مما هو في الحجز.

    لقد تحدّثت معه «رضوان الله عليه» كثيراً حول هذا الموضوع، وتحدثت معه أيضاً الشهيدة بنت الهدى، ولكن دون جدوى، فقد أجابني بأن رفع رأسه الى السماء وقال:

    «اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد أن ترزقني الشهادة وأنت راض عنّي، اللّهمّ أنت تعلم أنّي ما فعلت ذلك طلباً للدنيا، وإنم ا أردتُ به رضاك، وخدمة دينك، اللّهمّ ألحقني بالنبيين والأئمّة والصدّيقين
    والشهداء، وأرحني من عناء الدنيا».
    ثم كفكف دموعه، وغسل وجهه، وكان يحرص قدر المستطاع أن لا يدخل الحزن على قلوب عائلته وأطفاله، فأمر الشهيدة بنت الهدى أن لا تخبر أحداً بنتيجة هذا اللقاء.
    وكنت أحس منه بعد تلك المفاوضات أنّه كان ينظر الى أطفاله برقّة وعطف، إذ كانت تعلو وجهه ابتسامة يشوبها الحزن كلما نظر الى أحدهم، وهذه الحالة لم أكن أعهدها منه قبل هذه الفترة، وكأنّه قد أيقن أنّ أجله قد حان.

    الرؤيا:

    وبعد فجر ذلك اليوم جاء «رضوان الله عليه» فأيقظني للصلاة، فقمت وصلّيت الفجر، ثم قال لي: إنّي اُبشّر نفسي بالشهادة إن شاء الله.
    قلت: خيراً إن شاء الله.
    فقال: «رأيت في عالم الرؤيا أنّ خالي المرحوم الشيخ مرتضى آل ياسين وأخي المرحوم السيد إسماعيل الصدر قد جلس كل واحد منهم على كرسيّ، وتركوا كرسياً لي بينهما، وهما ينتظران قدومي إليهما، ومعهم ملايين البشر ينتظروني أيضاً، ووصفا لي النعيم وما هما فيه من سعادة لاتتصوّر».

    فقلت: لعلّ هذه الرؤيا تدل على الفرج والنصر إن شاء الله.

    فقال: إنّ الشهادة أعظم نصر إن شاء الله.

    إرهاصات ما قبل الإعدام:

    بعد فشل كافة المفاوضات والمحاولات مع السيد الشهيد «رحمه الله» للحصول ولو على أبسط قدر من التنازل للسلطة، لأجل حفظ ماء الوجه ـ حسب تعبيرهم ـ قرّروا تنفيذ حكم الإعدام بشهيدنا المظلوم، ومفجّر ثورتناالعظيم.

    وقد مهّدت السلطة لذلك باتخاذ عدة اجراءات وخطوات، كان أهمّها ما يلي:

    1ـ أعلن الحزب العميل لكوادره عن عزم السلطة على تنفيذ هذه الجريمة، وطلب منهم الإعلام عن ذلك على نحو الاحتمال لا اليقين، تمهيداً لتهيئة الارضية ولمعرفة ردود الفعل الجماهيرية على تلك الجريمة لو حدثت.

    وأتذكّر أنّ الحاج عباس ـ خادم السيد ـ جاء بعد ظهر يوم من تلك الأيام مضطرباً خائفاً وهو يبكي، فأخبر السيد الشهيد «رحمه الله» بأنّ اشاعة قوية انتشرت بين الناس مؤدّاها: أنّ السلطة ستنفّذ حكم الإعدام بالسيد الصدر في المستقبل القريب.

    فقال له (رضوان الله عليه): «لقد بشّرتني، بشّرك الله بكلّ خير».

    2ـ عرض تلفزيون السلطة مقابلة مع أحد المعارضين ـ ولست أعرف مضمون هذه المقابلة ولا الشخص المتّهم ـ ذكر فيها اسم السيد الشهيد الصدر استطراقاً خلال حديثه عن حزب الدعوة الإسلامية.

    3ـ ثم جاء حادث المستنصرية المعروف وما تلاه من ضرب المشيّعين الذين كانوا في موكب تشييع من قتل في ذلك الحادث. ومن خلال شاشة التلفزيون أعلن صدام التكريتي انه سينتقم لتلك الدماء، فقال: «والله.. والله..والله.. إنّ هذه الدماء التي جرت على أرض المستنصرية لن تذهب سدى».

    وأثناء زيارته للجرحى في المستشفى قالت له احدى الجريحات: سيّدي سفّرالإيرانيين، فقال لها: نعم، سنفعل ذلك.

