(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب/57) .
جاء في معجم البلدان 3 / 161 تعريف بالزهراء هذا نصه :
الزهراء : ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الأبيض المشرق , والمؤنثة زهراء . والأزهر : النيّر ؛ ومنه سمّي القمر الأزهر .
ذكر ابن شهر آشوب في المناقب من أسمائها : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، الطاهرة ، الزكية ، مريم الكبرى ، النورية ، السماوية .
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) بعد مبعث الرسول (صلّى الله عليه وآله) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان ؛ لتكون رمز المرأة المسلمة , وسيدة نساء العالمين , واُمّ الأئمة (عليهم السّلام) ؛ حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والإمامة(فاطمة وأبوها , وبعلها وبنوها) , وإنّ شهادتها (عليها السّلام) كانت في الثالث من جمادى الآخرة عام 11 هـ , وأمّا مكان دفنها فمجهول عند الناس .
ورغم أنّ من يكتب عن السيدة الزهراء فاطمة (عليها السّلام) سيتجرع كأس ألمها الممزوج بحلاوة نورها الطاهر , إلاّ أنّه سيرى عظيم شأنها ؛ فهي الدليل الى الصراط المستقيم .
وعلى الإنسان أن يحدّد موقفه عندما يقرأ الشيء القليل من حياتها المباركة ؛ فإمّا جنة أو نار في الآخرة ؛ فطريق سيدتنا الجهادي يجعل الإنسان أكثر تعلقّاً في حب الله تعالى .
فحياتها ليست ذكرى تاريخية تمرّ علينا مرور الكرام وتنتهي , بل الإقدام على إظهار حقها فيض نوراني يسهل الله سبحانه به الصعاب والعقبات . ونعتقد أنّ كلَّ مَن أراد رضا الله (عز اسمه) , وشفاعة نبيه , ونورها الطاهر عليه أن ينشر , ويقصّد كلمة : معكم معكم لا مع غيركم .
أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في فضل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام)
قال (صلّى الله عليه وآله) : (( كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة ))(1) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة ))(2) .
وخاطب (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السّلام) قائلاً : (( يا عَلِي , هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة ))(3) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة ))(4) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَليٌّ وَفاطِمَة ))(5) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ اللّهَ (عَزَّوَجَلَّ) فَطَمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَها , وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ ؛ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة ))(6) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي ، يُريبُنِي ما رابَها ، وَيُؤذِيني ما آذاهَا ))(7) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي ))(8) .
وبعد هذه الأحاديث التي نطقها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بحق مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لنقرأ هذه الرواية التي روتها زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله) عائشة ؛ حيث تقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعا فاطمة ابنته , فسارّها فبكت , ثمّ سارّها فضحكت , فقلتُ لفاطمة : ما هذا الذي سارَّك به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبكيت ، ثمّ سارَّك فضحكت ؟
قالت : (( سارَّني فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارَّني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت )) . إسناده صحيح , وهو في المسند / 27 .
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 190 أن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : (( إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع , نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمد على الصراط . فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ))(9) .
عصمة الزهراء (عليها السّلام)
نلاحظ أنّ مكانة مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لا تدركها العقول , فما معنى قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها )) ؟ فمن المستحيل أن يغضب الله لغضب فاطمة وهي غير معصومة من الخطأ , يعني أنّ الزهراء (عليها السّلام) لن تغضب إلاّ لشيء يغضب الله بسببه , ومن كان غضبه يعني غضب الله فهو لن يفعل إلاّ الحق , ولن يخطئ أو يميل إلى الباطل طرفة عين .
وإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) عندما يتحدث عن شخص أو يدلي بأي حديث فمن منطلق مسؤوليته تجاه الرسالة , وبالتالي يستبعد أي مجاملات أو تقريظ بلا حقٍّ , والمتفق عليه أن قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) وفعله وتقريره حجة , يعني شرع نتعبد به قربة الى الله تعالى .
ثمّ إنّ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) كانت معصومة بدلالة آية التطهير ، وكفى بها على عصمتها مستنداً ودليلاً ، والمقصود منها هم الخمسة الطيّبة من أهل العباء ، المجتمعون خاصة تحت الكساء . ونكتفي بما قاله الحداد الحضرمي في القول الفصل : إنّ حديث آية التطهير من الأحاديث الصحيحة المشهورة المتواترة , واتفقت عليه الاُمّة , وقال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار حفاظ الحديث ، ويصل مجموع طرق الحديث ما يقرب من خمسين طريق .
نتيجة حبِّ فاطمة (عليها السّلام)
روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ، ومَن أبغضها فهو في النار .
يا سلمان , حبُّ فاطمة ينفع في مئة من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت ، والقبر ، والميزان ، والمحشر ، والصراط ، والمحاسبة . فمَن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومَن رضيتُ عنه رضي الله عنه . ومَن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه ، ومَن غضبت عليه غضب الله عليه .
يا سلمان ، ويلٌ لمَن يظلمها ويظلم بعلها أميرَ المؤمنين علياً ! وويل لمَن يظلم ذرّيتها وشيعتها ! ))(10) .
فسلام عليها يوم ولدتْ ويوم استُشهدتْ ويوم تُبعث راضيةً مرضية .