امــــــــــــــــــور تخـــــــفف مــــــــــــــن وحـــــــــــــشة القـــــــــــــــــبر وظلــــــمته
إن أول ما يواجهه الإنسان في القبر هو(وحشة القبر وظلمته) فهذا الإنسان الذي ربما خرج من قصور فارهة، ودنيا واسعة، وإذا به في حفرة ضيقة مظلمة موحشة، وما أشدها من ظلمة، وما أقساها من وحشة، فقد ورد في الحديث الشريف: تصدقوا عن أمواتكم في أول ليلة، فإنها ليلة موحشة مظلمة.
ولذا يذكر الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم، أنه من المستحبات المؤكدة لما يعمل للميت في أول ليلة، الصدقة، وبعضهم يلتـزم باستحباب صلاة الوحشة أيضاً.
إنها ساعات مرعبة، مخيفة رهيـبة، حيث يجد الإنسان نفسه في قبر موحش، لا أنيس له إلا عمله، انقطع عنه ماله، فلم يقدّم له إلا كفنه، وانقطع عنه أهله وأولاده بعد أن أوصلوه وواروه في تربته، ويـبقى معه عمله، في قبره، في حشره، على الصراط، عند الميزان، إلى أن يوصله إما إلى جنة أو إلى نار.
هذا وقد وردت في النصوص عن أئمتنا(ع) ما ينفع لتخفيف وحشة القبر وظلمته، لا بأس بالإشارة إلى جملة منها:
الأول: قراءة سورة يـس قبل النوم:يستحب للإنسان إذا آوى إلى فراشه أن يقرأ سورة(يس) والتي تسمى قلب القرآن، لأن من ثمرات ذلك التخفيف من وحشة القبر وظلمته.
الثاني: عيادة المرضى:
جاء: أي مؤمن عاد مؤمناً في الله عز وجل في مرضه، وكلّ الله به ملكاً من العواد يعوده في قبره ويستغفر له إلى يوم القيامة
الثالث: إدخال السرور على قلوب المؤمنين:فإذا أدخل الإنسان السرور على قلب مؤمن أدخل الله السرور عليه في قبره، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: إذا بعث المؤمن من قبره خرج معه مثال من قبره يقدمه أمامه، وكلما رأى المؤمن هولاً من أهوال يوم القيامة قال له المثال لا تحزن ولا تفزع وأبشر بالسرور والكرامة من الله، فلا يزال يـبشره بالسرور والكرامة من الله حتى يقف بين يدي الله جل جلاله فيحاسبه حساباً يسيراً، ويأمر به إلى الجنة، والمثال أمامه، فيقول له المؤمن رحمك الله نعم الخارج كنت معي من قبري، وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة حتى رأيت ذلك، فمن أنت؟ قال: فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن، خلقني الله منه لأبشرك.
وسائل إدخال السرور على المؤمن:
هذا ولا يخفى أن هناك عدة وسائل يمكن للإنسان أن يستخدمها لإدخال السرور على قلب أخيه المؤمن، ولنشر لبعضها:
منها: مساعدة المؤمن.
ومنها: تفريج كربته.
ومنها: زيارته.
ومنها: مشاركته أفراحه وأحزانه.
ومنها: الدفاع عنه.
ومنها: تفقد أحواله دائماً.
الرابع: صلاة ليلة الرغائب، في أول ليلة من ليالي الجمع من شهر رجب:وقد ورد أن من صلاها غفر الله له ذنوباً كثيرة، وإذا كان أول ليلة نزوله إلى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول: يا حبيـبي أبشر فقد نجوت من كل شدة، فيقول من أنت فما رأيت أحسن منك وجهاً ولا سمعت كلاماً أحلى من كلامك، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول: يا حبيـبي، أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا، في بلد كذا، في شهر كذا، في سنة كذا، جئت الليلة لأقضي حقك، وأؤنس وحدتك وأرفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظلّلت في عرصة القيامة على رأسك، فافرح فإنك لن تعدم الخير أبداً
الخامس: الصلاة على محمد وآل محمد:فقد ورد في كثير من الأحاديث والروايات، أن من فوائد وثمرات الصلاة على محمد وآل محمد(ص) أنها تملأ قبر الإنسان بالنور والحبور، والأنس والسرور، فعلى الإنسان أن يكثر من الصلاة على محمد وآل محمد(ص)، ليحظى بوافر العطاء الرباني، وجزيل الفيض الإلهي، فالشقي كل الشقي من حرم من هذا العطاء، وهذا الفيض.
السادس: التقوى والورع:وأهم الأمور التي تخفف من وحشة القبر وظلمته، وأهم الأمور التي تمهد للإنسان رقدة هانئة في قبره، هي التقوى والورع والصلاح والطاعة لله تعالى، فكل من كان صالحاً تقياً ورعاً مطيعاً لله سبحانه وتعالى، فإنه يضمن حياة سعيدة منعّمة في القبر، ويضمن حياة مملوءة بالأنس والسرور والضياء والنور.
جاء عن أمير المؤمنين(ع) في العظة بالتقوى:- ( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً) قد أمن العذاب، وانقطع العتاب وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار.