TODAY - 08 September, 2011
«الألبسة الجاهزة» في الموصل «حائرة» في تشغيل 3 آلاف «فائض» عادوا من نافذة الفصل السياسي
العشرات من شركات «التمويل الذاتي» تقترض المليارات لدفع رواتب موظفيها.. والإهمال حول منتسبيها الى «عاطلين»
بغداد - العالم
تواصل عشرات الشركات التي تتبع وزارة الصناعة وتعمل بنظام التمويل الذاتي، اقتراض رواتب موظفيها البالغة مليارات الدولارات من وزارة المالية، في ظل العجز عن تحويلها الى "شركات رابحة".
وتملك وزارة الصناعة 75 شركة، تعمل جميعا بنظام التمويل الذاتي، وتشغل نحو 250 الف منتسب، 68 الفا منهم عادوا عبر نافذة "الفصل السياسي". ويعاني معظم هؤلاء من عدم تغيير عناوينهم الوظيفية منذ سنوات، ما جمّد رواتبهم عند حدود واطئة.
وقال مسؤول في وزارة الصناعة لـ "العالم" أمس الأربعاء، ان وزارته "عملت بكل طاقتها من أجل رفع مستوى الشركات الخاسرة التابعة لها، للوصول على الأقل الى مستوى الاكتفاء الذاتي، لكن المهمة كانت صعبة جدا وتحتاج لمبالغ طائلة". واضاف، رافضا الكشف عن اسمه، ان "شركة الحديد والصلب على سبيل المثال تحتاج على الأقل لعشرة مليارات دولار او أكثر للنهوض بواقعها"، وهي مبالغ غير متوفرة للوزارة حاليا. وتابع "هناك شركات دمرت بالكامل ولا تمتلك خطوطا إنتاجية تعينها على معاودة نشاطها، وهناك شركات كانت تابعة للتصنيع العسكري ولا يمكن تغيير خطوطها الانتاجية كما حدث مع غيرها التي بدأت نشاطها بشكل ناجح".
ويشير المسؤول، الى ان "ما تعاني منه الشركات هو الازدواجية في التعامل معها، وذلك يتبع تخصصها ومدى ربحيتها". وقال ان "شركات الوزارة تنقسم الى ثلاث فئات، الاولى رابحة وهي شركات الاسمنت والادوية، والثاني تلك التي تتمتع بقدرتها على الاكتفاء الذاتي من عوائد ما تنتجه، وهي الهندسية الكهربائية والنظم والكيماوية وقطاعات قليلة اخرى، اما الفئة الثالثة فهي الشركات الخاسرة تماما، والتي تعتمد في تأمين مرتبات موظفيها على قروض تستحصلها شهريا من وزارة المالية".
وكان عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية البيضاء محمد الدعمي، طالب بإعادة النظر في هيكلية مؤسسات الدولة وانصاف موظفي الدوائر الحكومية ومنها مؤسسات التمويل الذاتي. وقال إن "العديد من موظفي الدولة يعانون من عدم تغيير عناوينهم الوظيفية منذ سنوات ما يؤثر على تحسين ورفع رواتبهم"، ودعا الحكومة إلى "إعادة النظر في هيكلية المؤسسات وإنصاف العاملين من ناحية الحقوق والامتيازات وتوحيد الرواتب خاصة شركات التمويل الذاتي التي لا تحقق الأرباح المرجوة ".
مدير عام شركة الألبسة الجاهزة في الموصل محمود دخيل بين لـ "العالم" ان شركته تشغل "أكثر من 5 آلاف موظف، في مختلف التخصصات، موزعين على خمسة معامل". وقال "بتاريخ 1/1/ 2008، عوملت شركاتنا وفق نظام التمويل المركزي وتم الغاء نظام سلم الدرجات الاربع، وتحولنا الى سلم موظفي الدولة، لكن رواتبنا تأتي الآن كقروض من وزارة المالية، بموجب عقد بين مدير عام الشركة ومصرف الرافدين، وهي ديون تراكمت ولا نعلم كيف سيتم تسويتها".
