القرآن يتنبأ بعصر الفضاء
طالما راود الإنسان حلم الصعود إلى الفضاء الخارجي، وطالما فكَّر في وسيلة تجعله يخرج من نطاق جاذبية الأرض ليكتشف أسرار السماء وما فيها.
هذا الحلم لم يبدأ بالتحقق إلا في نهاية القرن العشرين عندما بدأت رحلة البحث العلمي، وبدأ آلاف العلماء في مشارق الأرض ومغاربها بكتابة أبحاثهم وإجراء تجاربهم حول آلية الخروج من الأرض، وما هي الخطوات التي يجب سلوكها لتحقيق ذلك.
ولو سألنا العلماء المختصين بإطلاق المراكب الفضائية وتصميمها عن أهم شيء يصادفهم حتى تكون الرحلة ناجحة فسيجيبون بأمرين:
أولاهما أن خروج المركبة الفضائية من نطاق جاذبية الأرض يجب أن يتم من أبواب أو منافذ محددة للغلاف الجوي.
والأمر الثاني هو أن حركة المركبة في الفضاء يجب أن تكون حركة منحنية تعرجيه وليست مستقيمة.
لماذا هذين الاعتبارين؟ إن الغلاف الجوي مُحَاط بحقول جاذبية ومغناطيسية وإذا لم يتم إطلاق المركبة من نقطة محددة فسوف تنحرف عن مسارها بفعل هذه الحقول وتفشل الرحلة.لذلك يقوم العلماء بدراسة النقاط المحددة للغلاف الجوي والتي يمكن أن تنطلق منها المركبة الفضائية.
ما هو شكل الطريق الذي تسلكه هذه المركبة؟ بالطبع هو طريق متعرج والسبب في ذلك لتحاشي حقول الجاذبية التي تمارسها الشمس والقمر وبقية كواكب المجموعة. فحركة المركبة الفضائية في الفضاء حساسة جداً لدرجة أن العلماء قد يضطرون لتغيير مسار المركبة وإطالة طريقها ملايين الكيلومترات تحاشياً لحقل جاذبية ما، أو للاستفادة من حقل آخر في تحريك المركبة.
ثم إن منافذ الغلاف الجوي ليست دائماً مفتوحة، بل تتغير مع حركة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، وكأنها بوابات تُفتح وتُغلق.
ومن الأشياء العجيبة التي حدثنا عنها القرآن في آية واحدة هذين الأمرين:
ـ أبواب الغلاف الجوي (أبواب السماء).
ـ الحركة التعرجية في الفضاء
يقول عز وجل مخاطباً أولئك المشككين بصدق القرآن وصدق من أُنزل عليه القرآن: (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلّوا فيه يعرجون) [الحجر: 14]. وهنا نلاحظ أن الآية تحدثت عن فتح باب من أبواب السماء، وتحدثت عن حركة من يصعد من هذا الباب وهي حركة تعرجية (يعرجون).
وهنا يجب أن نقف عند هاتين المعجزتين في آية واحدة: لو كان هذا القرآن من عند محمد عليه الصلاة والسلام، كيف استطاع معرفة أن للسماء أبواباً تُفتح وتغلق، وأن الحركة في السماء هي حركة متعرجة؟ إذن الذي علم محمداً صلى الله عليه وسلم هو الله تعالى.
هؤلاء الكفار الجاحدين برسالة الله وآياته، ماذا سيقولون لو أن هذا الأمر تحقق بخروجهم إلى السماء؟ إن الشيء الذي أخبرنا به رواد الفضاء الذين صعدوا إلى القمر أن أول ما يصادفهم عند تجاوزهم الغلاف الجوي هو الظلام الشديد الذي يظن معه المرء أن بصره قد توقف!
حتى إن الأطباء المشرفين على سلامة هؤلاء الروَّاد وجدوا بأن الإنسان عندما يتحرر من الجاذبية الأرضية يتعطل العصب البصري لديه بشكل مؤقت فلا يعود يرى شيئاً وكأن بصره قد أغلق. هذا يحدث بسبب انعدام الجاذبية والذي يؤدي إلى خلل في الدورة الدموية والتفاعلات الحيوية في جسم الإنسان.
وسبحان الله العليم الحكيم! يأتي البيان القرآني في الآية التالية ليخبرنا بتصوير فائق الدقة عن هذا الحدث المفاجئ لمن خرج من نطاق جاذبية الأرض، يقول تعالى: (لقالوا إنما سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) [الحجر:15].
وتأمل معي هذا النص الكريم الذي تضمن ثلاث معجزات علمية نعيد كتابتها:
1- ولو فتحنا عليهم باباً من السماء: حديث عن منافذ للغلاف الجوي.
2- فظلّوا فيه يعرجون: حديث عن الحركة المتعرجة.
3- لقالوا إنما سكّرت أبصارنا: حديث عن الظلام خارج الغلاف الجوي.
بالإضافة إلى أن هذا النص القرآني هو نبوءة بعصر الفضاء الذي نعيشه اليوم. فقد حدَّد الآلية الهندسية لخروج الإنسان خارج نطاق جاذبية الأرض، وذلك قبل أن يكتشفها مهندسو الفضاء بألف وأربع مئة سنة! أليست هذه معجزة تستدعي النظر والتدبر؟