TODAY - 31 August, 2011
خرافات وأساطير طبية.. بين الحقيقــــة والخيال
كتاب لباحثين أميركيين يفند الكثير منها
حاول الكثير منا تجربة الوصفات الطبية لتجنب الوقوع في المرض، لكن إن كنت تؤمن بالنظرية القائلة بأن الخروج بشعر مبلل سيصيبك بالمرض، وبأن فقاعات المشروبات الغازية قد تجعل عظامك هشة، أو أن الفلفل الحار قد يتسبب في قرح المعدة، فلك أن تعيد النظر في هذه الأفكار.. لأن هذه الأفكار ببساطة ليست صحيحة، حسب الكتاب الذي يحاول استكشاف الحقيقة في هذه الأساطير، أو بالأحرى الخرافات الصحية.
* كتاب جديد
* يؤكد مؤلفا كتاب «لا تجبر عينك على أن تكون حولاء.. لأنها ستتبقى كذلك - Don›t Cross Your Eyes.. They›ll Get Stuck That Way»، على أنه لا توجد أدلة على أن البرودة تزيد من مخاطر الإصابة بالبرد، كما لم تجد الدراسات أي رابط بين لين العظام والكربونات، وأن مادة الكابسيسين، التي تحدث الحرارة في الفلفل، أظهرت الدراسات فعليا أنها تقلل من حدوث قرحة المعدة، ولا تزيدها.
بالنسبة للأمهات اللاتي يحذرن أطفالهن بشأن مخاطر تظاهر الإصابة بالحول عن عمد. صحيح أن فعل ذلك يمكن أن يجهد عضلات العين، وربما ينتج عنه تشنجات في العين، لكن من الخطأ الاعتقاد بأن العيون قد تلتصق في مكانها، كما كتب الدكتور آرون كارول والدكتورة راتشيل فيرمان، طبيبا الأطفال والباحثان في كلية الطب بجامعة إنديانا إثر بحثهما السابق «لا تقم بابتلاع العلكة! أسطورة، نصف الحقيقة والأكاذيب الصحيحة بشأن جسمك وصحتك».
* خرافات وحقائق
* وقد طرحت صحيفة «يو إس إيه توداي» الأميركية جملة من الأسئلة حول تلك الخرافات.
* لماذا ينتشر الكثير من هذه الخرافات الصحية؟
الدكتورة فيرمان: ربما يحتوي بعض من هذه الخرافات على الحقيقة، مثل فكرة أن البيض يحتوي على مستويات عالية من الكولسترول. فالبيض بالفعل يمتلك كميات كبيرة من الكولسترول، لكن الرابط بين البيض والمستويات المرتفعة من الكولسترول في دمك ضئيلة للغاية. وهناك الكثير من الأساطير التي نسمعها من الخبراء أو الأفراد الذين تثق فيهم، أو والدتك أو طبيبك. وعندما نسمع أشياء من الأفراد الذين تثق فيهم فإننا نبدو راغبين في التمسك بها.
* لماذا تكون الخرافة مكلفة في الوقت والطاقة والمال؟
الدكتورة فيرمان: علاجات نزلات البرد أفضل مثال على ذلك. وقد قمنا في هذا الكتاب بفحص كل الأشياء التي حددها الأفراد كوسائل محتملة لمنع الإصابة بنزلات البرد أو علاجات البرد، التي تشمل المكملات (الحبوب) الغذائية وفيتامين «سي»، لكننا اكتشفنا أن أيا منها غير ناجع، وأن الأفراد ينفقون الكثير من الأموال على هذه المنتجات أملا في أن توقفهم من المرض أو أنها ستسهم في شفائهم بصورة أكبر عندما يصابون بالمرض دون جدوى.
الدكتور كارول: لا توجد لدي مشكلة مع الأفراد الراغبين في تجربة العلاجات المنزلية أو الأشياء الرخيصة نسبيا، إذا لم تكن ناجعة. لكننا عندما يقوم البعض بتقديم بعض المنتجات على أنها عقاقير للعلاج أو أن يشرع في تقاضي الأموال من الأفراد مقابلها فإن ذلك يصبح أكثر من مجرد قضية. ومثال ذلك استخدام الرذاذ البارد في علاج الخناق (croup) مع الالتهاب الحاد في الحنجرة، مثال على ذلك، عندما لا توجد دراسات توضح هذه الفائدة.
*مراجعة الأفكار
* كتابك ممتع في قراءته، لكنه يتضمن إشارات مفصلة إلى أبحاث علمية. لماذا؟
الدكتور كارول: هذه الأساطير أو الخرافات خالدة لأن الأفراد ذوي السلطة يداومون على ترديدها دون تفكير مباشر في الأدلة التي تدعمها، ومن ثم نحاول أن نظهر الأدلة ثم نسمح للأفراد باستخلاص النتائج.
