عند الحديث عن مدينة بابل التأريخية حوالي 90كم جنوب بغداد العاصمة، الى الشمال القليل من مدينة الحلة مركز محافظة بابل، يتم ذكر أهم معالمها مثل برج بابل أي الزقورة ومعبد مردوج الآله الرئيس وباب عشتار وشارع الموكب وأسوار المدينة والقيصر الجنوبي وقاعة العرش والجنائن المعلقة التي إختلف علماء الآثار في تحديد مكانها في مدينة بابل، و يذكر ما يذكر سابقاً... أسد بابل.. فما قصته؟
يوجد في مدينة بابل الأثرية قصر يسمى قصر الشمالي أو القصر الرئيس، وترجح أن الملك البابلي نبوخذ نصر قد بناه في السنين الأخيرة من حكمه، وجعل جزءاً منه متحفاً سمي “بمتحف نبوخذ نصر” وقد وجد الآثاريون في هذا المكان مجموعة من الآثار الفنية تعود الى عهود سبقت زمن الملك نبوخذ نصر، ومن ذلك أسد بابل المشهور، فضلاً عن الغنائم الحربية التي جلبها الملك من الأقطار التي غزاها.
أما بالنسبة الى حكايات الناس وأقاويلهم فهناك الكثير الذي قيل عن أسد بابل، فهو يرمز الى قوة البابليين والأنسان الذي تحته وبعضهم يقول إنها إمراة تحته ترمز الى البشرية، وهذا يعني ان البابليين يسيطرون على البشرية والعالم، حكاية أخرى تقول أن الأسد رمز الآلهة عشتار ويوجد سرج على ظهره لكي تجلس عليه عشتار وتقوده، ومنهم من يقول أن وجوده ضمن متحف الغنائم هو رمز الأنتصار البابليين على أعدائهم وجلب الغنائم والهدايا من المدن المغلوبة، وربما هناك قصص أخرى عن أسد بابل ولكن مجرد.... قصص وحكايات..
لايدعمها علماء الآثار ويؤيدونها لا من قريب ولا من بعيد!!
فحقيقة أسد بابل أمام إختيارين لا ثالث لهما:
أما أن يكون الملك نبوخذ نصر قد جلبه من الغنائم في أحدى غزواته.
أو أن يكون أسد بابل عائداً لعهد أقدم من زمن نبوخذ نصر.
وفي الحالة الثانية يجب أن يكون أسد بابل أيضاً مع الغنائم في إحدى الغزوات البابلية أقدم عهداً من زمن بنوخذ نصر لماذا؟
1-لان شكل واسلوب تصميم أسد بابل ليس بابلياً، إذ أن كان الأسود البابلية معروفة وواضحة وغير معقدة.
2-أن نصب أسد بابل فريد وغريب في مدينة بابل وليس متوفراً بكثرة لنقول أنه بابلي الصنع والنحت.
3- أن أسد الآلهة عشتار أيضاً واضح في شارع الموكب ولا يشبه أسد بابل إطلاقاً.
4-ان الكتلة الكونكريتية الصلدة لأسد بابل وقاعدته لا تدل على أنه من بلاد بابل المنبسطة الرسوبية بل يدل على ‘إنه جاء من منطقة جبلية على الأغلب، نعم يمكن جلب الأحجار والصخور النادرة في مناطق نائية لنحت صور الملوك كما جرى الأمر لكش السومري كوديا ولكن وجدت الكثير من تماثيله التي تناهز العشرين تمثالاً أغلبها الآن في متحف اللوفر بباريس، وليس تمثالاً أو نصباً يتيماً واحداً كما هو الحال في نصب أسد بابل.
وفي هذه البيانات يتضح أن أسد بابل ليس بابلياً، من المحتمل أن يكون زمنه ينحصر بين فترة الملك البابلي حمورابي وأولاده مروراً بالعهد الآشوري الوسيط والحديث، إذ ان بابل نبوخذ نصر هي وريثة العصور البابلية والآشورية الوسيطة والأخيرة.
ربما يكون أسد بابل من الغنائم المجلوبة من مدينة حاتوساس عاصمة الأمبراطورية الحثية والعهود اللاحقة لها، وهي الآن بأسم الموقع الأثري “بوغازكوي” في وسط تركيا شرقي أنقرة، إذ أن الأسود التي تحتل بوابات المدينة قريبة الشبه بأسد بابل ومن نفس المادة الجبلية تقريباً.
لننتظرالتقنيات المستقبلية التي ستكشف الحقائق المدفونة والتي ستؤكد أو تصحح هذه الفرضية عن أصل أسد بابل اللا بابلي!