قال صاحبي المسكين
وبيننا حب بغير طريقة الحب
فإن طبيعتي الروحانية الكاملة تهوى فيها طبيعتها البشرية الناقصة
فأنا أمازجها بروحي فأتألم لها، وأتجنبها بجسمي فأتألم بها.
حب عقيم مهما يكن من شيء فيه لا يكن فيه شيء من الواقع...
حب عجيب لا تنتفي منه آلامه ولا تكون فيه لذاته.....
حب معقد لا يزال يلقي المسألة بعد المسألة، ثم يرفض الحل الذي لا تحل المسألة إلا به...
حب أحمق يعشق المرأة المبذولة للناس، ولا يراها لنفسه إلا قديسة لا مطمع فيها...
حب مجنون كالذي يرى الحسناء أمام مرآتها فيقول لها اذهبي أنت وستبقي في هذه التي في المرآة...قلت: اللهم رحمة
ثم ماذا يا صاحبي المسكين؟
قال: ثم هذه التي أحبها هي التي لا أريد الاستمتاع بها ولا أطيقه ولا أجد في طبيعتي جرأة عليه
فكأنها الذهب وكأني الفقير الذي لا يريد أن يكون لصًّا
يقول له شيطان المال: تستطيع أن تطمع
ويقول له شيطان الحاجة: وتستطيع أن تفعل
ويقول هو لنفسه: لا أستطيع إلا الفضيلة!
إن عذاب هذا بشيطانين لا بشيطان واحد،
غير أن لذته في انتصاره كلذة من يقهر بطلين كلاهما أقوى منه
وأشد.
مصطفى صادق الرافعي