ورق السيلوفان.. اكتشاف الصدفة
كان الكيميائي جاك براندربيرجر السويسري، ومهندس النسيج، يتناول الطعام مع زوجته في أحد المطاعم الفاخرة عندما سكب أحد رواد المطعم زجاجة النبيذ على مفرش الطاولة. وفيما كان النادل يغير مفرش الطاولة، فكر جاك لم لا يكون هنالك غطاء شفاف مرن ومقاوم للماء يحمي الأسطح من البقع. بيد أن هذه الفكرة يعود تاريخها إلى عام 1900م عندما فكر حينذاك بصناعة طبقة رقيقة شفَّافة تفيد في مجال الوقاية والعزل والتغليف.
معظم الابتكارات جاءت محض صدفة لا أكثر، أو نتيجة لحاجة ملحة لأداة أو وسيلة ما. وورق السيلوفان لم يشذ عن هذه القاعدة. ابتكر ورق السيلوفان لأول مرة في عام 1908م بعد حادثة طارئة في مطعم.
ولكن التفكير استغرق ثماني سنوات قبل أن يضع فكرته هذه موضع التطبيق، فبادر بإجراء عدة تجارب استخدم فيها شتى المواد ومن بينها الفيسكوس السائل (وهي مادة سيليلوزية تعرف بالرايون) للتغليف ولكنها كانت صلبة جداً، ففشلت تجربته، ولكنه لاحظ أن الغطاء تقشر وكانت القشرة طبقة شفافة ورقيقه للغاية. وفي عام 1908م، ابتكر براندربيرجر أول ماكينة لتصنيع الرقائق الشفافة من السيليوز، وفي عام 1912م، استطاع تصنيع رقائق مرنة خفيفة قابلة للتغليف استعملت في أقنعة الغاز. وقد سمّى هذه المادة الجديدة بالسيلوفان، وهي كلمة مشتقة من الكلمتين الفرنسيتين (سيلو) من سيليلوز وديافين (أي، شفاف). وفي عام 1917م، ضم براندربيرجر ابتكاراته إلى جمعية السيلوفان. وفي عام 1919م.
انتشرت هذه المادة بشكل عام بين الناس وفي 1927م، تم تحسين المادة بإضافة مادة مقاومة للماء. وكانت الفكرة الأساسية من تصنيعها هو إيجاد مادة أو أغطية مانعة للبقع التي تحدثها السوائل على الطاولات، ولكن تم تطوير المادة بعد ذلك لتدخل في صناعات شتى. كان أول زبون لمادة السيلوفان هي شركة وايتمان الأمريكية للحلويات التي استعملت السيلوفان لتغليف قطع الحلوى واستمرت وايتمان باستيراد المادة من فرنسا لغاية 1924م عندما بدأت شركة دوبونت الأمريكية بتصنيع وبيع مادة التغليف. إن العامل الأهم الذي أسهم في نمو وانتشار إنتاج شرائح السيلوفان هو عزلها الكامل للسوائل ويرجع الفضل في تطوير هذه المادة إلى وليم هيل (1898-1958م) الباحث في شركة دوبونت، الذي تمكَّن من الحصول على ابتكار هذه المادة عام 1927م. لقد استطاع هيل وفريقه البحثي من التوصل إلى صناعة طبقة من السيلوفان المقاومة للرطوبة مما سمح بدخولها في صناعة تغليف الأطعمة من أوسع أبوابها. وبعد اختبار أكثر من ألفي بديل، ابتكر هيل وفريقه طريقة عملية لصناعة شرائح السيلوفان المقاومة للماء. وفي عملية تصنيع هذه المادة، يتم إدخال مادة الفيسكوز عبر شق ضيق يوصل إلى حمام حامض، ويقوم الحامض بإعادة توليد السيليوز، مكوناً طبقة رقيقة جداً، وبمرورها بعمليات معالجة أخرى، كالتنظيف والقصر، تتكون مادة السيلوفان. أما الاسم التجاري للسيلوفان فقد تم تسجيله حالياً تحت اسم «إنوفيا».