    وكان ذلك قبل أن تبثت التحقيقات أنّ منفّذ العملية من أصل ايراني، وماهي الاّ ساعات قليلة حتى شنت السلطة حملة هائلة لتهجير حتى العراقين الذين يحملون شهادات الجنسية من الدرجة الاُولى! فأحدث ذلك رعباً عظيماً بين الناس. ورافق حملة التهجير عمليات اعتقال كبيرة للشباب المؤمنين الذين كانت السلطة تعتقد أنّ ردّ الفعل سيصدر منهم في حال إعدام السيد الشهيد«قدس سره».

    وبعد أيّام قليلة من علم السيد الشهيد بتلك المؤشرات أمرني بالخروج من البيت،

    وقال لي: «إنْ قَتَلك هؤلاء فسوف يضيع تاريخ هذه الفترة من حياتي». وكان من الطبيعي أن لا أستجيب،

    وقلت له: هل يجوز أن أتخلّى عنك وأنت في هذه الظروف؟! لا والله، لا يكون ذلك أبداً،

    فقال لي: «إذا حدث، وجاء هؤلاء الطغاة لاعتقالي، فلا تخرج معي، إنّي اُحرّم عليك ذلك».

    وكان قد كتب رسالة أشبه ما تكون بوصية عامّة،

    وقال لي: «يجب عليك أن تسلّم تلك الرسالة الى السيد الهاشمي إن تمكنّنت من ذلك وكتب الله لك السلامة من هؤلاء».

    ثم طلبت منه مسبحة كانت بيده، وقلت له: اُريدها أن تبقى ذكرى،

    فقال: «هاك خذها»، وهي عندي مازلت أحتفظ بها.

    أما الرسالة فقد بقيت نسختها الأصلية عند سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم «حفظه الله» وقد استنسختها بخطي قبل خروجي من العراق، وأخفيتها في جهاز راديو صغير، ولم أحمل النسخة الأصلية خوفاً من أن اُعتقل، وتضيع آخر رسالة، او وصيّة للسيد الشهيد «رحمه الله»، ولمّا وصلت الى ايران سلّمتها لسماحة آية الله السيد محمود الهاشمي «حفظه الله» حسب وصية السيد الشهيد «رحمه الله».

    اليوم الأسود:

    في اليوم الخامس من شهر نيسان الأسود عام 1980م وفي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر جاء المجرم مدير أمن النجف ومعه مساعده الخبيث (أبو شيماء) فالتقى بالسيد الشهيد «رضوان الله عليه» وقال له: إنّ المسؤولين يودّون لقاءك في بغداد.

    فقال السيد الشهيد: اذا أمروك باعتقالي فنعم، أذهب معك الى حيث تشاء.

    مدير الأمن: نعم، هو اعتقال.

    السيد الشهيد: انتظرني دقائق حتى أودّع أهلي.

    مدير الأمن: لا حاجة لذلك ففي نفس هذا اليوم او غد ستعود.

    السيد الشهيد: وهل يضرّكم أن اُودّع أطفالي وأهلي؟

    مدير الأمن: لا، ولكن لا حاجة لذلك. ومع ذلك فافعل ما تشاء.

    فقام «رضوان الله عليه» وودّع أهله وأطفاله. وهذه هي المرّة الوحيدة التي أراه يودّعهم من بين الاعتقالات التي تعرّض لها. ثم عاد والابتسامة تعلو وجهه،
    فقال لمدير أمن النجف، هيّا بنا نذهب الى بغداد.،

    وذهب السيد الشهيد «رحمه الله الى بغداد لينال الشهادة، ويفي لشعبه بوعده حينما خاطبه قائلاً:

    «وأنا أعلن لكم يا أبنائي أنّي صممت على الشهادة، ولعلّ هذا آخر ما تسمعونه منّي، وأنّ أبواب الجنّة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء، حتى يكتب الله لكم النصر، وما ألذّ الشهادة التي قال عنها رسول الله «ص»:«إنّها حسنة لا تضرّ معها سيئة، والشهيد بشهادته يغسل كلّ ذنوبه مهما بلغت..».

    كانت أولى بوادر الشؤوم أنّ السلطة قامت بسحب كافّة قواتها من الزقاق، وذهبت الشهيدة بنت الهدى تستطلع الأمر فلم تجد أحداً منهم، فعلمنا أنّ هذا الاعتقال نذير شؤم.

    وذهبت الشهيد «رضوان الله عليها» الى غرفتها، فأبدلت ملابسها بأخرى وربطت كمّي ثوبها على معصميها ظناً منها بأنّها ستسترها حين التعذيب،

    وقالت لي: أترى أنّ هذا يسترني؟
    فقلت لها: سوف لا تتعرضين للاعتقال إن شاء الله، وجرى حديث آخر بيني وبينها لا أجد ضرورة لذكره.

