الخيار الصعب
يحكى أن جنوناً قد حل بمدينة وعن طريق نهرها فكلما شرب أحدهم من النهر أصيب بالجنون . واجه ملك هذه المدينة الجنون .. وأمر بأن لا يشرب أحدهم من النهر .
حتى جاء صباح أحد الأيام استيقظ الملك وإذا بالملكة قد جنت ..
صارت الملكة تجتمع مع ثلة من المجانين تشتكي من جنون الملك !! اعتقادا منها أنهم عقلاء وأن الملك هو الذي جن
نادى الملك وزيره العاقل الوحيد وقال له : يا وزير الملكة جنت أين كان الحرس
أجاب الوزير : قد جن كل من بالمدينة يا مولاي و للأسف يا مولاي لم يتبق في مدينتنا لم يجن بعد سوانا أنت و أنا
رد الملك : وهل يعقل أن احكم مدينة من المجانين
رد الوزير : مولاي ،هؤلاء المجانين يدعون أنهم هم العقلاء .. ويدعون بأنه لا يوجد في هذه المدينة مجنون سوى أنت وأنا
الملك قائلاً : هذا هراء هم الذين شربوا من النهر وبالتالي هم من أصابهم الجنون !
الوزير : الحقيقة يا مولاي أنهم يدعون إنهم شربوا من النهر لكي يتجنبوا الجنون!!
لذا فإننا مجنونان لأننا لم نشرب بنظرهم طبعاً يا مولاي ..ونحن بنظرهم مجنونان يجب تنحيتنا عن الحكم هم الأكثرية هم من بيدهم كل زمام الأمور هم الآن وبغالبيتهم من يقررون من العاقل ومن المجنون .
هنا قال الملك : يا وزير أغدق علي بكأس من نهر الجنون ...إن الجنون أن تظل عاقلاً في مدينة كلها من المجانين !
وسؤالنا هنا إذا عُرض عليك كأس الجنون هل ستشرب منه ؟
إن كان جوابك نعم سأشرب فسأقول لك كم من العلماء كان لهم كل الأثر في تطور العلم والإنسانية عندما اتهمهم من حولهم بالجنون وظلوا على قناعتهم بما توصلوا إليه من علم وحكم عليهم بالسجن او الموت ولم يشربوا من كأس جنون من حولهم فهذا جاليلو سجن ومات لأنه قال أن الأرض كروية وبعد اربع قرون اكتشفوا أن نظريته صحيحة . طبعاً هناك المئات والآلاف من العلماء والفلاسفة والمفكرين والمناضلين والثوار الذين قضوا نحبهم بالسجون او بالحكم عليهم بالإعدام أو بالقتل وذلك دفاعاً عن ما هم مؤمنين به وهنا لا يسعني ذكر الجميع اكتفيت بجاليلو لأن الجميع يعرفه .
عندما يكون لك رأيي مختلف عن كل آراء من حولك وعندما تكون مقتنعاً ( وليس تعنتاً ) بهذا الرأي دافع عنه بكل قوة .
الأمر كله يعتمد على إيمانك برأيك وثقتك في نفسك
وثقتك بمن هم من حولك ؟؟؟؟؟؟؟\
بقلم : ياسر عبد الخالق