أحد أسباب الطلاق وخاصة في المجتمعات الشرقية, ظهور الزوجة بمظهر المرأة المسترجلة, حيث كشفت بعض الدراسات أن عددا من حالات الطلاق التي تتم حاليا, يرجع إلي محاولة المرأة فرض شخصيتها علي زوجها
حتي يتسني لها التحكم في شئون البيت والأولاد وتستولي علي إدارة البيت. كما أوضحت هذه الدراسة التي شملت عددا كبيرا من حالات الطلاق أن الزوجة المسترجلة والمحبة للجدل, والتي تستعذب البحث عن المشكلات وإثارتها,
وتحول بيتها لساحة معارك, رغبة منها في السيطرة علي الزوج تقوم بهذا السلوك دون أن تدري أنها بهذه الطريقة تهدم بيتها ولا يمكن أن تستقيم حياتها الزوجية أو تستقيم الحياة.
وعادة هذه المرأة لا تكتسب هذه الصفة فجأة وهي في سن متقدمة بل هي تكتسبها في فترة نشأتها نتيجة البيئة المحيطة بها, فالبنت المسترجلة غالبا ما يكون بين عائلتها إمرأة مسترجلة قد تكون أمها أو إحدي قريباتها وسلوك الإسترجال قد ينتقل من إحدي نساء العائلة إليها.
فالقدوة من أهم عناصر التربية, فقد تكون الأم تتصرف كالرجل, فتقتدي بها بناتها, وفي الغالب البنات يكتسبن شخصيتهن من أمهاتهن, فالأم التي لا تقدر الأب ولا تحترمه, غالبا ما تكون بناتها كذلك لا يقدرن أزواجهن, والأم التي تكون شديدة اللهجة في الخطاب, ترفع صوتها في الكلام فتتشبه بالرجال.
تقول مها عبدالعظيم- محامية- هناك تناقض غريب في تعامل المجتمع مع مظهر المرأة فإذا كانت تهتم بمظهرها وأناقتها وماكياجها وشعرها وتتعامل برقة وأنوثة قد تواجه بنظرات الشك والريبة في نواياها ومدي استقامة سلوكها وقد يطلق عليها سمة الانحراف,
وإذا ظهرت الفتاة بشكل معاكس, حيث تبدو بشعر قصير وجادة في طريقة تعاملها ومرتدية ملابس تشبه الرجال فقد ينظر إليها علي أنها مسترجلة أو تجد من يشكك في أنوثتها واحتمال أن تكون شاذة جنسيا.
ويقول أحمد إسماعيل- محاسب- تظن بعض النساء وخصوصا العاملات منهن لابد أن يظهرن بمظهر جاد لذلك يلجأن إلي التعامل بخشونة حتي لا يتعامل معها الرجل علي أنها أنثي فيطمع فيها. وهذه أمور فيها تناقض بين طبيعة المرأة ومظهرها وأنا لا أعتقد أن هذا مبرر لاسترجال المرأة.
ومن الممكن أن يكون ليس هذا لرغبتها في إنكار أنوثتها وإنما لأن جو العمل يسيطر عليه الرجال. فتريد إثبات نفسها فيه فتتنازل عن مظهرها الأنثوي لصالح فائدتها في عملها. فالترقية والمناصب العليا محصورة بين الرجال وبعض النساء ينجرفن وراء هذا إلي حد الاعتقاد بأن مظهرهن قد يساعدهن علي أخذ ترقية أخري.
من جانبها تري الدكتورة هبة العيسوي, أستاذ الأمراض النفسية والعصبية كلية الطب جامعة عين شمس أن البنت عندما تجد أمها هي التي لها الكلمة الأولي والأخيرة في البيت بينما الابن ليس له قدر, فهي هنا مظلومة,
لأنها ورثت جينات القيادة من أمها وشجعت ظروف التربية علي إظهار هذه الجينات, فتزداد عند البنت ملكات القيادة وتكوين الرأي وتحمل المسئولية, وهي تزوجت من نمط الرجل الذي لديه ملكة القيادة وتحمل المسئولية واتخاذ القرار من المحتمل إذا أن يكون هناك تفاهم أو تواكب بين الاثنين,
وأيضا من الممكن أن تحدث خلافات بسيطة مثلما يحدث بين أي زوجين, لكن المشكلة الحقيقية عندما تكون الفتاة قيادية وتتزوج بشاب وتكتشف أنه لا يمتلك قدرات القيادة وشخصيته ضعيفة ولا يستطيع أخذ قرار,
ومن الطبيعي أن يكون هناك من يدير كل الحياة ويكون له الرأي الأول والأخير, وبسبب ضعف شخصية الزوج يصبح علي الزوجة مسئولية أخذ القرار ويكون رأيها هو الأساس في الأسرة فتعطي إنطباعا للذين حولها علي أنها امرأة مسترجلة.
