من المشرفين القدامى
تاريخ التسجيل: December-2013
الدولة: العراق
الجنس: ذكر
المشاركات: 13,777 المواضيع: 7,455
صوتيات:
391
سوالف عراقية:
0
موبايلي: جلاكسي
كيف "سقطت" مدينة يبرود بسهولة في يد النظام السوري وما تداعيات ذلك ميدانيا؟
الأحد 16 مارس وبعد 33 يوما من القصف المتواصل دخل مقاتلو حزب الله اللبناني إلى أحياء يبرود، وخلال أقل من 5 ساعات أعلنوا سيطرتهم على المدينة وبدؤوا بتمشيط أحيائها وبتفكيك العبوات الموضوعة في شوارعها وأزقتها. فما سبب هذا الانتصار السريع لحزب الله وللجيش النظامي السوري وما هي تداعياته على القلمون ككل؟
شهادة من جبهة النصرة عن سير المعارك
في سعينا لتبيان أسباب هذا "السقوط" السريع ليبرود تمكنا من التواصل مع أحد مصادرنا في جبهة النصرة في القلمون. كانت المرارة واضحة في ما باح لنا به مصدرنا، فهو حتى إن لم يرد أن "يضع في ذمته" أي من الفصائل المعارضة التي كانت متواجدة في يبرود، فقد أكد لنا أن "هنالك خيانة وهنالك من طعن بظهر المجاهدين". ثم سرد لنا سير المعارك، فقال لنا أن "البلبلة بدأت في صفوف الفصائل المُعرف عنها كجيش حر لدى سيطرة الجيش السوري النظامي على تلال العقبة المشرفة على المدينة. ما أدى إلى فرار عدد كبير من الفصائل عدة وعديدا إلى خارج يبرود، لكننا استطعنا تدارك الأمر وخطة الجيش النظامي ومعه حزب الله كانت السيطرة على التلال المحيطة بالمدينة وكان آخرها تلة مار مارون الإستراتيجية.
وقد قصد حزب الله أن يشغلنا في المعارك الجانبية التي جرت قرب مستشفى الأمل وعبر مناوشات على تخوم المدينة، فطلبنا من عدد من الفصائل المحلية الثبات في تلة مار مارون، إلا أننا فوجئنا متأخرين بتواجد حزب الله على التلة في ليل السبت-الأحد. ما أدى إلى كشف المدينة تماما بعد أن نصب حزب الله صواريخ كورنيت وكونكورس الحرارية على كل التلال المحيطة. في نفس الليلة بلغنا خبر اجتماع قادة كتائب الجيش الحر وقرارهم الخروج من المدينة تحت جنح الظلام وفي نفس الوقت كان حزب الله والجيش يعملان على التقدم على الأطراف. وكان عدد مقاتلينا داخل يبرود قليل، فقررنا الانسحاب تكتيكيا في الساعة الخامسة فجرا [الأحد] منه لتفادي الوقوع في كماشة عسكرية وللعودة بتعزيزات. وهذا ما حصل فقد عدنا بتعزيزات من رنكوس في الساعة السابعة واشتبكنا مع حزب الله، علما أن الجيش النظامي لم يشارك في الاقتحام، حتى الظهيرة. والجدير بالذكر هو أن مقاتلي حزب الله اعتمدوا نفس الزي المموه الذي اعتمدته جبهة النصرة في القلمون، ما أدى إلى الكثير من اللغظ في صفوف المقاتلين. علما أن أبو عزام الكويتي [القائد الميداني الذي أشرف على عملية تبادل السجينات مع راهبات معلولا] كان قد سقط لدى اشتباكه ومجموعته مع مقاتلين من الحزب على مسافة قريبة جدا بسبب هذا اللغط الذي سببه الزي العسكري ونظنه أمرا تعمده حزب الله لأن جميع المجموعات المقاتلة التي أدخلها إلى شوارع المدينة، ومنذ يوم الجمعة الفائت، كانت تعتمد نفس الزي."
مقاتل من حزب الله مرتديا نفس الزي المعتمد من جبهة النصرة في القلمون
شهادة ناشط إعلامي مستقل
بعد هذه الشهادة من داخل صفوف جبهة النصرة سعينا لتبيان رأي أحد مصادرنا الموثوقة في القلمون، ونتكتم عن اسمه بسبب تعرضه لمضايقات جدية في الأيام الأخيرة. هنا كلمنا الرجل عن شخص من "وجهاء المدينة من المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد [وكان قد كلمنا عنه مصدرنا في جبهة النصرة] وأن الرجل لديه كتيبة من الجيش السوري الحر تحت إمرته. وهذه الكتيبة عينها "بدأت بإشاعة خبر سقوط المدينة وتقدم الجيش السوري داخلها منذ يوم الجمعة، ما دفع بالكثيرين للفرار وهذا ما أدى لوضع حواجز لجبهة النصرة لمنع خروج العتاد والذخيرة من يبرود. إلا أنه مساء السبت قررت فصائل الجيش السوري الحر مغادرة المدينة بكامل عتادها وخرجت أكثر من ألف سيارة ومنها المجهز بالأسلحة المضادة والصواريخ." ولدى سؤالنا عن أسباب هذا الخروج المفاجئ باح لنا مصدرنا أنه "من أصل 80.000 سوري في يبرود لا يوجد أكثر من 200 مقاتل في صفوف الثوار، ما يعني أن أهل المدينة لم يكونوا راغبين في الدفاع عنها بكل بساطة، والكتائب التي كانت مرابطة في المدينة جلها أتى من الغوطة ومن حمص وريفها".
