يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ.
إحياءً لذكرى شهادة سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام)-على رواية- وإيذاناً ببدء موسم الأحزان الفاطمي، خيّم الحزنُ على العتبة العباسية المقدسة فاتّشحت بالسواد معلنةً عن حالة الحداد لهذه الذكرى العظيمة، ورَفَعت الرايات السود وأنارت المصابيح الحُمْر وأسدلَتْ الستائر-البردات- السود الى مدخل الحرم العباسي المطهر، وذلك تعظيماً لهذه المناسبة الأليمة ومواساة للرسول وأهل بيته(عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام).
وقد أعدّت العتبة العباسية المقدسة وكعادتها في كلِّ عام، أعدّت برنامجاً عزائياً يتضمّن العديد من الفقرات والفعاليات العزائية من إلقاء محاضرات دينية ومجالس عزائية مخصوصة لإحياء هذه المناسبة، إضافة الى أنها أعلنت عن استعداها لاستقبال مواكب العزاء من داخل وخارج مدينة كربلاء المقدسة، والتي تأتي مواساة وتعزية
للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام).
الجدير بالذكر، أنّ الله تعالى أخفى ليلة القدر في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، كما أخفى الصلاة الوسطى في قوله تعالى: ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ))، لكي يتعبّد العبد بأكثر من ليلة ويحييها بالنسبة لليلة القدر، ولكي يحافظ على صلواته كلِّها بالنسبة الى الصلاة الوسطى، نستنتج من ذلك أن الله تعالى أراد أن يكون لسيّدتنا الصدّيقة الزهراء(عليها السلام) أكثر من ذكرى ليوم شهادتها من خلال تعدّد الروايات التي تتناول يوم وفاتها أو شهادتها(عليها السلام)، فالسلام عليها يوم وُلِدتْ، والسلام عليها يوم استُشْهِدتْ والسلام عليها يوم تُبْعَثُ حيةً لتشفع لنا عند الله..