هو كناية عن اضطراب في عملية استقلاب الغذاء (أي تحويل الطعام إلى طاقة)، واختلال في استخدام الجسم لمخزونه من السكريّات التي يوفرها الطعام. وهذا يؤدي إلى ارتفاع منسوب السكر في الدم.
المعروف أن الأطعمة تتكون من ثلاث فصائل: الدهنيات (الزيوت والسمون والدسم عموماً )، البروتيد (اللحوم)، والسكريات (السكر وأصناف الحلوى إضافة إلى النشويات). هذه هي المواد التي توفر للجسم الطاقة التي هو بحاجة إليها ليؤدي وظائفه البيولوجية والأعمال والنشاطات الحياتية المختلفة.
عندما نتناول الطعام، يرتفع معدّل السكّر في الدم فينشط البنكرياس في إفراز هورمون الأنسولين الذي يتيح للسكر المتجمع الدخول في مختلف خلايا الجسم من عضلات وأنسجة، ليمنحها الطاقة، كما يدخل الفائض منه إلى الكبد حيث يجري تخزينه.
وبذلك يرتفع مستوى السكّر في الدم بعد تناول الطعام مباشرة، ثم لا يلبث أن يعود إلى معدله الطبيعي والصحي بعد أن يتحول هذا السكر إلى طاقة بفضل البنكرياس والأنسولين وإلى مخزون في الكبد.
لكن هذا الآلية لا تعمل كما ينبغي لدى المصاب بالسكري، حيث يتجاوز المعدل الحدود الصحية التي هي دون ألـ100 ملغم/ديسيليتر (حسب أرقام الرابطة الأميركية لمرض السكري). وفي أحيان كثيرة يكون هذا المرض علّة مستديمة مستعصية على الشفاء مع إمكانية مداراتها والحيلولة دون تسببها بالضرر، ما يحتّم على المريض التعايش معها والحرص على نيل العناية الطبية المتخصصة والمتابعة اليقظة للتحكّم بالمرض خارج حدود الخطر.
كيف ينشأ المرض؟
من خلال عملية الأيض (الإستقلاب الغذائي) يعمل الجسم على هضم الطعام وتفكيكه إلى سكر يدعى "غلوكوز"، هو مثابة الوقود الذي ينقله الدم إلى جميع خلايا الجسم ليمدها بالطاقة؛ وما يساعد على ذلك هو هورمون الأنسولين.
ولكن لا بدّ من توافر شرطين لدخول هذا السكر ــ الوقود إلى الخلايا:
- أولاً، يجب وجود عدد كاف من "الأبواب" على سطح الخلايا لاستقبال هذا السكر، وهذه تسمّى بالمستَقبِلات.
- ثانياً، لا بد من توفّر الكمية المناسبة من هورمون الإنسولين الضروري لفتح تلك المستَقبِلات والسماح للسكر بالدخول إلى الخلايا .
ينشأ مرض السكري كنتيجة مباشرة لاختلال وتعطل عملية التفاعل الطبيعية بين الأنسولين الذي يفرزه الجسم والسكر الذي يستخلصه من الطعام. يحدث ذلك غالباً بسبب العوز إلى هورمون الأنسولين، أو، في حالات نادرة ينجم عن تشوّه خلقي، ما يُفضي إلى عدم توفر ما يكفي من المستَقبِلات على ظاهر الخلايا، أو عدم وجودها بالمرّة، ما يعني إبطال أيّ تأثير للأنسولين. ونتيجة لذلك ترتفع نسبة السكر في الدم عن الحدّ الطبيعي والصحي، على حين تبقى الخلايا متعطشة إليه باعتباره وقود طاقتها، فيخبو نشاطها ويضمحل... كما يحصل مع الآلة التي يفرغ منها الوقود. ومع مرور السنين، تتطور حالة فرط سكر الدم "hyperglycaemia"، الأمر الذي يسبب أضراراً بالغة للأعصاب و الأوعية الدموية، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات شتى كأمراض القلب والسكتة وأمراض الكلى والعمى والصمم واعتلال الأعصاب والتهابات اللثة، بل يمكن أن يصل الأمر إلى بتر الأعضاء.