لا نقصد بالسفينة تلك التي نراها تمخر عباب البحار، وتشق سكون الأنهار، ولكننا نقصد بها سفينة الصحراء... الإبل..
وقد ظللنا لفترات طويلة نعتقد أن إعجاز الخلق في الإبل ينحصر في قدرتها على تحمل الجوع والعطش والسير لمسافات بعيدة، ولكن استرعى انتباه العلماء والباحثين، تلك القدرة العجيبة التي تتمتع بها الإبل في مقاومة العديد من الأمراض الوبائية التي تفتك بالحيوانات الأخرى كالأبقار والأغنام والماعز،
على الرغم من الظروف القاسية والصعبة التي تتعرض لها الإبل حيث تعيش غالباً في الصحراء وتتعرض إلى قسوة حرارة الشمس صيفاً، وقسوة برد الشتاء خاصة خلال ساعات الليل، أضف إلى ذلك ما تتعرض له الإبل من مشقة العمل المضني والجوع والعطش نتيجة للسير مسافات كبيرة في الصحراء،
ورغم أن هذه العوامل تعمل على إضعاف الجهاز المناعي لدى أي حيوان، مما يقلل من قدرته على مقاومة الأمراض خاصة الوبائية، إلا أن الإبل تقاوم تلك الإجهادات المتنوعة وتقاوم الإصابة بالعديد من الأمراض أكثر من مقاومة الحيوانات الأخرى لها.
لقد أبدى العديد من العلماء دهشتهم من تلك القدرة الهائلة على المقاومة غير المفهومة لدى الإبل، وأخيراً استطاعوا فك طلاسم ذلك السر العجيب الذي يعطي للإبل تلك القدرة، إن السر يكمن في قوة الجهاز المناعي للإبل الذي يعتبر من المعجزات التي أودعها الله سبحانه وتعالى في هذا المخلوق العجيب،
حيث يقوم النخاع العظمي بإنتاج الخلايا المناعية التي تفرز مواداً مناعية صغيرة الحجم تحوي الحمض النووي (DNA) وصغر حجمها يعطيها قدرة هائلة في الدفاع عن الجسم، حيث تسبح هذه المواد مع الدم إلى جميع أجزاء الجسم،
وتخترق أغشية الخلايا بسهولة، وتتميز بقدرة عالية على الالتحام بأهدافها وتدميرها ـ بخلاف الإنسان والحيوانات الأخرى حيث يصل حجمها إلى عشرة أضعاف حجمها في الإبل، فتكون قدرتها على مهاجمة الأعداء أقل بكثير من قدرة مثيلتها في الإبل
ـ إنها بذلك تمثل السلاح الفعال ضد أي جسم غريب يهاجم الجسم فتقضي عليه لحظة دخوله دون المساس بالخلايا السليمة وأجهزة الجسم الطببيعية،
كما إن منتجات الجهاز المناعي تشمل أيضاً مادة الإنترفيرون وهي تعمل كالفيروس تماماً فتدخل الخلية وتنمو وتتكاثر، فتمنع أي فيروس آخر من الدخول، فلا تجد الفيروسات مكاناً لها داخل الخلية فتموت، ولهذا يسمي الإنترفيرون بـ"عامل منع الفيروسات من الدخول".
ويختلف الطحال في تركيبه عن سائر الحيوانات، فهو محاط بغلاف سميك، وله القدرة على اختزان الدم، لتعويض ما يفقده الجسم من الدم إذا تعرض البعير إلى نزيف بجرح طارئ.