« إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار» آل عمران(190،191)
يسمع الكثير من الناس عن التفكر، ويختلفون في فهم كنهه، فبعضهم يعتقد أنه التفكير، وبعضهم يعتقد أنه تدبر آيات القرآن الكريم، وبعضهم يرقى لمعرفة أن التفكر عبادة.
اهتم القرآن الكريم والسنة المطهرة بموضوع التفكر في الأنفس والآفاق، بالطريقة التي تملأ العقل والقلب بجلال الله سبحانه وتعالى وكريم صفاته، حتى قيل " الفكر – أي التفكر هنا - هو المبدأ والمفتاح للخيرات كلها، وأنه من أفضل أعمال القلب وأنفعها له ".
مفتاح دار السعادة ص: 183.
والتفكر في مخلوقات الله عبادة تعبر بالإنسان من ألفة النعم والمخلوقات من حوله إلى حقائق الوجود ودلالات التوحيد و إدراك صفات الجمال والجلال والكمال للرب جل علاه.
:: " تفكر ساعة خير من قيام ليلة ".
الجامع لأحكام القرآن، 4 / 200
والتفكر عبادة قرآنية مسنونة عن نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعن الأنبياء من قبله، وهي أعظم عبادة في الإسلام، يعدها العلماء " بالعامود الفقري " لبناء الإيمان اليقيني، وقد سئل أبو الدرداء: أفترى التفكر عملاً من الأعمال؟ قال: نعم هو اليقين.
الجامع لأحكام القرآن، 4/200
فكثرة التفكر في ملكوت السماوات والأرض تقودنا إلى اليقين بأنه – سبحانه – ما خلق هذا الكم الهائل من الآيات بلا هدف ولا غاية.
ويعرف التفكر من وجهة نظر علم نفس تربوي بأنه " حالة ذهنية ووجدانية تتزامن في أثناء تأملات المتفكر في شيء خارجي محسوس أو فكرة داخلية مجردة، يتذوق من خلالها جمال الصنع وبراعة التصوير، ويرى حكمة الخلق والتدبير، فيشاهد آثار وجود الله و يستدل على أسمائه وصفاته العليا، وتتدفق مشاعره بمحبة الله وخشيته، ليزداد معرفة وإيماناً يفيض على البدن والجوارح ظاهراً بعمله الصالح وسلوكه الأخلاقي"