وبالنسبة للمرأة العاملة فهي ليست مطالبة بأن تعرض مفاتنها في العمل فهي تقيم بقدرتها علي التفكير وخبراتها وأدائها في العمل وهذا ينمي عندها القدرة علي تنمية مهارات القيادة واتخاذ القرار,
وبالإضافة أن داخل العمل يكون هناك صراعات بين الزملاء بغض النظر عن النوع, وعندما تدخل المرأة في هذه المنافسات والصراعات تبدأ تتسلح بما يتسلح به منافسوها من الرجال. وإذا اكتشفت أن هناك مجال عمل يفضل الرجل لأنه رجل فقط ستضطر أن تتخلي بعض نظاهر الأنوثة,
والمشكلة تقع عندما تعود إلي المنزل فهي لا تستطيع أن تخلع هذا الثوب وتعود إلي أنوثتها مرة أخري, فالمرأة لابد أن يكون لديها قدرة علي التلوين, فأحيانا كثرة ضغوط العمل تجعل المرأة يرتفع صوتها ولديها غلظة في التعامل مع مرءوسيها وهذا يكون مقبولا في العمل,
لكنها عندما ترجع إلي بيتها هناك رجل آخر فإذا كان من النمط الأول ستضطر إلي الرجوع إلي طبيعتها وتتعامل كزوجة فقط لا غير, أما إذا كان زوجها من النمط الثاني الضعيف الشخصية في هذه الحالة سيكون تعاملها في البيت بنفس الطريقة التي تتعامل بها في العمل لكي تستطيع أن تدير البيت,
وللأسف هذه المرأة أصبحت موجودة في مجتمعنا بكثرة في الوقت الذي بدأ فيه الرجل يتخلي عن بعض مسئوليته في البيت بحجة انشغاله بالعمل فأصبح لا يشارك بطريقة أكثر إيجابية, وهذا عزز عند المرأة إحساسها أنها قوية وتستطيع أن تتصرف في كل المواقف وبالتدريج تشعر بعد فترة أن الرجل ليس له دور في حياتها.
وهناك نمط من الفتيات يرفضن أنوثتهن فنجدهن من الصغر يملن إلي الألعاب الصبيانية وملابس الذكور ويميلن إلي الشعر القصير ويكون أغلب أصدقائهن في سن المراهقة من الذكور رغم أن هذه السن يكون التقارب فيها بين أصدقاء الجنس الواحد هو المعتاد, وبسبب كثرة إختلاطهن مع الذكور
ولكي تكون الفتاة منافسة لهم لابد أن تتحلي بصفاتهم وهذا يزيد من الذكورية عندها, وبعض هذه الحالات تعتبر مرضية, فعندما تبدأ مظاهر الأنوثة تظهر علي أجسادهن يرفضن هذه المظاهر ويبدأن في إخفائها, ويتجهن إلي الألعاب العنيفة حتي تربي لهن عضلات,
وبالطبع رفض الأنوثة يؤدي بعد ذلك إلي مشكلات مع أزواجهن سواء في العلاقة الحميمة أو الاجتماعية, وأيضا في العمل نجدهن يرفضن تقييم عملهن علي أنه من عمل أنثي وينافسن الرجال وتردن إثبات ذاتها بأي طريقة.
تأثيــر الأم
وعن أسباب رفض هذه الفتيات لأنوثتهن تقول الدكتورة هبة: ربما وهن صغيرات كان هناك تفضيل في المعاملة لإخوتهن الذكور وإهمالهن بسبب جنسهن الأنثوي وهذا للأسف موجود في بعض المجتمعات العربية بأن الفتاة تهمش والذكر هو الذي له اليد العليا حتي إذا كان أصغر من أخته في السن وهنا يكون الأهل السبب في كرهها لجنسها,
وهناك سبب آخر وهو أن الفتاه وجدت أمها داخل البيت هي القوية وغذت القوة عندها, وتغرز في عقلها أنها إذا ضعفت أمام الرجل سوف يسيطر عليها ولا يحترمها وهنا يكمن أهمية ما تعلمه الأم لابنتها,
وأيضا لعب البنت مع الذكور يجعلها رغما عنها تتكلم وتلعب مثلهم, أو أنها تم رفض تعيينها في وظيفة معينة بسبب أنها أنثي فتكره أنوثتها, كل هذا تيارات تدفعها بعيدا عن الأنوثة لأنها تعتبر الأنوثة ضعفا.
