استفتاء بخصوص مشروع الأحوال الشخصية الجعفرية

السؤال:
لقد انتقدتم هذا المشروع حين الإعلان عنه قبل أشهر، وقد صوّت مجلس الوزراء عليه مؤخراً، هل اعتراضكم على هذا المشروع جاء بسبب وجود مخالفات شرعية وفقهية فيه او أنه فقط بسبب اعتقادكم أن الوقت لا يناسب لطرح هكذا مشاريع؟

الجواب:
لقد ذكرنا سابقاً أن الدولة المدنية تحدد نفسها في إطار التشريعات المدنية الشاملة للجميع وتفسح المجال للحريات الدينية لمختلف الديانات والمذاهب لكي يعمل كل منها حسب عقيدته وتقاليده الدينية. وأما حين تتدخل الدولة في الشؤون الدينية فستضطر الأخذ برؤية محددة قد لا يتفق عليها جميع أتباع تلك الديانة او المذهب ناهيك عن غيرهم.
وأما بخصوص هذا المشروع فكما بيّن مراجع النجف حفظهم الله أن هناك اعتراضات فقهية عليه مما تجعل قسماً منه غير موافق للمذهب الجعفري رغم اتخاذه النسبة لهذا المذهب اسماً له. كما أن هناك اختلاف في الفتاوي بخصوص بعض الأمور المذكورة فيه، ولا يصح فرض رؤية فقهية محددة على من يتبع غيرها.
هذا مضافاً الى أن هذا المشروع لا يشكل أولوية في وضعنا هذا الذي يتطلب اهتماما اكبر بتحسين الوضع الأمني والخدمي وارتفاع مستوى معيشة المواطنين الذين يعانون منذ سنوات طويلة من مشاكل عديدة وهم محرومون عن ابسط الحقوق الضرورية للمعيشة. وعلى عكس ما يروج لهذا المشروع، قد تكفل القانون الحالي الحريات الدينية لمختلف المذاهب في أمور أحوالهم الشخصية دون أن تتطلب الحاجة الى تشريعات خاصة بالطوائف، واذا كانت هناك نواقص فيه فمن الممكن تطويره واصلاحه تدريجياً.
ومن الضروري على القائمين بهذه المشاريع الإطلاع الواسع على التجارب المختلفة التي مشت عليها بلدان مشابهة ذات طوائف متعددة والنسخ الموجودة من الأحوال الشخصية الجعفرية في البلاد الاسلامية، وأيضاً من الضروري مشاركة اصحاب الإختصاص من القانونيين والفقهاء من مختلف الإتجاهات لكي تؤدي اخيراً الى تقديم مشاريع قانونية ناضجة ومقبولة من قبل الجميع.

العلامة الفقيه حسين أسماعيل الصدر (دام ظله)