يعد فن الباليه تدريباً شاملاً للجسد والنفس؛ حيث أنه يساعد على التمتع بالخفة والرشاقة ووضعية الجسم المنتصبة من ناحية، ويُسهم في تهذيب المشاعر وزيادة الثقة بالنفس والشعور بالاسترخاء والهدوء من ناحية أخرى.
وقالت هيلغا بفينيغ، صاحبة مدرسة باليه خاصة بمدينة شتوتغارت الألمانية، إن الفرق بين الحركات الخاصة برقص الباليه والأشكال الحركية لأية أنشطة رياضية أخرى يتمثل في العنصر الموسيقي، أي الربط بين الحركة والموسيقى.
وأضافت بفينيغ قائلة: "يعد الباليه بمثابة مُتنفس للشعور بالراحة والاسترخاء يبتعد المرء خلاله عن أعباء اليوم؛ ومن ثمّ لا يفكر أثناء رقص الباليه في أية أعباء تشغله؛ فهو وسيلة مثالية للهروب من صخب الحياة وإيقاعها المحموم".
وأشارت الخبيرة الألمانية بفينيغ إلى أن هذا لا يلغي حقيقة أن هذه النوعية من فنون الرقص تتطلب قدراً عالياً من التدريب والمثابرة خلال الممارسة؛ "حيث يحتاج الباليه لمتطلبات جسمانية عالية للغاية، حتى وإن لم يبدو كذلك".
وأضافت مُدرسة الباليه الألمانية بفينيغ أنها تستقبل الأطفال في مدرستها بدءًا من عمر ثلاثة أعوام ونصف، لافتة إلى أنها تعتمد في هذه المرحلة العمرية على نوعيات الحركات المفعمة باللعب. ولكن بمجرد الوصول لعمر الالتحاق بالمدرسة يتم التدرب على أشكال رقص الباليه التقليدية.
وحذرت بفينيغ من تدريب الأطفال الصغار في مثل هذه المرحلة العمرية وحتى بلوغهم 11 عاماً على تقنيات الباليه المتقدمة كالرقص على أطراف الأصابع، مشددةً على ضرورة أن يكون الطفل قد تلقى أيضاً في هذه المرحلة العمرية العديد من حصص التدريب على الباليه، كي يبدأ في تعلم مثل هذه التقنيات.
ومن جانبها، تنصح راقصة الباليه الألمانية المحترفة ليانه زيمل الأطفال حتى عمر 10 أعوام بالتدرب بمعدل وحدتين تدريبيتين، لافتةً إلى إمكانية زيادتهما إلى ثلاث وحدات بعد تخطي هذه المرحلة العمرية.
حركية الخصر
وأشارت زيميل إلى أنه لا توجد شروط تقريباً للبدء في ممارسة الباليه، إلا أنه كلما زادت حركية الخصر، كان ذلك أفضل بالنسبة للجسم أثناء التدريب.
وبشكل أساسي أكدت زيمل أنه ينبغي أن تتوافر الرغبة بالطبع لدى مَن يتدرب على رقص الباليه، لاسيما بالنسبة للطفل؛ حيث تعد المتعة والبهجة من المزايا الأساسية بالنسبة له. لذا يجب ألا يلتحق الأطفال بدورات التدريب على الرقص بإجبار من الآباء.
وعن الفوائد الصحية للباليه قالت إلفي داتسر من معهد الرقص والفنون الحركية التابع للجامعة الرياضية الألمانية بمدينة كولونيا: "يُسهم الباليه في التمتع بصحة جيدة ودعم القدرة على الوقوف على نحو قائم واكتساب القدرة على الشعور بالحركة والإيقاع الموسيقي وكذلك تحفيز شعور الثقة بالنفس".
وأضافت داتسر أن الباليه يساعد الطفل أيضاً على تطوير إدراكه بجسمه على نحو أفضل بفضل الحركات التي يتم تأديتها أثناء الرقص والمتمثلة في فرد الجسم ومده ورفع الرأس وإطالة الأذرع، لافتة بقولها: "يعمل ذلك على خلق نوع معين من إدراك الذات لدى الطفل".
ومن الناحية الطبية، أكدت راقصة الباليه الألمانية زيمل أنه قلما توجد أضرار للباليه، ولكن لا يمكن فقط من خلاله تحقيق قوة التحمل على المدى الطويل، بينما يتمتع في المقابل بدعم قدرات التناسق العصبي العضلي للجسم وتحفيز قوته وزيادة قدراته الحركية. وأكدت زيمل على ذلك بقولها: "لا توجد أي نوعية من التمارين يمكنها تدريب الجسم بشكل شامل كالرقص".
وبشكل عام تطمئن زيمل أنه نادراً ما يتم مواجهة خطر التعرض لإصابات أثناء رقص الباليه، لافتةً إلى أن الأطفال يتعرضون أحياناً إلى الشعور بآلام في الركبة بفعل حركات الدوران الخارجي، وكثيراً ما يعانون أيضاً من التواء في القدم. لذا ينبغي على مدربي الرقص الانتباه جيداً إلى هاتين المشكلتين.
إشراف طبي
أما إذا تم البدء في رقص الباليه بعد تجاوز مرحلة الطفولة، فتشدد راقصة الباليه الألمانية زيمل على ضرورة ممارسته تحت إشراف طبي في مثل هذه المراحل العمرية،
مؤكدةً بقولها: "ينبغي أن يكون الطبيب على دراية كبيرة بالرقص أيضاً".
وأشارت زيمل إلى أن الأشخاص، الذين يزيد عمرهم عن 25 عاماً، يمكن أن يصابوا ببعض آلام الظهر، لاسيما إذا لم يكونوا من ممارسي الرياضة قبل البدء في تعلم الباليه.
وأردفت زيمل أن الحركات المرنة التي يتمتع بها رقص الباليه تسهم في الحفاظ على مرونة الأنسجة. كما يسهم الضغط على العظام مع شد العضلات في الحفاظ على مرونة العظام، ويساعد أيضاً على استقرارها؛ ومن ثمّ يقي من السقوط، ما يجعله يتمتع بفائدة كبيرة لكبار السن ومرضى هشاشة العظام بصفة خاصة.