هنا

[ابو رباب]

الجهل المركب:
""""""""""
[القسم الاول]
الجهل من الامراض العضال التي لها مضاعفات كثيرة وخطيرة على الجسم الفكري، بل لا توجد رذيلة ومنقصة الا وللجهل فيها يد، وبالخصوص اذا اقترن بالفقر، وكنا قد وعدناكم سابقا ان نتحدث عنه في منشور مستقل، وها نحن نفي بوعدنا:
الجهل: هو خلو النفس من العلم والمعرفة، قال تعالى: ((والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا))، او الاعتقاد بخلاف الواقع، وهو يقابل العلم تقابل الملكة وعدمها، اي ان العالم عنده ملكة العلم، والجاهل عدمها، ويشترط في تقابل الملكة وعدمها ان ان يكون المحل قابلا للملكة، فلا يوصف الحجر بانه جاهل لانه ليس لديه قابلية العلم، بخلاف الانسان الذي وان ولد خالي الذهن من اي علم كما اشارت اليه الآية الشريفة، لكنه يمتلك استعدادا وقابلية للتعلم، وهذ ما يميزه عن سائر العجماوات، وان كان للبعض منها شيء من الاستعداد للمعرفة البسيطة ببعض الامور، وعليه فليس منقصة في الحجر ان يكون جاهلا، وذلك لعد قابليته للتعلم، وعليه وصفه بالجهل غير صحيح اصلا، بخلاف الانسان الجاهل فان جهله منقصة كبيرة جدا، لامتلاكه قابلية التعلم، لذا تجد القرآن عندما يريد ان يوبخ الجاهل يصفه، بانه كالحجارة، او اضل من الانعام، لان تلك معذورة في جهلها، بل لا توصف بالجهل اصلا.
ثم ان الجهل ينقسم الى قسمين:
الاول: الجهل البسيط: وهو ان يجهل الانسان ويعلم انه جاهل، اي ملتفت الى جهله.
الثاني: الجهل المركب: وهو ان يجهل الانسان ويجهل انه يجهل، اي غير ملتفت الى جهله.
ففي الاول عندنا جهل واحد، وعلم بذلك الجهل، وفي الثاني عندنا جهلان بلا اي علم، جهل بالشيء وجهل بجهله، فهو يظن انه عالم، لذا سمي مركبا، اي مركب من جهلين، وهنا تكمن خطورة هذا المرض، فالاول بما ان ملتفت الى جهله سوف يتوجه الى رفعه، اما الثاني فيحتاج الى ان ينبه الى جهله، ومن ثم التوجه الى رفعه، والمهمة الاولى اصعب من الثانيه، اعني تنبيه الى جهله، لانه يظن انه عالم فيكون من الصعب اقناعه بانه جاهل.
لذا سوف ينصب كلامنا على القسم الثاني، لخطورته، ولدخول اصحاب الاعتقادات الباطلة، والافكار الخاطئة فيه، ان لم يكونوا معاندين او مغرضين، فقد يدعي الانسان انه عالم لكنه في الحقيقة جاهل، فهذا اذا لم يكن معاندا او مغرضا فهو جاهل مركب، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((ما هلك امرؤ عرف قدر نفسه)).
والكلام سوف يكون في الجهات الآتية:
(١) الجهل المركب في القرآن والروايات.
(٢) اسبابه.
(٣) اعراضه.
(٤) علاجه.
الجهة الاولى: الجهل المركب في القرآن والروايات: نكتفي بذكر بعضها معتمدين على نباهة القاريء وطلبا للاختصار:
١. ((قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ؟ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا))
٢. ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ))
٣. عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((من أعجب بنفسه هلك، ومن أعجب برأيه هلك، وإن عيسى بن مريم (عليه السلام) قال: داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله، وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه! فقيل: يا روح الله! وما الأحمق؟
قال: المعجب برأيه ونفسه، الذي يرى الفضل كله له لا عليه، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقا، فذاك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته)).
٤. عن امير المؤمنين (عليه السلام): ((وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالمِاً وَلَيْسَ بِهِ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلاَّلٍ، وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حبالِ غُرُورٍ، وَقَوْلِ زُورٍ، قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ، وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلى أَهْوَائِهِ، يُؤْمِنُ مِنَ الْعَظَائِمِ، وَيُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ، يَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ، وَفِيهَا وَقَعَ، وَيَقُولُ: أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ، وَبَيْنَهَا اضْطَجَعَ، فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ، وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ، لاَ يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ، وَلاَ بَابَ الْعَمَى فيَصُدَّ عَنْهُ، وَذلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءَ!))
٥. عن الامام الصادق (عليه السلام): ((الناس اربعة: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك عالم فتعلموا منه، ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك نائم فأنبهوه، ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه، ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذاك أحمق فاجتنبوه)). — مع ‏سلام حسن الشمري‏ و ‏‏99‏ آخرين‏.

[سيدة الحروف]

​يسلمو عالمجهود والطرح اخي

[عاشقة ابو تراب]

شكرا لك ع الطرح الرائع والاختيار المميز