ويؤكد الدكتور علاء محمود مرسي المعالج النفسي واستشاري العلاقات الأسرية أن هناك ثلاثة عوامل تؤدي بالفتاة للاسترجال أولها الإستعداد الجيني أي الوراثة والثاني البيئة وآخرها طريقة التفكير,
فالبيئة تعلم طريقة التفكير وهذا التفكير يجعل الشخص يفهم بيئته وكل من التفكير والبيئة يؤثرون علي كيفية التعامل مع الاستعداد الجيني وبالتالي الثلاثة عوامل لا يمكن فصلها عن بعض, والبنت المسترجلة لديها اضطرابات في هذه العوامل, فأثناء الحمل وخاصة في الشهور الأخيرة من الحمل أحيانا يحدث خلل في الهرمونات فينتج عنه أن يصبح هرمون الذكورة أكثر من المعدل الطبيعي وفي بعض الأحيان تكون هذه الحالة وراثية وفي أحيان أخري يكون بسبب تناول بعض الأدوية, وبسبب زيادة هذا الهرمون تنجب البنت بها صفات رجولية.
أما البيئة فمن الممكن أن تري البنت أمها قوية ومسترجلة وفي هذه الحالة من المحتمل أن تكره صفات أمها الرجولية أو تتصرف مثلها, أو أنها تري أمها ضعيفة أمام زوجها ومغلوبة علي أمرها فتحاول في هذه الحالة أن تحمي نفسها لكي تكون عكس أمها بأن تكون مسترجلة, وخاصة أنها في مجتمع ذكوري وتري أن الرجال متمتعون بامتيارات ولديهم حريات والمجتمع يتجاهل نزواتهم وهفواتهم وفي نفس الوقت يضخم من هفوات ونزوات البنات, فتبدأ البنت في التفكير كيف تكون مثل الرجل.
وعن تأثير صفة الاسترجال عند المرأة علي حياتها الزوجية يقول الدكتور علاء: أقوم حاليا بعلاج فتاة في منتهي الأنوثة وجميلة ولكنها تحاول أن تكون مسترجلة ومحاولتها تبوء بالفشل لكنها رافضة فكرة الزواج والجنس وعند دراسة حالتها وجدنا أنها تأثرت بنموذج الجدة المتسلطة وجد عنيف جدا,
وهذه الجدة كانت مؤثرة في حياة أمها وخالتها وخالها وحولت حياتهن إلي جحيم, فأصبحت هذه الجدة نموذجا للقوة لذلك قررت أن تسترجل لكي تكون مثلها رغم أن داخلها رافض تصرفاتها,
وأيضا وجدت أن عندها بعض المفاهيم الخاطئة عن علاقة الرجل بالمرأة من حيث إنها علاقة سيطرة وتحكم من الرجل, وهذا النموذج إذا أجبرت علي الزواج ستكون مرغمة لذلك ستحول حياتها الزوجية إلي جحيم,
وهناك نوع آخر من السيدات شكلهن وتصرفاتهن تنم عن الاسترجال لكنهن في حياتهن الزوجية يكن مثالا للزوجة المثالية سواء علي المستوي الاجتماعي أو في العلاقة الحميمة, بل من الممكن أن يمكن أفضل بكثير من سيدات أنوثتهن واضحة, لذلك لا نستطيع أن نقول إن من الضرورة أن المرأة المسترجلة تكون مسترجلة أيضا في العلاقة الحميمة.
وعن صراع القوة بين الرجل وزوجته المسترجلة في البيت يؤكد الدكتور علاء إذا كانت المرأة تري أن الأنوثة ضعف ستحاول دائما فرض سيطرتها,
وللأسف أن في أغلب الزيجات يحدث صراع القوة بين الزوجين لتحديد من سيفرض رأيه ومن هو علي صواب ولكن المفروض ألا نضيع وقتنا ومجهودنا لإثبات من فينا الصواب ولكن المفروض أن نبحث ما هو الصواب لنا ولعلاقتنا ولأولادنا في حالة وجود أولاد بغض النظر من فينا الصواب ومن فينا الخطأ,
ومسألة أن الكلمة الأولي والأخيرة للرجل من الأخطاء الشائعة في مجتمعنا لأن الزوجة في أوقات كثيرة تكون حكمها علي الأمور صحيح وفي مواقف كثيرة نجدها تأخذ قرارات صائبة سواء تخص البيت أو الأولاد.