ماذا يعني عندما نقول نعم.. للحسين..؟
طوال الطريق من مدينة الديوانية الى مدينة كربلاء، مروراً بالأقضية والنواحي والقرى والأرياف، وعلى طول الطريق (رايات الحسين) ترفرف، والأكثر من الرايات، الناس، هم الآخرون يتمايلون مع الرايات يرددون الهتافات الحسينية، والحماس يملأ قلوبهم، انها شعائر دينية، لا تقاليد فلوكلورية، اجتمعت الناس فيها على الطوعية في العمل للانغماس في روحية هذه الشعائر المقدسة، وبطبيعة الحال، الطوعية هي أساس المجتمع المدني المتحضر.
في هذه الشعائر، الناس يجتمعون على البر والتقوى، وما أحوجنا الى ان يكون أبناء المجتمع صالحين ويختارون الصالحين، وأن يكون الفرد عنصراً فعالاً ومنتجاً في المجتمع، ويفرق بين المصلحة الخاصة ويغلب المصلحة العامة، ويفهم مدى الخطر الكبير في تغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة.
يتبين لي من المشاهدات، وبالرغم من انني أعيش هذا الحدث منذ طفولتي، وأعرف أهمية حب الناس للحسين، وحب الحسين لمريديه وأتباعه من المسلمين وغير المسلمين، الا انني هذه المرة، اختلفت عندي الصورة، رأيت الناس، بدأت فعلاً تجسد المشروع الحسيني الاصلاحي النهضوي، وتنقله من مجرد شعائر دينية طقسية، الى مجتمعية انسانية تسهم في نقل الانسان من حال الى حال.
الناس تذهب سيراً على الأقدام، وآخرون يهيئون الدعم لخدمة (الزوار) انها مؤسسة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها، لكن الانسيابية تأتي من القناعة بأن الثورة الحسينية، هي حركة سلمية لاصلاح المجتمع وان طلب الاصلاح أهم من طلب السلطة، وتقويم ما فسد وتعزيز ما صلح، وان النهضة الحسينية هي مشروع قائم ضد مظاهر التخلف، وان ايجابية المواطن في التحرك الاصلاحي هي أساس مشروع العمل الصالح.
الجموع المليونية المؤمنة تسقط نظرية الطائفية والعرقية، لأن الشعائر الحسينية والتمسك بها، مردودها تقويم لسلوك الفرد وشخصيته، وهي باب كبير، لمشروع الدولة المدنية الحضارية العصرية، التي يتقبل مواطنوها فكرة التعايش، والحوار، والسلم الأهلي، وقبول الآخر.
نقول: ان الثورة الحسينية الخالدة هي ليست صراعاً بين الشيعة والسنة، ولم تكن، ولن تكون. أنصار الحسين كانوا صحابة وتابعين مؤمنين بالاسلام، لا شيعة ولا سنة.
نعم.. للحسين. نعم لثقافة الحب والتعايش والحوار التي أرسى دعائمها الحسين.