هكذا تدخّل «الموساد» في معركة يبرود




ماجدة الحاج – الثبات |بعملية نوعية وبسرعة قياسية حسم الجيش السوري ومقاتلو حزب الله معركة يبرود، واختارت القيادة العسكرية السورية إعطاء إشارة انطلاقها وسط ظروف مناخية صعبة فاجأت مراكز القرار الإقليمي والمتابعين عبر العالم.

وبسقوط هذه المدينة العصيّة على أي اختراق عسكري سريع، نظراً إلى طبيعة المنطقة الجغرافية والتحصينات الهائلة للجماعات المسلحة داخلها، كسب الجيش السوري ثاني أكبر المعارك الاستراتيجية في سورية بعد القصير، دفعت بكبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين إلى اجتماع استثنائي، خصوصاً أن عملاً استخبارياً هاماً شاركت فيه “إسرائيل” في معركة يبرود – وفق ما كشف سفير دولة إقليمية في عمّان – عبر فرقة “موساد” تسللت إلى إحدى النقاط المحيطة بالمدينة، بالتنسيق مع قائد ميداني في “الجيش الحر” لم يشر إلى اسمه، خلال إغارة الطيران الحربي “الإسرائيلي” على مواقع لحزب الله في “جنتا” على الحدود اللبنانية – السورية، مستغلة الظروف المناخية السيئة والضباب الكثيف، إلا أن مقاتلي الحزب رصدوا تحرّك الفرقة المعادية، في ظل مراقبة حثيثة من طائرات بدون طيار أدخلها حزب الله “عاملاً حاسماً” في العملية العسكرية، إلى جانب نيران الجيش السوري الجوية والبرية، من دون توضيح مصير أفراد الفرقة “الإسرائيلية”، ووسط تكتّم شديد من مسؤولي كيان العدو.

مراقبون دوليون أشاروا إلى أن القيادة العسكرية “الإسرائيلية” كانت من أكثر المتابعين لسير العملية العسكرية في يبرود، حيث إن كبار الضباط برفقة محللين عسكريين راقبوا بدقة متناهية أداء وحدات الجيش السوري ومقاتلي حزب الله على الأرض، بموازاة ما كشف أحد المواقع الإخبارية الغربية؛ أن مسؤولي استخبارات سعوديين – “إسرائيليين” وأردنيين تداعوا أثناء سير العملية العسكرية إلى اجتماع طارئ في مدينة العقبة الأردنية، تخلله حالة ذهول بدت واضحة على وجوه المجتمعين إثر تبلغهم نبأ استعادة الجيش السوري ليبرود، في الوقت الذي نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن ضابط “إسرائيلي” كبير تأكيده أن جهاز الموساد أمّن مساعدات تسليحية ضخمة للتنظيمات المسلحة بدأت في القصير واستُكملت أثناء التحضّر لمعركة يبرود، لما تمثله منطقة القلمون من أهمية استراتيجية لمقاتليه، لافتاً إلى أن المخططين العسكريين “الإسرائيليين” باتوا يتوقعون مفاجآت خطيرة على وجودية “إسرائيل” في أي حرب مقبلة مع الحزب، وحيث إن مشاركته في الحرب السورية أكسبته المزيد من الخبرات القتالية.

وربطاً بالأمر، كشف ضابط في جهاز الاستخبارات الأميركي “FBI” لصحيفة “لونغ وور جورنال” الأميركية، أن “إسرائيل” دخلت بثقلها أثناء التحضّر لمعركة يبرود، عبر رجال من “الموساد”، أُوكلت إليهم مهمة التنسيق اللوجستي والاستخباري مع قادة المجموعات المسلحة، بعد أن أمّنت لهم أجهزة اتصالات متطورة، وشحنات من الصواريخ المضادة للدروع، ومناظير ليلية، مرجّحاً فرضية هروب كامل الفرقة بعد افتضاح أمرها من قبل مقاتلي حزب الله، واعتبر أن “إسرائيل” ومن خلفها السعودية هما أكثر المتضررين من سقوط يبرود بقبضة الجيش السوري وحزب لله، مشيراً إلى عشرات الفرق الخاصة “الإسرائيلية” التي دخلت الأراضي السورية منذ بداية الأزمة كفرقة “ماغلان”، ومهمتها السيطرة على المطارات، وفرقة “بيتا اير” المختصّة بالقتل الطائفي، والتي تقف وراء عمليات القتل الجماعي، وما رافقها من تنكيل بجثث المدنيين على امتداد المحافظات السورية، وفرقة “مك كال” المختصة بالكشف عن المواقع السورية الاستراتيجية، كما أكد انتشار فرق خاصة من الـ”سي آي اي” في أماكن تخضع لسيطرة مجموعات متشددة، كجبهة “النصرة”، وساهمت في تدريب مجموعات كبيرة من هذا التنظيم المتطرف.

وهكذا، سقطت يبرود من يد “إسرائيل” التي اعتبرت المعركة من أهم معاركها الاستراتيجية في مواجهة الرئيس الأسد وحزب الله، وردّاً موجعاً من قيادة الحزب على الغارات “الإسرائيلية” التي استهدفت أحد مواقعه على الحدود اللبنانية – السورية، وفق ما علّق ضابط رفيع في القيادة العسكرية الروسية، مؤكداً اتجاه الجيش السوري القريب إلى حسم معركة حلب بالكامل، مع الإشارة إلى أنه باسترداد يبرود من قبضة الجماعات المسلحة، وما سيليها من عمليات تطهير في رنكوس وفليطا وبعض البؤر المجاورة، يتمّ نسف مخطط إنشاء “حزام التكفيريين” المزعوم بالكامل؛ من تل كلخ إلى فليطا مروراً بالقصير، من دون إغفال ما سيحمله الميدان من مفاجآت في المرحلة المقبلة قد تفوق بأهميتها مفاجأة عملية يبرود، مترافقة مع تداعيات أمنية ساخنة على الداخل اللبناني، حسب ما كشف بعض السفراء الإقليميين في بيروت.