إنّ الرجال الحسّاسين جذّابون للغاية فهم الروّاد في النموذج الجديد للرجل المتطوّر.
إنهم أقوياء وحساسون. يعتمدون على حدسهم ويتمتعون بالسلطة.
إنهم قادرون على منح الحب وتلقيه من دون ازدواجية وتناقض، أو هروب دائم أو خوف مرضي من الارتباط.
غالباً ما يواجه الرجال الحساسون المتعاطفون مشاكل أكثر من النساء لأن الإحساس المرهف في الحضارة الغربية يمكن أن يُعتبر ضعفاً أو "صفة أنثوية".
وهذا سوء فهم ضخم. إن الرجل المتطور الجديد قادر على إيجاد توازن بين الذكورة والأنوثة في داخله، مجسداً قوته كلها.
ماذا عن هذا النموذج من الرجال وما العلاقة التي يبنيها مع المرأة والمجتمع وما هي حسنات هذا النموذج وسلبياته؟
والمتعاطفون أشخاص حساسون للغاية وهم آلات موسيقية متناغمة عندما يتعلق الأمر بالمشاعر والانفعالات. إنهم يشعرون بكل ما يحيط بهم، وإلى أقصى حدّ في بعض الأحيان، وهم أقل قدرة على إضفاء طابع منطقي وعقلاني على المشاعر.
ويشكّل هذا الأمر تحدياً كبيراً للرجال إذ غالباً ما يعلّمهم المجتمع "أنّ الفتيان لا يبكون." ولهذا، من المهم أن يتخلّص الرجال من الأفكار الموروثة والأشكال النمطية وأن يتعلموا كيف يتقبّلون عطيتهم.
أدرك أنّ الرسائل السلبية المتعلقة "بحساسية الرجل المفرطة" يمكن أن تكون مؤلمة للغاية وأنه من السهل أن تسحقنا كافة الأمور المثيرة في هذا العالم. ولطالما كنت قادرة على الإحساس بأمزجة الآخرين سواء أكانت جيدة أم سيئة كما اعتدت أن أشعر بها تُغرس في جسدي قبل أن أتعلم كيف أحمي طاقتي. وكانت الأماكن المزدحمة تزيد من حساسيتي المفرطة.
ويكمن جمال تعاطف الرجل في انه يستطيع أن يشعر بما عانيته، ويمكن للبعض أن يفعل هذا من دون أن يحمل عبء مشاعر الآخرين. لكن البعض الآخر يمكن أن يتحوّل إلى اسفنجة عاطفية تمتص الضغط النفسي الذي يعاني منه الناس، وينطبق هذا عليّ وعلى العديد من مرضاي.
ويطغى هذا غالباً على القدرة السامية على امتصاص المشاعر الايجابية. إذا أحاط السلام والحب بالمتعاطفين فستمتص أجسادهم هذه المشاعر وتتألق. أما السلبية فتكون عدائية ومتعبة. بالتالي، يشكّل المتعاطفون أهدافاً سهلة للغاية لمصاصي الدماء العاطفيين الذين يمكن لخوفهم أو غضبهم أن يفسد حياتهم. وقد يكسب الرجال المتعاطفون صيتاً كأشخاص يصدّون الآخرين في رد فعل دفاعي لاواعي من قبلهم.
كما يمكن لحساسية الشخص المتعاطف أن تشكّل عائقاً في العلاقات العاطفية إذ قد يبقى أعزب لأنه لم يتعلّم كيف يتفاوض مع شريك على حاجاته الخاصة في التعايش معاً.
يسمح التعاطف للرجل بأن يحب من كل قلبه وأن يلتزم أكثر بعلاقته العاطفية. إنما ينبغي على الرجل المتعاطف أن يغذي إحساسه المرهف فيما هو يعزز قوته ويضع حدوداً للأشخاص السلبيين بحيث لا يتمكنون من استنزافه.
أن تعترف بأنك رجل حساس ومتعاطف هي الخطوة الأولى في تحمّل مسؤولية مشاعرك بدلاً من أن تغرق فيها دوماً. ومن شخص متعاطف إلى آخر مثله، أريد أن أضفي شرعية على إحساسك المرهف بحيث لا تعتقد انك بدأت تفقد عقلك.
زارني العديد من المرضى الذين قالوا لي: "جوديث، ظننت أنّ ثمة خطب ما فيّ. أشعر وكأني ضعيف جداً." هذا غير صحيح. وجل ما في الأمر هو أن أجهزتنا أكثر قابلية للاختراق من سوانا.
عليك أن تدرك أيضاً أن واقع أنك الشخص الوحيد الذي يشعر بشيء ما لا يجعل ما تحس به وتدركه باطلاً. وللحفاظ على العزيمة والتصميم في عالم قاسٍ على الصعيد العاطفي، لا بد للشخص الحساس من أن يتمتع بما يكفي من معرفة الذات ليعبّر بوضوح عن حاجاته. سيحسّن البقاء في قمة التعاطف رعايتك لذاتك وعلاقاتك.
وإليك ملخّص عن هذا النوع العاطفي:
الجانب الايجابي لكونك رجلاً حساساً:
أنت صاحب قلب كبير، وذو موهبة في مساعدة الآخرين.
إحساسك المرهف يجعلك شغوفاً، حبيباً عظيماً وشهوانياً إنما بتأنق.
تعتمد على حدسك في إدراك أفكار الناس ومشاعرهم.
تتفاعل عاطفياً ويمكنك أن تتصل بمشاعر الآخرين.
