بداية، أود أن أوضح أن تسمية سن اليأس عموما، تقتصر في دلالاتها على يأس المرأة من الإنجاب، لكنه بالتأكيد ليس اليأس من الحياة ولا التوقف عن العطاء او حتى استبعادا للحياة الجنسية. ففي إحصائية علمية حديثة تمت الإشارة الى المعدلات الطبيعية للنشاط الجنسي ما بين الزوجين، وجد أن المعدل الطبيعي للقاء الجنسي بين الزوجين الشابين هو خمس مرات وما فوق ذلك شهريا، فيما اقتصر عدد مرات اللقاء بين من تعدوا سن الخمسين على المرتين فقط. وقد يندهش او يخجل البعض من التطرق لفكرة وجود حميمية بين الطرفين بعد الخمسين. ولكن ذلك لا ينفي حدوثها. وقد يرجع تفكيرنا المتطرف الى تأثير وسائل الإعلام التي حددت لنا سن المراهقة وسن الزواج وسن العنوسة ومن ثم سن الضعف الجنسي!. غير ان ذلك لا يصح على الجميع، فأعرف شخصا في أواخر الخمسين ولا يزال ينجب (ما شاء الله)، أي ان حياته الجنسية لا تزال نشطة وخصبة. بينما يوجد من لا يزال مراهقا منذ بلوغه سن الرابعة عشرة وإلى الآن حيث تعدى الأربعين ولم تبد عليه بشائر بالنضج القريب.
وبما ان المواضيع الشائعة تحلي الأكل، فقد طرحت سؤالا على الجالسين، هل يوجد هنالك سن للضعف الجنسي، رجلا كان او امرأة. طبعا لا تخفى كمية الدفاع التي خرجت عن كون الرجل ليس ضعيفا كالمرأة وانه لا يضعف جنسيا ابدا. إلى ان اشار احدهم إلى كون متقدمي السن لا يمنعهم شيء فالفياغرا بعدة دنانير فقط؟!! وهنا وكأنني طعنته حينما علقت قائلة ‘الحاجة الى محفز كالفياغرا تدل على عدم القدرة الذاتية، وتدل على الضعف الجنسي، وما العيب من الاعتراف بذلك؟’. كما ان ظهور العديد من المنتجات التجارية لهذه الفئة، يدل على أن حاجة الرجال المسنين إلى الهرمونات وإلى علاجات ليست دعاية تجارية فقط وإنما هي حقيقة واقعة. وبالمقارنة فبينما تعترف النساء بعدم قدرتهن على الأمومة ويتقبلن أعراض انقطاع الطمث على أنه جزء من أنوثتهن، فنجد الرجل يكابر وكأنه سيظل شابا للأبد وان رجولته تقتصر على الفحولة فقط. وللعلم، فقد اكتشفت من ضمن هذا النقاش، سر إعجاب النساء بالرجال الكبار سنا، ألا وهو أساسا نتيجة لانحسار فحولتهم، ولغلبة الجانب العاطفي عليهم. لذا فلا داعي لخشية الرجال من التقدم في السن، فلكل سن طعمه وحلاوته وجاذبيته. وعموما لا يزال الجدل قائما ويبقى احتمال إصابة الرجل ب’سن اليأس’ أمرا واردا.
عالم تسوده النساء الأكبر سنا
أشار البروفيسور جعفر قناوي، رئيس قسم امراض التوليد والولادة والعقم في كتابه ‘سن اليأس للرجل والمرأة’، إلى أن الإنسان (سيدة أو رجلا) هو ثروة ويجب الحفاظ عليها. وبما أن سيداتنا ورجالنا سيقضون ثلث أعمارهم بعد توقف المبيضين عن الوظيفة وانحسار هرموناتهم. وبكونهم في هذه الحقبة يحتلون المناصب الإدارية والقيادية والرئاسية أيضا وهي وظائف مؤثرة جدا في مسيرة الأمم فان احتواء هذه الفترة بالرعاية الفائقة يجب أن يعد من أولويات اهتماماتنا ليضمن لهم أداء مثمرا. وتابع الدكتور قائلا ‘تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن عام 2015 ميلادية سيشهد عددا من السيدات في سن الخامسة والستين يقارب ل 65 مليون سيدة، بينما غالبية الرجال سيكونون في سن الستين. وإلى أن متوسط عمر السيدات سيفوق عمر الرجال بخمسة أعوام ويصل في بعض الدول المتقدمة إلى 80 عاما (اليابان والولايات المتحدة ) مارا بمتوسطي الحال (مصر ) 62 عاما إلى الدول الفقيرة (موزمبيق ) 48 عاما. وعليه نستنتج أننا مقبلون – رضينا أم لم نرض – على عالم يسوده الجنس اللطيف الأكبر سنا.
