كثيرا ما نسمع النساء يرددن عبارة أن «الرجل أناني» أو «الرجل لا يفكر إلا في نفسه وذاته» فهل هذه العبارات صحيحة؟ وهل فعلا الرجل أناني أم هو سوء فهم وتفسير من المرأة؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال لابد من الحديث عن أربع صفات أساسية في شخصية الرجال.
أولا: التنافس: الرجل يحب التحدي والتنافس وقد أودع الله فيه هذه الصفة من أجل عمارة الأرض ولو تأملنا جسد الرجل وبنيان عضلاته لعلمنا أنه مهيأ لتحمل المشاق والأعمال العنيفة كما أنه يحب أن ينافس غيره من الرجال من أجل تحقيق ذاته فيتحرك بقوة ويحرص على الكسب والعمل المتواصل وهذا ما يفسر كثرة غيابه عن البيت من أجل العمل وتحقيق طموحه المالي لتأمين مستقبل أسرته وقد تفسر المرأة هذه التصرفات أنانية بينما الصواب هو أنه يفعل ذلك ليحقق الأمن والأمان لها ولأولادها.
ثانيا: الحماية: الرجل يسعده أن يكون سببا في حماية زوجته أو أمه أو أخته أو ابنته وأنهم يستعينون به لأخذ حقهم وهو مستعد للمحاربة من أجلهم فيتدخل في كل شيء وهذا التصرف قد تفسره المرأة أنانية ولكنه في الحقيقة حماية وحبا وحرصا منه على أهله وأسرته.
ثالثا: الإنفاق: الرجل يسعد بالعطاء وأن يكون سببا في إعالة غيره ولهذا يتغير هدفه من أول يوم للزواج من العيش الانفرادي إلى العيش الجماعي وعليه تكون قضيته الأولى تأمين مستقبل الزوجة والأولاد في حياته وبعد مماته وإذا فشل في تحقيق هذه المهمة فإنه يشعر بنقص في رجولته لأنه لم يلبّ متطلبات الأسرة ولهذا أكثر ما يدمر نفسية الرجل أن يكون عاطلا عن العمل أو متقاعدا لا هدف له وقد تسمي المرأة حفظ المال بخلا وأنانية ولكنه في الحقيقة تدبيرا وأمنا لمستقبل الأسرة.
رابعا: الأولوية: الرجل يهمه أن يكون رقم (1) في بيته وأسرته وإذا فقد هذه الأولوية بدأ بالبحث عمن يجعله رقم (1) في حياته وهو يحب أن يشعر بأنه محتاج إليه وبمجرد ما تستغني عنه المرأة يأتيه الإحباط واليأس ويبدأ بالبحث عن امرأة أخرى تحترمه وتقدره وتشعره برجولته ليرد الاعتبار لذاته.
ولهذا من أهم الكلمات التي يحب أن يسمعها الرجل عندما يعود إلى بيته أن تقول له زوجته «انك تتعب كثيرا من أجلنا» أو «نحن سعداء بوجودك معنا» فهذه الكلمات تأثر به لأنها تمس صفة الأولوية والحماية عنده كما أنه يحب أن يشعر بأنه مهما عجز عن تقديم الطموح وتحقيق الأحلام إلا أن زوجته وأبناءه لا يتخلون عنه وأنهم فخورون به ويحبونه ويقدرون جهده وتعبه.
فكثيرا من التصرفات التي يقوم بها الرجل هي من طبيعته ولكن المرأة تفسرها أنانية وهي ليست بأنانية لأن الأنانية معناها حب النفس والذات وتقديمها على كل شيء ومن أمثلتها لو تسلم الرجل امتيازات طفله المالية وصرفها على نفسه وأهمل ولده فهو أناني وإذا استغل امتيازات الدولة لزوجته وأخذها لنفسه وظلم زوجته فهو أناني وإذا صرف الرجل وقته لترفيه نفسه وأهمل ترفيه أهله وأطفاله فهو أناني ولكن لو تحرك بالدنيا بطبيعته التنافسية أو أظهر الحماية لأسرته أو انشغل لإعالتهم والإنفاق عليهم فإن هذا ليس بأنانية بشرط أن يعطي كل ذي حق حقه ويوازن بين التزاماته والتزامات عائلته.
إن الأناني يعني (الأثرة) بالمصطلح القرآني وعكس هذا الخلق الإيثار وهو أن يقدم الرجل احتياجات أهله وأبنائه على نفسه وهذه مرتبة أخلاقية راقية، فإطلاق الوصف على الرجل بالأنانية ليس صحيحا ولتعلم المرأة أنه لولا المرأة لما تحرك الرجل ولولا المرأة لما نافس الرجل غيره ولولا المرأة لما سعى الرجل وتعب من أجل تأمين مستقبلها وأبنائها فالمرأة هي التي تدفع الرجل للعمل والانطلاقة وتحقيق المنجزات فهل تقول له بعد هذا كله «أنت أناني»؟!
وختاما، نقول ان الأصل في الرجل أنه ليس أنانيا إلا في حالة تقديم ذاته واهمال أهله فالأنانية خلق سيئ ويتفرع منه أخلاق سيئة كثيرة وكما قيل فإن البخل انانية في الجانب المالي والغيرة أنانية في الجانب العاطفي والتكبر أنانية في الجاه والتطرف أنانية في الأفكار والحسد أنانية في الرزق وهكذا، ونعوذ بالله من الأنا والأنانية.