    وجاء الليل، وأي ليلة كانت، فلقد خيّم فيها الحزن على قلوب طاهرة، عانت من العذاب والحرمان أكثر من تسعة أشهر لينفجر صباحها عن تطويق جديد لمنزل السيد الشهيد، فهل جاء هؤلاء لأنّ السيد الشهيد سيعود من بغداد سالماً ويُحتجز مرّة اخرى؟ كُنّا نقول: يا ليت ذلك، إنّها نعمة ما أعظمها.

    أمّا الشهيدة بنت الهدى، فقد قالت: كلاّ، إنّ هؤلاء جاءوا لاعتقالي؟

    فاستعدت، وتهيأت، وكانت والله كأنّها زينب اُخت الحسين عليه السلام في صبرها، ورباطة جأشها، وشجاعتها.

    وفي اليوم السادس من نيسان الأسود جاء المجرم الخبيث مساعد أمن النجف المعروف بـ «أبي شيماء» ولم تسمح له السيدة بالدخول الى الدار،

    فقال لها: علوية، إنّ السيد طلب حضورك الى بغداد.

    فقالت: نعم سمعاً وطاعة لأخي إن كان قد طلبني، ولا تظنّ أنّي خائفة من الإعدام، والله إني سعيدة بذلك، إنّ هذا طريق آبائي وأجدادي.

    ضابط الامن: لا علوية، بشرفي إنّ السيد طلب حضورك.

    أجابته الشهيدة مستهزئة: صدقت، بدليل ان قواتكم طوّقت بيتنا من جديد.

    ثم قالت له: دعني قليلاً، وسوف أعود اليك، ولا تخف فأنا لن أهرب، وأغلقت الباب بوجهه.

    ثم جاءتني وقالت لي:

    «أخي أبا علي، لقد أدّى أخي ما عليه، وأنا ذاهبة لكي أؤدّي ما عليّ،، إن عاقبتنا على خير.. أوصيك باُمّي وأولاد أخي، لم يبق لهم أحد غيرك،

    إنّ جزاءك على اُمّي فاطمة الزهراء، والسلام عليك..».

    قلت لها: لا تذهبي معهم.

    فقالت: لا والله حتى اُشارك أخي في كل شيء حتى الشهادة.

    ويشهد الله، لقد صُعقت وأنا استمع اليها، وتحيّرت ماذا سأقول لهذا الجبل الشامخ من الإيمان، والفداء، والشجاعة، وهي تهزأ بالموت والتعذيب من أجل الله تعالى.

    خبر الإستشهاد والدفن:

    وفي مساء يوم التاسع من نيسان 1980م، وفي حدود الساعة التاسعة او العاشرة مساءاً قطعت السلطة

    التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف. وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الامن الى دار المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر «رحمه الله»، وطلبوا منه الحضور معهم الى

    بناية محافظة النجف، وكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن النجف «ابو سعد»،

    فقال له: هذه جنازة الصدر، تم اعدامه، وطلب منه أن يذهب معهم لدفنه.

    فقال المرحوم السيد محمد صادق الصدر: لابدّ لي من تغسيله.

    فقال له مدير الأمن: قد تمّ تغسيله وتكفينه.

    فقال: لابدّ من الصلاة عليه.

    فقال مدير الأمن: نعم، صلّ عليه.

    وبعد أن انتهى من الصلاة

    قال له مدير الأمن: هل تحبّ أن تراه؟

    فقال: نعم.

    فأمر الجلاوزة بفتح التابوت، فشاهد السيد الشهيد «رضوان الله عليه»مضرّجاً بدمائه، وآثار التعذيب على كلّ مكان من وجهه.

    ثم قال له: لك أن تُخبر عن إعدام السيد الصدر، ولكن إيّاك أن تُخبر عن إعدام بنت الهدى، إنّ جزاءك سيكون الإعدام.

    ولما حانت وفاة المرحوم السيد محمد صادق الصدر «قدس سره» أخبر عن شهادة بنت الهدى.

    وقد دفن السيد الشهيد في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف في مكان أعرفه على نحو الإجمال.

    ويذكر ان المجرم صدام التكريتي قام بنفسه بقتل السيد الشهيد الصدر واخته بنت الهدى ـ رضوان الله عليهما ـ فهو الذي أطلق النار عليهما بعد أن شارك في تعذيبهما.

    إن مصادر ثلاثة روت لي المأساة واتفقت على كيفية التعذيب والاعدام وهذه هي القصة كما يرويها أحد أفراد قوات الأمن ممن كان حاضراً في غرفة الاعدام والعهدة عليه.

