عتــابٌ من الشـهـــداء
هانتْ على الأهلِ الكرامِ دمانـا
وتفرَّقت بين الرفاقِ خُـطــانــــــــــا
عُدنا إلى الميدان نسأل حلمنــــا
بكتْ الربوعُ وحزنـهــا أبكــانــــــــا
أينَ القلوبُ تضىءُ فى أرجائــهِ
وتزفُّ شعبًا فى الصمــودِ تفانـى؟!
أينَ الرفاقُ وأينَ صيحاتٌ بدت
للكون بعثًـا عاصفــــًا أحيانـــــًا؟!
أينَ الشبابُ وقدْ توحّد نبضهـــــم
وتجمّعوا فى بأسهــم إخـوانــــــا؟!
أين الحناجرُ كيف قامت صرخةً
كمْ أيقَظَت بصهيلها الفـُرســانـــا؟!
وجهُ الشهيدِ وقد تناثـرَ فى المدى
وغدا نجومًا فى دُجى دنيـــانـــــــــا
جسدٌ يحلِّق فى الأيادى سابحــًًا
فى حُضنٍ أمٍّ أشبعتـه حنـانــــــــا
هانتْ على الأهلِ الكـــرامِ دمــانـــــا
نامتْ على الدربِ الحزينِ جوانحٌ
وتجمّدَت خلف الرؤى أجفانــــــــا
والناسُ تسألُ: ما الذى يَبقى لنـــــا
بعد الشهادةِ موطنًـا ومكــــانـــــــا؟
يومًا غرسنا الحِلم فى أعماقنــــــا
حتى غدا فى يأسنا بُــــركانــــــا
أن نُطلِق الشمسَ السجينــــةَ بيننا
ليطلَّ صبحٌ من خريفِ صبانـــــــــا
فى ساحةِ الميـــدانِ كُنّا أمــــــــةً
وهبت رحيقَ شبابها قـربــــانــــــــا
أجسادُنا كانت تلـــوذ ببعضهــــا
حزن الترابِ يعانـــــقُ الأكفــانــــــا
يتعانقُ الدمَ الجسورِ على الثرى
كُنّا نراه كنيســــــــــةً وأذانــــــــــا
فى ساحةِ الميدانِ صلـينا معـــــا
قمنا حشودًا نرجــــــــمُ الشيطانـــــا
وتطوفُ فى الميدانِ أرواحٌ بــــدت
فوق البيــــوتِ أزاهرا وجِـنــانــــــــا
الكونُ صلَّى.. والربوع تطهـــــــــرت
من رجس عهدٍ مظـلــمٍ أعمانـــــــا
هانتْ على الأهــــــل الكرام دمانـــــــــا
هل تذكرونَ شبابنــــــــــا وصبانـــــا
والأرضُ تحضنُ بالدموعِ دمانــــا؟!
ونطوف فى صخب الشوارع لا نرى
غير الرصاص على المدى يلقانـــا
وقذائف القناص تطفئ أعينـــــــــــا
فـيتيهُ بين جنــــودهِ نشـــــــــوانـــــا
لم يرحم العينَ السجينةَ فى الأســى
رسمَ النهايةَ خســـة وهوانــــــــا
يلقى علينا النار وهى خجولــــــــة
والنارُ ترحم بعضـهـــا أحيانــــــــــا
كُنّا نرى أن الوفاءَ ضريبـــــــــــةُ
حق لمن وهـــبَ الحيـــاةَ وعانـــــى
عُدنا إلى الميدان نســـأل: ما بـــــه؟
صرخَ الحزينُ وبؤســـــــه أدمانـــــــا
حين انتفضنا فى الشوارعِ لم يكن
سوقُ الغنائمِ مطمعـــــــا أغرانــــــــا
هانتْ على الأهلِ الكرامِ دمــانــــــــــا
فاروق جويدة