واضاف ان "معدل الرواتب الكلي للشركة تقريبا 2 مليار ونصف، وهي كما ذكرت ديون من مصرف الرافدين، وواردات مبيعاتنا لا تسد سوى مصاريف المواد الاولية والاحتياطية والكهرباء، اما الرواتب فتعمتد على القروض"، مشيرا الى ان "معدل الرواتب الدنيا 300 الف ثم ترتفع بحسب الخبرة والشهادة وموقع الموظف".
مشكلة شركات وزارة الصناعة بشكل عام، حسب دخيل، "تتمثل بتضخم الرواتب وقلة المبيعات وعدم المقدرة على التنافس في السوق، بسبب اغراق السوق بالسلع المستوردة الرخيصة". وقال "حتى لو بعنا كامل منتجاتنا فلا نستطيع تغطية الرواتب كونها مرتبات عالية". واضاف "هناك ايضا عودة المفصولين، فنحن نحتاج فعليا الى الفي موظف، أي ان هناك 3 آلاف موظف فائض عن العمل".
وبشأن وجود مرتبات عالية تدفعها شركات ادوية سامراء والاسمنت وغيرها، قال ان "هناك شركات قليلة مرتباتها عالية لان مبيعاتها عالية". واضاف "تعتمد هذه الشركات في توزيع منتجاتها على احتياجات الدولة، وليس التنافس في السوق"، موضحا ان "الادوية تجهز الصحة والاسمنت تجهزة قطاعات الدولة ايضا، لكن كنظام رواتب هو موحد ويعتمد القانون 22 لعام 2008 الذي يعتمد الخدمة والشهادة، في حين ان فروقات الرواتب بين موظفي الدولة تعتمد على الحوافز والخطورة وزيادة الانتاج وغيرها".
ويرى دخيل ان الاستثمار ربما يكون هو الحل لهذه الشركات. وقال ان عرض الشركات العراقية للاستثمار قد يزيد من مداخيل موظفيها عن طريق مكافآت زيادة الانتاج التي تصرف من قبل الجهات المستثمرة، مشيرا الى "انه يمكن علاج هذه المشكلة ايضا من خلال توزيع موظفي الشركات الخاسرة على معامل جديدة، لاستغلال خبراتهم، فهم من الكفاءات"، موضحا ان "الدولة من جهتها عليها حماية المنتج المحلي امام غزو السلع الاجنبية".
من جهته، قال مصدر مسؤول في شركة طارق العامة، التي كانت ضمن هيئة التصنيع العسكري وتم تحويلها بشكل كامل لوزارة الصناعة، ان شركته "حولت خطوطها الانتاجية والآن تعمل بكفاءة عالية ولديها انتاج مواد زراعية تجهز بها وزارة الزراعة والقطاع الخاص ومعدل الارباح جيد جدا".
وقال المصدر، مفضلا عدم الكشف عن هويته، ان "أغلب شركات الصناعة تعتمد على قروض وزارة المالية لكن البعض منها منتج"، موضحا ان "نظام التمويل الذاتي لا يصب في مصلحة الشركات، فلماذا لا تحول للقطاع العام بشكل كامل". وزاد "مرتبات موظفي هذه الشركات لا تصل الى ربع مرتبات موظفي وزارات اخرى، كما ان موضوع الرواتب المعتمدة على القروض امر غير مقبول، فحتى متى تبقى الشركات تقترض".
وبين "نمد وزارة الزراعة بجزء كبير من احتياجاتها، ولدينا 800 منتسب، وهناك كادر وسطي وكفاءات، ويمكننا الاستفادة منهم لافتتاح اربعة معامل لسد حاجة البلد بشكل كامل من المبيدات الزراعية وبعض الاحتياجات الزراعية الاخرى".