* هل كانت هناك بعض الآراء التي كنت تؤمنين بها لكنك الآن تراجعت عنها؟
الدكتورة فيرمين: بكل تأكيد، كان هناك اعتقاد بأن على الإنسان ممارسة الإحماء قبل ممارسة الرياضة. أنا أمارس رياضة الجري، وأسمع أن من المفروض ممارسة الإحماء طوال الوقت. أنا لم أكن من المداومين على عملية الإحماء لكني صدمت عندما رأيت الكثير من الدراسات التي أشارت فعليا إلى أن عملية الإحماء لا تجدي في منع الإصابات، أو آلام العضلات، وربما تجعل أداءك أسوأ. الأمر الآخر هو أن الاعتقاد كان سائدا بأن عليك أن لا تغطي الجروح لمساعدتك على الشفاء. كنت أسمع ذلك من والدتي ومن زملائي الأطباء، ولذا دهشت كثيرا عندما اكتشفت أن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن تعريض الجروح للهواء تعمل على التئامها بشكل بطيء للغاية وتجعلها أقرب إلى التحول إلى ندوب.
كارول: كان ابني لا يأكل أي شيء عدا الجبن إذا سمحت له، وكنت أعتقد أن تناول الكثير من الجبن هو ما جعله يصاب بالإمساك، ولذا عندما اكتشفت أنه لا يوجد رابط علمي بين تناول الجبن والإصابة بالإمساك كان الأمر صادما لي. هناك بطبيعة الحال بعض الأفراد الذين يعانون من بعض الأعراض نتيجة تناول الحليب ومنتجات الألبان، لكن هذه الأعراض عادة ما تكون مرتبطة بالإسهال والشعور بالانتفاخ وعدم الراحة، لا الإمساك.
* هناك بعض العلاجات القليلة التي تستحق الشهرة التي نالتها، فنبات الصبار على سبيل المثال علاج جيد للحروق.
- أنا على يقين من أن هذا الأمر سيثبت أنه خرافة، وأحد العلاجات المنزلية التي لا تؤدي مهمتها على الإطلاق، غير أن هناك بعض الدراسات الجيدة للغاية التي نشرت في الدوريات الطبية، والتي تشير إلى أنه يساعد في التئام الكثير من الحروق، وعادة ما يكون أسرع من الأدوية التي عادة ما نستخدمها.
* تقولون إن على مستخدمي الهاتف الجوال أن لا يقلقوا بشأن مخاطر الإصابة بسرطانات المخ، على الرغم من بيان منظمة الصحة العالمية مؤخرا الذي وصف الهواتف الجوالة بأنها مسببات محتملة للسرطانات.
الدكتور كارول: استخدم تحليل منظمة الصحة العالمية البيانات التي نشرت قبل فترة طويلة والتي أرفقناها ضمن كتابنا، والتي لم تغير أيا من نتائجنا، فمليارات الأفراد يستخدمون الهواتف الجوالة، وإذا ما كان هناك رابط أساسي بين استخدام الهواتف الجوالة وأورام المخ فقد كان المفترض أن نشهد ارتفاعا في سرطانات المخ، لكننا لم نشهد أيا من هذا.
* أضرار الهواتف الجوالة والقهوة
* أصيب الكثير من مستخدمي الهواتف الجوالة بالانزعاج في مايو (أيار)، مع إعلان منظمة الصحة العالمية وضع الهواتف الجوالة على قائمة المواد «المسببة المحتملة للسرطان» لدى البشر، وكذلك أن القهوة أيضا تلعب دورا في الإصابة بسرطان المثانة.
وفي كتابهما الجديد «لا تجبر عينك على أن تكون حولاء..» أشار آرون كارول وريتشيل فيرمان إلى الحاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة ما إذا كانت الهواتف الجوالة تسبب أضرارا بعيد المدى، لكن القول بأنها تسبب سرطان المخ هو من قبيل الخرافة.
ويقول كارول الذي يدير مركز سياسة الصحة والبحث المهني في كلية الطب بجامعة إنديانا إن «تحليل منظمة الصحة العالمية قد استخدم البيانات التي نشرت قبل وقت طويل، والتي أرفقناها ضمن الكتاب، لكنها لم تغير أيا من نتائجنا، فالمعلومات التي أثارت المخاوف بشأن مخاطر الإصابة بالسرطان جاءت من نوع من الدراسة ستجعل من الصعب القول بشكل قاطع إن الهواتف الجوالة تسبب السرطان».
ويضيف كارول: «إنها تقدم أشبه ما يكون بالخطوة الأولى، إلا أن التساؤل هو: هل هناك رابط محتمل ينبغي علينا إجراء المزيد من البحث عليه؟ وهذا هو ما نقوم به».
ويرى كارول أن هناك عاملا مهمّا آخر يتمثل في أن مليارات الأفراد يستخدمون الهواتف الجوالة. وإذا ما كان هناك ارتباط رئيسي بين استخدام الهاتف الجوال وأورام المخ، فمن المتوقع أن نلحظ ارتفاعا في أرقام الإصابة بسرطانات المخ، لكننا ببساطة لم نرَ أيا من ذلك. ولذا فإما أنه لا يوجد دليل على أي زيادة في سرطانات المخ أو أن الرابط ضعيف للغاية.
وتأتي القهوة على نفس المنوال، فيقول كارول: «لا توجد مخاطر واضحة، على الرغم من الكثير من الدراسات التي تشير إلى الفوائد الصحية، التي من بينها انخفاض مخاطر الإصابة بسرطان البروستاتا وسرطان الثدي».
* * *