شُكراً لكم .. |
شُكراً لكم . . |
فحبيبتي قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم |
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ |
وقصيدتي اغْتِيلتْ .. |
وهل من أُمَّـةٍ في الأرضِ .. |
- إلا نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟ |
بلقيسُ ... |
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ |
بلقيسُ .. |
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ |
كانتْ إذا تمشي .. |
ترافقُها طواويسٌ .. |
وتتبعُها أيائِلْ .. |
بلقيسُ .. يا وَجَعِي .. |
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ |
هل يا تُرى .. |
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟ |
يا نَيْنَوَى الخضراءَ .. |
يا غجريَّتي الشقراءَ .. |
يا أمواجَ دجلةَ . . |
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا |
أحلى الخلاخِلْ .. |
قتلوكِ يا بلقيسُ .. |
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ .. |
تلكَ التي |
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟ |
أين السَّمَوْأَلُ ؟ |
والمُهَلْهَلُ ؟ |
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟ |
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ .. |
وثعالبٌ قَتَـلَتْ ثعالبْ .. |
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ .. |
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما .. |
تأوي ملايينُ الكواكبْ .. |
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ |
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟ |
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟. |
بلقيسُ |
لا تتغيَّبِي عنّي |
فإنَّ الشمسَ بعدكِ |
لا تُضيءُ على السواحِلْ . . |
سأقول في التحقيق : |
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ |
وأقول في التحقيق : |
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ .. |
وأقولُ : |
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ .. |
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ |
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ .. |
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ .. |
ما بين الحدائقِ والمزابلْ |
بلقيسُ .. |
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ .. |
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ .. |
سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا |
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ .. |
يا أعظمَ المَلِكَاتِ .. |
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ |
بلقيسُ .. |
يا عصفورتي الأحلى .. |
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى |
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ |
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ |
ذاتَ يومٍ .. من ضفاف الأعظميَّةْ |
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا .. |
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ |
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا .. |
وفي مفتاح شِقَّتِنَا .. |
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا .. |
وفي وَرَقِ الجرائدِ .. |
والحروفِ الأبجديَّةْ ... |
ها نحنُ .. يا بلقيسُ .. |
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ .. |
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ .. |
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ .. |
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ .. |
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ |
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ |
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا .. |
صارَ القضيَّةْ .. |
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟ |
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ |
كانتْ مزيجاً رائِعَاً |
بين القَطِيفَةِ والرخامْ .. |
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا |
ينامُ ولا ينامْ .. |
بلقيسُ .. |
يا عِطْرَاً بذاكرتي .. |
ويا قبراً يسافرُ في الغمام .. |
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ |
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ .. |
بلقيسُ .. |
ليستْ هذهِ مرثيَّةً |
لكنْ .. |
على العَرَبِ السلامْ |
بلقيسُ .. |
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. |
والبيتُ الصغيرُ .. |
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ |
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ |
ولا تروي فُضُولْ .. |
بلقيسُ .. |
مذبوحونَ حتى العَظْم .. |
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري .. |
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟ |
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟ |
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟ |
هل تأتينَ باسمةً .. |
وناضرةً .. |
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟ |
بلقيسُ .. |
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ .. |
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً .. |
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً .. |
بينَ المرايا والستائرْ |
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها |
لم تنطفئْ .. |
ودخانُهَا |
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ |
بلقيسُ .. |
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ .. |
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ |
بلقيسُ .. |
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي .. |
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ .. |
يا زوجتي .. |
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني .. |
قد كنتِ عصفوري الجميلَ .. |
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟.. |
بلقيسُ .. |
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ .. |
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ .. |
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟ |
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا .. |
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟ |
بلقيسُ .. |
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي .. |
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها |
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ .. |
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها .. |
وأطفأتِ القَمَرْ .. |
بلقيسُ .. |
يا بلقيسُ .. |
يا بلقيسُ |
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ .. |
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا .. |
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً |
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟ |
بلقيسُ .. |
كيفَ تركتِنا في الريح .. |
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟ |
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ |
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ .. |
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟ |
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ) |
بلقيسُ .. |
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً .. |
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً .. |
وغابَةَ خَيْزُرَانْ .. |
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً .. |
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟ |
بلقيسُ .. |
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ .. |
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ .. |
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ .. |
ضاقَ بنا المكانْ .. |
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ .. |
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ .. |
بلقيسُ .. |
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا .. |
وتجلُدني الدقائقُ والثواني .. |
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ |
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ |
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ .. |
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ |
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ .. |
على الستائرِ .. |
والمقاعدِ .. |
والأوَاني .. |
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ .. |
من الخواتم تطْلَعِينَ .. |
من القصيدة تطْلَعِينَ .. |
من الشُّمُوعِ .. |
من الكُؤُوسِ .. |
من النبيذ الأُرْجُواني .. |
بلقيسُ .. |
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ .. |
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ .. |
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ .. |
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ .. |
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ .. |
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ .. |
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ .. |
وتدخُلينَ على الضيوفِ .. |
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني .. |
بلقيسُ .. |
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟ |
والوَلاّعةُ الزرقاءُ .. |
أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي |
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟ |
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً .. |
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ .. |
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها .. |
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا .. |
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟ |
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي .. |
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ .. |
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ... |
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ |
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ |
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟ |
إنَ الكلامَ فضيحتي .. |
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا .. |
عن نجمةٍ سَقَطَتْ .. |
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا .. |
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ .. |
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ |
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ .. |
بلقيسُ : |
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ .. |
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ |
بلقيسُ : |
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ .. |
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ .. |
ويبقُرَ بطْنَنَا عَرَبٌ .. |
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ .. |
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟ |
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً |
بين أعناقِ الرجالِ .. |
وبين أعناقِ النساءْ .. |
بلقيسُ : |
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا |
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ .. |
وتنتهي في كَرْبَلاءْ .. |
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم |
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ .. |
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ .. |
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ |
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ... |
البحرُ في بيروتَ .. |
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ .. |
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ |
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا .. |
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ |
الحُزْنُ يا بلقيسُ .. |
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ .. |
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ |
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ .. |
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ .. |
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ .. |
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي |
وخاصِرَةِ العبارَةْ .. |
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ .. |
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى .. |
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟ |
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ .. |
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ .. |
بلقيسُ : |
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ .. |
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ .. |
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ .. |
سَأَقُولُ في التحقيقِ .. |
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ .. |
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ .. |
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي .. |
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ .. |
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ .. |
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ .. |
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ |
وأنْ لا فَرْقَ .. |
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !! |
سَأَقُولُ في التحقيق : |
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ |
وأقُولُ : |
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ |
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ .. |
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ .. |
حتّى العيونُ الخُضْرُ .. |
يأكُلُهَا العَرَبْ |
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ |
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ .. |
حتّى النجومُ تخافُ من وطني .. |
ولا أدري السَّبَبْ .. |
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني .. |
و لا أدري السَّبَبْ .. |
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ |
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ .. |
وجميعُ أشياء الجمالِ .. |
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ .. |
لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ |
يا بلقيسُ ، |
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ |
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ |
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟ |
بلقيسُ .. |
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني |
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ |
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ .. |
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ .. |
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ .. |
يا بلقيسُ .. |
يا أَحْلَى وَطَنْ .. |
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ .. |
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ .. |
ما زلتُ أدفعُ من دمي .. |
أعلى جَزَاءْ .. |
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ |
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً .. |
مثلَ أوراق الشتاءْ |
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟ |
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ |
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟ |
أم أنّني وحدي الذي |
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟ |
سَأقُولُ في التحقيق : |
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ |
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ .. |
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ .. |
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ .. |
ويَعْتَدُونَ على النساءِ .. |
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ .. |
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ .. |
ويأكُلُونَ .. |
ويَسْكَرُونَ .. |
على حسابِ أبي لَهَبْ .. |
لا قَمْحَةٌ في الأرض .. |
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ |
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا |
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً .. |
فِراشَ أبي لَهَبْ !!... |
لا سِجْنَ يُفْتَحُ .. |
دونَ رأي أبي لَهَبْ .. |
لا رأسَ يُقْطَعُ |
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ .. |
سَأقُولُ في التحقيق : |
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ |
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا |
وخاتَمَ عُرْسِهَا .. |
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي |
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ .. |
سَأَقُولُ في التحقيق : |
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ |
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ .. |
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا .. |
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا .. |
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ |
هل مَوْتُ بلقيسٍ ... |
هو النَّصْرُ الوحيدُ |
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟... |
بلقيسُ .. |
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ .. |
الأنبياءُ الكاذبُونَ .. |
يُقَرْفِصُونَ .. |
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ |
ولا رِسَالَةْ .. |
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا .. |
من فلسطينَ الحزينةِ .. |
نَجْمَةً .. |
أو بُرْتُقَالَةْ .. |
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا .. |
من شواطئ غَزَّةٍ |
حَجَرَاً صغيراً |
أو محَاَرَةْ .. |
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا .. |
زيتونةً .. |
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً |
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ |
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ .. |
يا مَعْشوقتي حتى الثُّمَالَةْ .. |
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً |
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!... |
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ .. |
في هذا الزَمَانِ ؟ |
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟ |
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ .. |
المَجُوسيِّ .. |
الجَبَان |
والعالمُ العربيُّ |
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ .. |
ومَقْطُوعُ اللسانِ .. |
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها |
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟ |
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدِي .. |
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي .. |
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ .. |
والطُّفُولَةَ .. والأماني |
بلقيسُ .. يا بلقيسُ .. |
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ .. |
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى |
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ |
قد قَتَلُوا حِصَاني |
بلقيسُ : |
أسألكِ السماحَ ، فربَّما |
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي .. |
إنّي لأعرفُ جَيّداً .. |
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ |
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!! |
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ |
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ .. |
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ |
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ .. |
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ .. |
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ |
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ... |
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً .. |
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ .. |
قَتَلُوا الرسُولَةْ .. |