لكنه عاد وأكد أنه "حتى هؤلاء تخلوا عن المدينة وأن جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام هما الفصيلان الوحيدان اللذان التزما القتال حتى اللحظة الأخيرة، ولو التزم الجميع بذلك لكان من الصعب جدا إنهاء المعركة بهذه الطريقة، ففراغ المدينة من المقاتلين أدى لانهيار المحاور كافة والتي دخلت منها مجموعات حزب الله، فضلا عن انكشاف تحركات الفصائل أمام الحزب اللبناني بعد سيطرته على التلال ونصبه للصواريخ الحرارية عليها التي لم يهادن في استعمالها قط ضد الآليات كما ضد الأفراد".
معركة "القضم" في القلمون وتداعيات عودة النظام إلى يبرود
كانت عودة النظام السوري إلى بلدة دير عطية سهلة نسبيا، ومن هنا بدأت عملية "القضم" لمناطق القلمون، وخلال هذه المعركة شاركت قوة قوامها مقاتلين مسيحيين من الحزب القومي السوري الاجتماعي من أبناء البلدة المسيحية وجوارها. لكن معركة النبك كانت أصعب، حتى ولو أن أجزاء من المدينة كانت لا تزال تحت سيطرة النظام، وخلال هذه المعركة تجلى وبقوة دور "لواء ذو الفقار"، وهو أحد الفرق العراقية الشيعية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري. وكانت مقاومة الفصائل المعارضة في النبك، وعمادها جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام، في غاية الشراسة. علما أن للمدينة أهمية إستراتيجية كونها على الطريق الدولي من دمشق إلى حمص والساحل السوري، دون أن ننسى أن جل السلاح والعتاد الذي غنمته المعارضة بكميات كبيرة من مخازن مهين العسكرية كان قد تم نقله إلى المدينة وجوارها، وأنه لدى إعادة سيطرة النظام على النبك استعاد أكثر مما كان قد فقده في مهين. وأن كل ما يشاع عن نقل السلاح والعتاد إلى يبرود عار عن الصحة، وهو ما تجلى في الأعداد الضئيلة للصواريخ الحرارية التي استعملتها المعارضة خلال المعركة.
إلا أن ضجة إعلامية كبيرة أثيرت حول يبرود، فحتى وإن كانت المدينة عاصمة القلمون وأكبر مدنها فهي ليست بأهمية النبك التي عاد إليها النظام منذ أشهر دون ضجة تذكر. خسارة يبرود لها وقع معنوي كبير على جبهة القلمون التي كانت تقودها جبهة النصرة، فهذه الخسارة وبهذا الشكل قد تدفع بأبو مالك، أمير جبهة النصرة في القلمون وهو ابن قرية التل، في أن يعيد حساباته فيما يخص باقي الفصائل. فما كان حتى ساعات فاتت جبهة متماسكة، على نقيض باقي الجبهات في سوريا، بات مهددا بالتفسخ. وعلى خلاف الفصائل التي انسحبت من المدينة ليل السبت الأحد، جبهة النصرة أبقت على جهوزية عالية في المناطق التي انكفأت إليها كفليطا ورنكوس التي تعتبر القاعدة الخلفية للمعارضة المسلحة في القلمون. وآخر ما وردنا هو أن القتال مستمر بين جبهة النصرة وحزب الله على طريق رأس العين حتى الساعة وأن هنالك توجها لدى الحزب للاشتباك في فليطا بأسرع وقت.
نهاية السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي، هل سئم السوريون من الحرب ومن مناكفات وتناحر فصائل المعارضة وباتوا يفضلون العودة، وإن على مضض، إلى كنف الدولة التي أظهرت تماسكا ملحوظا؟ وهل ستدخل فصائل الجيش السوري الحر في مصالحات وهدن مع النظام تدفع ثمنها الفصائل الأكثر تمسكا بقتاله؟ وهل يمكن أن تستمر هذه الفصائل المسلحة في القتال مستغنية عن حاضنتها الشعبية التي أنهكتها الحرب وهل الجوع أم التوق إلى الحرية أقوى؟ أسئلة لم تكن تُطرح منذ أشهر قليلة، لكنها باتت في صلب الصراع السوري اليوم...