التدخين والمرأة.. والرجل
نبه الدكتور جعفر إلى ارتباط عادة التدخين بكثير من أمراض الهرمونات، وبخاصة تأثيرها المضاد لهرمون الاستروجين. وقد اكدت كثير من الأبحاث هذه الحقيقة، فبينت انخفاض مستوى الهرمون الأنثوي في المدخنات مقارنة بغير المدخنات، وعلل ذلك باضطراب التمثيل الهرموني في الكبد لدى المدخنات. كما أثبت أيضا دور النيكوتين المباشر في ضمور المبيضين المبكر.
وأما من ناحية الرجل فيعتبر العجز الجنسي او ضعف الانتصاب هو الأثر الأكثر خطرا للتدخين على الحياة الأسرية. حيث أثبتت الدراسات بما لا يدعو للشك أن المدخنين أكثر بمرتين عرضة للضعف الجنسي من غيرهم. وأن التدخين السلبي يزيد من الإضطرابات الجنسية. وفي دراسة أميركية أجريت على أشخاص أصحاء بدأوا التدخين، اتضح انه بعد مرور ثماني سنوات من التدخين وعلى الرغم من عدم إصابتهم بأمراض القلب او السكر عانوا من نوبات ضعف جنسي وصل أحيانا إلى العجز الكامل. كما ارتبط التدخين بانخفاض شديد في ضغط الدم الواصل إلى القضيب. صنفت الدراسة عجز المدخنين وفقا لعدد السجائر اليومية. ووجدت أن المدخنين الشرهين (40 سيجارة فأكثر يوميا) يكونون الأضعف انتصابا. والعجز الجنسي هو عدم قدرة الرجل على الانتصاب او على المحافظة على الانتصاب من اجل العملية الجنسية. وأسبابه إما هرمونية أو نفسية أو عضوية (الأكثر حدوثا ). وتحدث من خلال اتزان دقيق بين ثلاثة أشياء: العضو الذكري، الحالة المزاجية والنفسية، والجهاز الدوري المتحكم في تدفق الدم إلى العضو. أي أن العملية الجنسية تتطلب تفاعل الجهاز العصبي والهرموني والدوري حتى يتم ضخ الدم ويحدث الانتصاب. ويحدث الضعف الجنسي كنتيجة مباشرة لتأثير التدخين في هذه الأجهزة. فالتدخين يسبب انسداد الشرايين مما يترتب عليه تكون الجلطات وتطور مرض السكر والعجز الجنسي. وبالمثل يكون تأثيره في الجهازين الهرموني والعصبي وبالتالي في القدرة الجنسية.
وجد أن قرابة 80% من المعانين من الضعف هم مدخنون أو كانوا مدخنين. فالتدخين له تأثير قصير وطويل المدى في تصلب أوعية الحوض الدموية التي بدورها تقلل من تدفق الدم الطبيعي في العضو الذكري. وليس هناك علاج لضعف الانتصاب إلا الإقلاع عن التدخين. وتعتمد نسبة الشفاء على مقدار التلف والضرر. إلا أن المؤكد هو انه كلما طالت فترة التدخين ازداد ضرره وقلت احتمالات الشفاء.
سرطان البروستاتا والسيجارة
وكحال السيدات وسرطان الثدي، فسرطان البروستاتا في الرجل مرتبط بهرموناته الذكرية وبتقدمه في العمر أيضا. وللعلم فقد أثبتت الدراسات أن هرمون الذكورة يزداد في المدخنين مما يترتب عليه ارتفاع خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. وفي المضمون نفسه، تشير الإحصائيات إلى ارتفاع في نسبة سرطان البروستاتا والوفاة من مضاعفاته بين المدخنين مقارنة بغيرهم.
ليست فقط مشكلة عمر
وقد اختلفت الآراء في شأن سن اليأس، فلم تؤكد اعتمادها فقط على هرمون التيستوستيرون. فما زال كثير من الأطباء يعتبر هذه الأعراض مرتبطة بالتباين في تقدم العمر. ومن الممكن منطقيا القبول بان قوة الجسم تقل في سن الستين ولكن لا يقبل كون من في سن الأربعين يبقى في الفراش بسبب التعب وتقدم السن فقط.. فهناك مشكلة ترتبط بكون نحو 13% ممن في سن الاربعين يعانون انخفاض نسب هرمون التيستوستيرون وأعراض سن اليأس.