أنت على تواصل مع جسدك ومشاعرك.
لديك إحساس واضح بالمسائل الروحانية.
الجانب السلبي لكونك رجلاً حساساً:
أنت اسفنجة عاطفية تمتص سلبية الآخرين.
أنت حساس جداً على المشاعر بحيث تشعر وكأنك سلك كهربائي من دون عازل.
أنت عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والتعب.
قد تشعر بالتردد حيال العيش في مكان واحد مع أشخاص آخرين.
قد تعاني من أعراض جسدية مزمنة تضعفك.
تواجه صعوبة في وضع حدود للأشخاص الين يستنزفونك، وتتعرّض "للدهس" من قبلهم.
إنّ تقويم الميزات المنتجة وتلك غير المنتجة بشكل صادق تجعلك أكثر حرية. مما لا شك فيه أنك تريد أن تكون خيّراً عاطفياً، وصاحب حدس ومتفتحاً وهي مصادر قوة الشخص المتعاطف.
لكن التعاطف لن يجعلك حراً إذا ما سرت في الحياة جاهلاً، سريع العطب أو جعلت جماحك يظهر على شكل نشيج وأنين لأنك مضطر دوماً لأن تدافع عن نفسك عاطفياً. وليكون الرجل المتعاطف مرتاحاً مع ذاته ومتصالحاً معها من المهم أن يجد الخليط المناسب من عقل ومشاعر وواقعية
خطوة عمل عاطفية: كيف يمكن للرجل (والمرأة) المتعاطف أن يجد التوازن
مارس الاستراتيجيات التالية:
استخدم عقلك: عندما تتعذّب عاطفياً أو تعتقد أنك امتصصت أسى أحدهم وألمه، فكّر في الأمور ملياً لتقاوم القلق. استخدم الكلام الايجابي إلى الذات والمنطق لتحافظ على واقعيتك. كرر هذه المقولة: "ليس عليّ أنّ أحمل عبء مشاعر الآخرين. يمكن أن أكون محباً من دون أن أفعل هذا." خصص بعض الوقت الهادئ لتزيل الضغط العاطفي. اعتد أن تخصص استراحات قصيرة لتهدأ خلال النهار. تنفّس بعض الهواء النقي. تمطى. قم بجولة قصيرة في المكتب. هذه الفترات الفاصلة ستخفف الإثارة المفرطة الناجمة عن الجهد المستمر من دون توقّف.
مارس التأمل السريع: لمواجهة العبء العاطفي، تصرّف بسرعة ومارس التأمل لبضع دقائق. جد مكاناً خاصاً لتغمض فيه عينيك. لا ترفع مستوى توقعاتك. افعل أمرين أثناء التأمل. أولاً، اعمل على إطلاق المشاعر السلبية المكبوتة، كالوحدة والقلق وغيرها. اشعر بها تتلاشى مع كل نفس تزفره.
ثانياً، ضع يدك على قلبك وتخيّل اللطف والمحبة يخترقانك من رأسك حتى أخمص قدميك. سيساعدك هذا على الاسترخاء سريعاً.
حدد حاجاتك العاطفية واحترمها: اعمل على حماية إحساسك المرهف. في لحظة هدوء وسكينة، ضع لائحة بالمواقف الخمس الأولى التي تسبب لك اكبر قدر من الضغط النفسي المتعب عاطفياً. بعدئذ، ضع خطة للتعامل معها بحيث لا تفقد السيطرة عندما تجد نفسك في أحد هذه المواقف.
إن طلب منك أحدهم الكثير على سبيل المثال فيمكنك أن تقول له بأدب "لا". ولا داعي لأن تبرر له دوافعك، فكلمة لا وحدها تكفي.
إن كان معدل راحتك في العلاقة الاجتماعية ثلاث ساعات كحد أقصى، حتى لو كنت تحب الناس، فاستخدم سيارتك الخاصة للانتقال أو حضّر خطة بديلة بحيث لا تضطر للبقاء رغماً عنك.
إن كانت الحشود تزعجك، فتناول وجبة غنية بالبروتين قبل الحدث (يبقيك هذا ثابتاً) واجلس في زاوية بعيدة وليس في وسط صالة السينما أو المسرح أو الحفل مثلاً.
إن كان عطر ما يزعجك فاطلب بلطف من أصدقائك ألا يضعوه في حضورك. إن كنت لا تستطيع تجنّبه، فقف قرب النافذة أو خذ استراحات متكررة كي تتمكن من تنشّق الهواء النقي في الخارج.
حدد مساحة خاصة بك في المنزل: ستتجنّب بهذا الشعور بأنك عاجز عن الاختلاء بنفسك.
عندما يتمكن الرجل المتعاطف من تعلّم المهارات المذكورة آنفاً لينمّي أحاسيسه ويُبعد السلبية، سيصبح أكثر قدرة على التمتع بالحياة وعلى الحب والإبداع.
ومع مرور الوقت، أقترح إضافة استراتيجيات وقائية جديدة إلى هذه اللائحة. لا داعي لأن تضيّع وقتك في استنباط أفكار جديدة كلما وقعت تحت وطأة العبء العاطفي طالما أنّ الاستراتيجيات موجودة وقد أثبتت نجاحها.
ومع الاستراتيجيات العملية لمواجهة فيض المشاعر، يمكن للمتعاطف أن يشعر بأنه في أمان أكبر كما يمكن لمواهبه الحساسة أن تتطوّر وتنمو.