تتمتع لبنان بموقع جغرافي متميز بين أفريقيا وآسيا وأوروبا وهو العامل الذي أدى إلى إثراء الثقافة اللبنانية في نواحي متعددة ومنها العادات والتقاليد ولاسيما التعاليم الدينية التي تجمع بين الاسلام والمسيحية في ظل توجهات العالم العربي والأوروبي.
واحتضنت لبنان منذ الآف السنين أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية التي تركت ثروة من الآثار البشرية التي تعكس صورة حقيقية لرحلة الانسان عبر التاريخ والحال الذي كان عليه في مختلف الأزمنة، ولعل من أبرز الآثار التي تزخر بها لبنان هي الآثار الدينية التي تجمع بين الإسلام والمسيحية وتقف شامخة على الأراضي اللبنانية كلوحة فنية رائعة تتسم بوضوح ملامحها بالرغم من تشابك معالمها .
وتزخر لبنان بالعديد من المعالم الدينية في مناطق عديدة إلا أن المنطقة الواقعة بين جبل " عامل " حتى مدينة " بعلبك " تستأثر بثروة هائلة من المعالم الدينية حيث عُرفت بأنها موطن الأنبياء حتى وأن بعض كتب التاريخ تذكر أن" بعلبك " هي الأرض التي استقبلت سيدنا " آدم " بعد نزوله من الجنة وأنها شهدت قتل " قابيل " ل "هابيل" وأن الله قد عوض سيدنا " آدم " بإبن ثالث أسماه " شيث " لذا يوجد مقامه في " بعلبك " في بلدة اسماها الناس أيضاً " شيث " حتى تذكر الناس دائما بأن خير الله آتٍ لا محالة .
وتستأثر " بعلبك " من دون بلاد العالم بالمقامات والأضرحة الدينية والتي تعود إلى زمن سحيق نود دائما أن نسمع ما يدور حوله من روايات ، ومن بين تلك الأبنية :-
مقام النبي نعام :-
- النبي " نعام " يُعتقد ا أنه احدى أبناء النبي " نوح " عليه السلام و الذي له بدوره مزار في منطقة "الكرك" على بعد أربعين كيلومترًا من بعلبك .
- ضريح النبي إلياس :-
- يقع على مدخل المدينة الجنوبي ، وهو مزار للمسلمين والمسيحيين على حدّ سواء.
- مقام النبي اليسع:-
- ويُعتقد أنه النبي " ذو الكفل الوارد " والذي ذكره القرآن الكريم، وله مقام في منطقة "الجُرد" .
مقام النبي صالح :-
ويقع في بلدة " بريتال " و يزوره الأهالي للتبرك به ، وتدور حوله الروايات بأن الأنوار تنزل على المقام .
- بلدة الخضر مقام العبد الصالح :-
تدور روايات أبناء البلدة أن " الخضر " ليس مدفوناً في هذا المقام ولكنه مرّ به و قد أقام فيه بضع سنوات ، فأخذ الناس يقصدونه للتبرك ومن ثم أصبح مزارًا للمسلمين من لبنان ومن بلدان إسلامية أخرى .
وفي بلدة "حام" على الحدود اللبنانية مع سوريا مقام منسوب الى " حام " ابن النبي "نوح" ، وكذلك في منطقة "رسم الحدث" يوجد مقام يُنسب للنبي " يوشع " وهو قائد جيش النبي "موسى" عليه السلام ، وبين بلدتي "ريحا" و "شعث" مقام منسوب للنبي" إسماعيل" عليه السلام .
ولا تقتصر الأضرحة والمقامات في لبنان على تلك فقط وإنما يوجد المئات المئات من الأبنية الدينية والاضرحة والمقامات والتي تُنسب إلى آخرين من الأنبياء و أولياء الله الصالحين ومنهم :-
(مقام النبي يوسف، مقام النبي سباط ، مقام عطريف، مقام سريج، مقام صخير ) .
أما إن كنت من هواة زيارة المساجد الأثرية والتعرف على الخلفيات التاريخية واسهماتها في تنمية الوعي الديني والثقافي لأهل البلد فأنت في دعوة من " الجامع العمري الكبير " كضيف كريم في احدى بيوت الله .
- الجامع العمري الكبير :-
هو في ذاته شاهد عيان على أحداث التاريخ وتقلبات السنين بين حضارة وأخرى ، يبلغ المسجد من العمر مايزيد عن عمر الاسلام في الأرض حيث تم البناء في القرن الثالث قبل الميلاد أيام الامبراطور الروماني " فيليب الحواري " ليكون معبداً وثنياُ يتعبد فيه للشمس ، وبمرور السنين تحول المعبد إلى قلعة عسكرية ومنها تحول إلى مركز علمي الى أن ضرب لبنان زلزال شديد فتهدمت بعض أجزائه وبعد أن جاءت الحملات الصليبية المحتلة في عام 1110 بعد الميلاد قرر الملك " بقدوين " بناء كنيسة على أنقاض المعبد المتهدم تحمل اسم القديس " يوحنا المعمداني "، وبمرور السنين وفي عام 1317 قرر حاكم بيروت " "زين الدين عبد الرحمن الباعوني " إضفاء الطابع الاسلامي على المبنى وحوله إلى مسجد وأضاف له المأذنة والمنبر وما يلزمه من أماكن للوضوء .
تعكس ما تحويه بعض أعمدة المسجد من نقوش تعاقب الحضارات من رومانية لقبطية لإسلامية ، وقد عُرف المسجد بأسماء عديدة ومنها :-
- جامع النبي يحيى : وربما يكون السبب في تلك التسمية هو اطلاق اسم " يحيى " على المبنى وقت أن كان كنيسة قبطية ، وربما الاشاعات التي رددها الهواة في أن المسجد يحوي رفات ني الله " يحيى " .
جامع فتوح الاسلام : ويعود اصل التسمية الى نسبة إلى إجلاء الصلبيين المحتلين عن البلاد .
الجامع العمري : وهو اسم تم اطلاقه تكريماً للخليفة " عمر بن الخطاب " وما تحقق على يده من العدل حيث يُعد الجامع أهم صرح ورمز عربي اسلامي في بيروت حيث انطلق منه رموز علوم الشريعة والفقه في لبنان .
- وخلاصة القول أنه لن تتسع السطور لإجمال المعالم الدينية في لبنان كونها انفردت بالإجمال والجمال في هذا الشأن ، فإن كنت من هواة الاستمتاع بالآثار الدينية ومتعة الاستماع والاستمتاع بالرواية وما يدور حولها و فإن لبنان قد حسمت الأمر حيث يمكنك السفر قاصدا لبنان من خلال الإقامة في مجموعة من أجمل فنادق لبنان ذات الرفاهية والجمال مثل فنادق كروان بلازا ، سيتي سويت ، انتر كونتينتال فونسيا ، جيفنور روتانا ، كافلير ، حبتور جراند ، ميه فلور.