سن اليأس
أفاد بحث علمي لجامعة لينكوبنغ السويدية بأن ثلث الرجال يظهرون في سن معينة أعراضا لسن اليأس. إذ توصل باحثون سويديون إلى أن أعراضا مثل التعرق واحمرار الجلد شائعة تحدث لدى من تجاوزوا الخامسة والخمسين. ويعتقد هؤلاء بأن البروتين GRP مسؤول عن أعراض سن اليأس لدى الجنسين. وذلك لأن النقص في الهرمونات الجنسية يرفع من تأثير هذا البروتين الدافع لتوسيع الأوعية الدموية مما يؤدي بدوره إلى التعرق واحمرار البشرة. لذا فمن شأن السيطرة على مستويات هذا البروتين المساعدة على معالجة أعراض سن اليأس. ويقول الفريق العلمي بأنه اكتشف أن استخدام العلاج بالإبر الصينية يساعد على تخفيف هذه الأعراض بنسبة 75%.
وقد استخدم الدكتور جعفر مقولة ‘لا تعايرني ولا أعايرك…..’ كمدخل لهذا الموضوع. وأضاف ‘ كثيرا ما يعاني الرجال من بعد الأربعينات من العمر من متاعب جنسية واكتئاب وتوتر وأرق ومشاكل زوجية وأعراض أخرى وقد وصفت هذه التركيبة من الأعراض بأعراض انحسار هرمون الذكورة. وكحال السيدات فالأعراض هنا هي نتاج للعوامل النفسية والاجتماعية والهرمونية. ويمكن تشبيه هذه الأعراض بتلك التي تحدث عند انحسار هرمون الإستروجين في السيدات في سن انقطاع الطمث. إلا أن هذا الانحسار يكون تدريجيا ومتباينا من رجل إلى آخر خلافا للسيدات، حيث تحدث أعراض انحسار الهرمونات الأنثوية بسرعة وبحدة.
وإذا كانت أزمة منتصف العمر في الرجال قد نالت أهمية في المجتمع، فالرجال في الستين من العمر يتعرضون لأزمة أعنف وتستحق مراعاة بشكل أكثر. فالتقاعد والمرض والترمل والضعف الجسدي والجنسي لهم أثر أبلغ في دور وشخصية الرجل. كما لا يخفى أن التقاعد يسبب أحيانا أزمة عنيفة على الرجولة مما يؤثر سلبا في التصرفات والعلاقة الحميمة.
فقدان كل شيء
كما أوضح الدكتور قناوي أن كل شيء يفقد إجباريا في الكبر، كفقدان البرستيج والكفاءة الجنسية والأصدقاء والزوجة والصحة والأمان المادي. وأشار إلى تسمية كثير من العلماء لهذه الفترة بمرحلة ‘أرذل العمر’ لظهور أعراض انهيار الرجولة في الأداء الجنسي والعوامل الاجتماعية. وعليه فقد أكد الدكتور ان جميع هذه الضغوط بالإضافة إلى كتمان الكبار لأحاسيسهم الجنسية، بدافع من الذنب والخجل تسبب تدهورا نفسيا كبيرا لهذه الفئة. والحل كما وصفه، قد يكون جزئيا في ما أثبتته الدراسات من أن صحة وإحساس الكبار بالقيمة والرضا عن النفس يرتفع متى أحيطوا بدائرة قوية من العلاقات الاجتماعية.
العلاج الهرموني
بما أن مستوى هرمون الذكورة في الرجال يقل بتقدم العمر، فالسؤال الذي طرحه الدكتور جعفر في كتابه هو، هل هناك دافع لبدء العلاج التعويضي لكبار السن من الرجال ؟ فصغار السن من الذكور المعانين مرضيا من ضعف وظائف الخصيتين وما يتبع هذا الضعف من تأثر كتلة وقوة العضلات وزيادة نسبة الدهون في الجسم وضعف العظام وانخفاض الرغبة الجنسية، يستعينون بالعلاج الهرموني. كما كشفت الدراسات أن الرجال الذين يتم إخصاؤهم (إزالة الخصية) يصاحبهم تدن في كتلة وكثافة العظام مما يعرضهم أكثر للكسور، والعلاج الهرموني التعويضي يحسن هذه الكتلة والكثافة.
ولكن في كبار السن فإن هذه التغيرات تحدث نتيجة لعوامل عديدة. فبالإضافة إلى انخفاض هرمون التيستوستيرون، فيصاحب التقدم بالسن الإصابة بأمراض مزمنة وتناول أدوية وحدوث تغيرات هرمونية أخرى. والجدير بالذكر أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الرجال الذين يعانون تدنيا في هرمون الذكورة معرضون أكثر للأزمات القلبية. وذلك لدور التيستوستيرون المهم في تحلل الفيبرين وتقليل مستوى الدهون الثلاثية. ومن هذا المنطلق تعد الاستعانة بالبدائل الهرمونية مفيدة. كما ان لهذه البدائل تأثيرا إيجابيا في المزاج العام والرغبة والنشاط الجنسي .
وعدد الدكتور جعفر قناوي الآثار السلبية للعلاج الهرموني ولخصها بالتالي:
1- قد تسوء حالة المريض فيتوقف تنفسه أثناء النوم لذا فعلى المعالج استبعاد هذه الحالات اولا.
2- زيادة مرضية في عدد كريات الدم الحمراء ومحتواها من الهيموغلوبين، وذلك بسبب تأثير الهرمون في النخاع وزيادة مؤشر كتلة الجسم.
3- معروف ان تضخم البروستاتا الحميد وسرطان البروستاتا يرتبطان بهرمون الذكورة و يضمران مع اختفاء الهرمون. ولكن ربط الاصابة مع العلاج الهرموني لا يزال غامضا. فلم تثبت دراسة علمية هذا الارتباط. بل ان أكثر من ثلاثين دراسة لرجال (40 – 89 سنة) تحت العلاج التعويضي لم يثبت لديهم التأثير السلبي. صحيح أن هذه النتائج مشجعة لكن التأثير طويل الأجل لا يزال قيد البحث، وقد يكون من الأسلم أن نمنع هذا العلاج في مرضي تضخم البروستاتا الحميد، وسرطان البروستاتا.
5- قد يؤدي العلاج بهرمون الذكورة إلى انحباس الماء والزيادة في ضغط الدم أو هبوط القلب.محاولات الحفاظ على الشباب
جرت محاولات عديدة لإعادة نشاط الرجال عن طريق بدائل الهرمونات وكانت أول تجربة لبدائل الهرمونات منذ 150 عاما على يد طبيب ألماني. وقد أشارت نتائج الدراسات الى أن استخدام بدائل هرمون التيستوستيرون لمدة خمس سنوات لم تظهر على مستخدميه مضاعفات سواء في القلب أو الكبد أو غدة البروستاتا.
دراسات محدودة
بينما أنهك الباحثون أنفسهم في دراسات مطولة وتفصيلية لسن اليأس عند النساء، مازالت دراساتهم تلك المتعلقة بسن يأس الرجال محدودة. فالنقص في الدراسات حول سن اليأس عند الرجال دفع العلماء في الأعوام الماضية الى عقد مؤتمرات وإجراء دراسات خاصة بأعراض الرجل الهرمونية. وللعلم، فهذه الدراسات تعتبر متواضعة مقارنة بتلك لسن اليأس التي شملت ملايين النساء، بيد أن المتوافر حاليا يشير الى أن نسبة التيستوستيرون تبدأ بالانخفاض تدريجيا منذ سن الأربعين للرجل وبمعدل 1 -2% كل عام. كما بينت الدراسات أن 40% من الرجال في سن الأربعين يعانون الأعراض التالية:
- خمول
- زيادة الانفعال (التوتر)
- تقلب المزاج
- قلة الرغبة الجنسية.
وأكدت كون معظم من هم في سن ال60 (أو كحد اقصى 80 عاما) يعانون الأعراض التالية :
البرود، والشعور بالخيبة والتعب
ضعف الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب
ضعف القوى العضلية والمعاناة من آلام الظهر
مزاج متعكر وكئيب، اهتياج نوبات تعرق
تسارع دقات القلب والشعور بالتوهج في الوجه والجسم أو ما يعرف بالهبات الساخنة.
رجل يسبب يأسه بيديه
يمكن تسمية هذه الأعراض بأعراض ‘سن اليأس للرجال’. وتتعدد هنا أسباب هذه المرحلة، فبينما يكمن جزء من السبب في الانخفاض المتدرج لهرمون الذكورة، قد يكمن السبب الأساسي في اتباع الرجال للعادات السيئة التي تدهور صحتهم مثل:
تعاطي الخمور.
التدخين
ارتفاع التوتر
تناول أنواع من العلاج
استخدام علاج غير موصوف من قبل الطبيب
نظام غذائي سيئ
الافتقار إلى ممارسة التمارين الرياضية
مشاكل نفسية وضغوط عصبية