نحن أبناء الكآبة و أنتم أبناء المسرات
نحن أبناء الكآبة و الكآبة ظل إله لا يسكن في جوار القلوب الشريرة
نحن ذوو النفوس الحزينة و الحزن كبير لا تسعه النفوس الصغيرة
نحن نبكي و ننتحب أيها الضاحكون و من يغتسل بدموعه مرة يظل نقيا الى نهاية الدهور
انتم لا تعرفوننا أما نحن فنعرفكم أنتم سائرون بسرعة مع تيار نهر الحياة فلا تلتفتون نحونا
أما نحن فجالسون على شاطىء نراكم و نسمعكم
أنتم لا تعرفون صراخنا لأن ضجيج الأيام يملأ آذانكم
أما نحن فنسمع أغانيكم لأن همس الليالي قد فتح مسامعنا
نحن نراكم لأنكم واقفون في النور المظلم
أم أنتم فلا تروننا لأننا جالسون في الظلمة المنيرة
نحن نبكي و دموعنا تنسكب في قلب الحياة مثلما يتساقط الندى من أجفان الليل في كبد الصباح
أما أنتم فتبتسمون و من جوانب أفواهكم المبتسمة تنهرق السخرية مثلما يسيل سم الأفاعي على جرح الملسوع
نحن نبكي لأننا نرى تعاسة الأرملة وشقاء اليتيم
وأنتم تضحكون لأنكم لا ترون غير لمعان الذهب
نحن نبكي لأننا نسمع أنة الفقير و صراخ المظلوم
وأنتم تضحكون لأنكم لا تسمعون سوى رنة الأقداح
نحن أبنا الكآبة و أنتم ابناء المسرات
فهلموا نضع مآتي كآبتنا و أعمال مسراتكم أمام وجه الشمس
نحن أبناء الكآبة و أنتم أبناء المسرات و بين كآبتنا و سروركم عقبات صعبة المسالك ضيقة المعابر لا تجتازها خيولكم
نحن نفرش سبلكم بالورود و أنتم تغمرون مضاجعنا بالأشواك و بين الورود و أشواكها تنام الحقيقة نوما عميقا أبديا
كلمات راقت لي من سطور جبران خليل جبران