تتحدث اليوم وسائل الاعلام، وتتداول المؤسسات العاملة في شوؤن البحث والتقصي، ويناقش ارباب الراي العام، نتائج الدراسة التي توصلت اليها شبكة "غود نت"، عن ترتيب دول العالم وفقاً لمعدلات الذكاء، وذلك باستخدام المقياس العلمي الشهير «الآي كيو» وهو ما يعرف بمتوسط نسبة الذكاء "IQ" التي تشير الى اختصار Intelligence Quotient، والتي تعتمد الاختبار في تقييم نسب الذكاء بحصول الشخص على 100 درجة وفقا لمقياس "الآي كيو" هو شخص ذكي، وكلما ارتفعت النسبة أصبح قريباً من درجة العبقرية، فقد كشفت عن تصدر الشعب العراقي قائمة البلدان العربية الأكثر ذكاء.
وبعيداً عن رمزية مقياس "الآي كيو" فقد كشفت الدراسة عن متوسط نسبة ذكاء شعوب العالم، عن تصدر العراقي قائمة البلدان العربية بمتوسط 87 درجة، ما جعل العراق يحتل المرتبة 21 عالمياً.
فيما حلت الكويت في المركز الثاني عربياً بـ86 درجة، ثم اليمن 85 درجة، وتقاربت الإمارات والأردن والسعودية والمغرب في الترتيب، وهو 23- و24 عالميا، والرابع عربيا بمتوسط ذكاء 84 درجة بعد العراق والكويت واليمن، فيما حصدت الجزائر والبحرين وليبيا وعمان وسوريا وتونس المرتبة الخامسة عربياً بنفس الدرجة وهي 83، ما جعل الدول المشار إليها تقع في المركز الـ 25 عالمياً.
والغريب وعلى الرغم من الشهرة التي تتمتع بها دول عريقة مثل مصر ولبنان من المستويات الثقافية والفنية، والحراك السياسي والاجتماعي أكثر من غيرهما من الدول العربية، إلا أن إختبار الذكاء العالمي وضعهما في ترتيب متأخر نسبياً، فقد حصل اللبناني على 82 درجة، والمصري 81 درجة، فيما حصل القطري على 78 درجة والسوداني على 71 درجة ما جعلهما في مؤخرة الترتيب على المستوى العربي.
كيف نستثمر نحن في العراق نتائج هذه الدراسة؟، وهل لدى مؤسسات الدولة الامكانية، او المستوى العالي من الاهتمام للتفاعل مع الواقع؟، او لنقل هل المؤسسات التعليمية والبحثية في العراق، ستتعامل مع الموضوع باكثر من جدية لاستثمار القيمة المعنوية في تسويق هذا الانجاز للعالم، او على الاقل للعالم العربي؟.
الذكاء، كتعريف هو قدرات الانسان العقلية وتمكنه من التحليل، والتخطيط، وحل المشاكل، وسرعة المحاكمات العقلية، و"التفكير المجرد، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم". كما يتضمن أيضا حسب بعض العلماء القدرة على "الإحساس وإبداء المشاعر وفهم مشاعر الآخرين". ولذلك اصبح من البديهي اننا شعب لديه القدرات الكافية من الناحية العقلية والتحليلية والتخطيط لان يكون في مقدمة الشعوب المتطورة الحضارية التي تتحدى الصعوبات والظروف القاهرة للنهوض من جديد والعمل والبناء بدل التخريب.
وكمقارنة مع شعوب العالم الاخرى فقد احتلت سنغافورة الصدارة بمعدل ذكاء 108، وهو يفوق المتوسط العالمي بصورة ملحوظة، فيما جاءت كوريا الجنوبية في المرتبة الثانية بـ 106 درجات، ثم اليابان 105، وفي المركز الرابع كان ظهور أول دولة أوروبية وغربية وهي إيطاليا التي حصل مواطنها على 102 درجة بمقياس الذكاء العالمي "آي كيو"، ثم أيسلندا، ومنغوليا، وسويسرا، والنمسا، والصين التي يتوافق المعدل بها مع المستوى العالمي الجيد، وهو 100 درجة.
هناك مفاجآت جديدة اطلقها هذا المقياس، إذ ليس بالضرورة ان يكون هناك رابط بين متوسط الذكاء في دولة ما، والنهضة الحضارية والاقتصادية، حيث "تحتل منغوليا على سبيل المثال المرتبة السادسة عالميا، فيما يتراجع ترتيب الولايات المتحدة مقارنة مع كثير من دول العالم، حيث يبلغ المتوسط في الولايات المتحدة 98 درجة، وهو أقل من المعدل العالمي الجيد، ويشارك أميركا في درجة الذكاء ذاتها كل من إسبانيا وفرنسا وألمانيا، في حين يبلغ متوسط ذكاء البريطاني 100 درجة، وعلى مقربة من القوى العظمى تستقر روسيا بمتوسط 97 درجة".
ورابط الكلام... علينا ان نأخذ هذه الدراسة على محمل الجد، وان تتوجه مؤسساتنا التعليمية والتربوية بتطوير العملية الدراسية والاهتمام بالمناهج التي تساهم في تطوير القدرات العقلية على التفكير وسرعة البديهة، بدل المناهج الكلاسيكية التي قرر العالم المتقدم التخلي عنها منذ فترة طويلة خلت.