    قال: (أحضروا السيد الصدر الى مديرية الامن العامة فقاموا بتقييده بالحديد ثم جاء المجرم صدام التكريتي وأخذ يهشم رأسه ووجه بسوط بلاستيكي صلب. وحدث جدال بينهما مما أثار المجرم صدام فأمر جلاوزته بتعذيب السيد الشهيد الصدر تعذيباً قاسياً. ثم أمر بجلب الشهيدة بنت الهدى ـ ويبدو أنها كانت قد عذبت في غرفة اخرى ـ

    جاءوا بها فاقدة الوعي يجرونها جراً فلما رآها السيد الشهيد استشاط غضباً ورق لحالها ووضعها. فقال لصدام: اذا كنت رجلاً فك قيودي.

    فأخذ المجرم سوطا وأخذ يضرب العلوية الشهيدة وهي لا تشعر بشيء ,وآثار التعذيب الوحشي بدت عليها مما جعل السيد الصدر في حالة من الغضب فقال للمجرم صدام (لو كنت رجلا فجابهني وجهاً لوجه ودع اختي ولكنك جبان وأنت بين حمايتك )فغضب المجرم وأخرج مسدسه فأطلق النار عليه ثم على اخته الشهيدة وخرج كالمجنون يسب ويشتم).

    التكتّم على الجريمة:

    وضربت السلطة العفلقية المجرمة طوقاً من التعتيم على جريمتها النكراء، فلم يعلم بالحادث الاّ القليل من أبناء النجف الذين تسرّب اليهم الخبر عن طريق بعض (الدفّانة) الذين يعملون في مقبرة النجف المسمّاة بـ(وادي السلام).
    وكانت السلطة تنفي في بعض الاحيان وقوع الجريمة، وفي أحيان اخرى تثبتها، وكان النفي والإثبات يتم عن طريق كوادر حزب البعث العميل، فوقع الناس في حيرة شديدة، ولا أحد يستطيع أن يشخّص الموقف العملي المناسب تجاه هذه الجريمة الكبرى. وكانت الاسماع في تلك الفترة متجهة الى اذاعة الجمهورية الاسلامية في ايران ـ القسم العربي ـ فكان أملهم أن تنجلي الحيرة بما سوف يُذاع عن هذا الأمر الخطير من خلالها. ويظهر أنّ خبر استشهاد السيد الصدر «رحمه الله» وصلهم بعد وقوع الجريمة بعدة أيام، فأعلن الإمام الراحل السيد الخميني «رحمه الله» نبأ الاستشهاد من خلال بيان تأبيني مهم، ومنه عرف الناس بوقوع الجريمة الكبرى.
    وهكذا خسر العالم الإسلامي والشعب العراقي خسارة لن تُعوّض، وفقدا علماً خفّاقاً في سماء الإيمان والعلم والمعرفة. اغتالته يد الطاغية الجبّار، المولع بدماء المؤمنين الأبرار المجرم صدّام حسين التكريتي. فويل لكلّ جبّار أثيم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). __________________

    وحيث سنابك خيل الطغاة جالت عليه ولم يخشع








    Wikipedia
    بعص المواقع الشيعية
    تحياتي Sally

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    ابو مـــريم
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: واسط
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,430 المواضيع: 220
    التقييم: 329
    مزاجي: متفائل
    المهنة: موظف
    موبايلي: nokia n 8
    آخر نشاط: 8/November/2023
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى الصديق إرسال رسالة عبر MSN إلى الصديق إرسال رسالة عبر Yahoo إلى الصديق
    مقالات المدونة: 1

    السلام عليك يا فيلسوف العصر
    شكرا لك اختي العزيزة على ماقدمت من موضوع رائع وقيم
    تحياتي لك وتقبلي مروري

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: Iraq-wasit
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 44,726 المواضيع: 6,190
    صوتيات: 287 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 81188
    مزاجي: بشوش يعني مبتسم
    المهنة: موظف
    أكلتي المفضلة: المشاوي
    موبايلي: +galaxy note10
    آخر نشاط: منذ 4 ساعات
    مقالات المدونة: 2
    بارك الله بيج سالي تقرير اكثر من رائع يستحق التقييم تحياتي

  4. #4
    صديق مؤسس
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الدولة: بصف جيراني
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 525 المواضيع: 68
    التقييم: 48
    آخر نشاط: 29/April/2010
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى Alaa إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Alaa
    باقر الصدر منا سلاما

    السلام على الصدر الشهيد ,,,شكرا الأخت العزيزة سالي على الكلمات الرائعة و التقرير الجميل لحياة فيلسوف ظلم من الناس و من السلطة.

    تحياتي لك

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال