الحضور الكرام .. أسعدتم صباحاًبداية أود أن أرحب بالدكتور أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي والذي يزور مدينة السليمانية لأول مرة للمشاركة في هذا الملتقى
الدكتور داون ديكل رئيس الجامعة الأمريكية في العراق ـ السليمانية
الدكتور برهم صالح الرئيس الفخري للجامعة
أشكركم لدعوتي إلى هذا الملتقى
عنوان هذا المؤتمر (مواجهة التحديات في الشرق الأوسط) مهم بالنسبة لي. وأنتهز الفرصة لطرح عدد من المواضيع والقضايا، وأرجو إذا أمكن إدراجها في مواضيع البحث والنقاش لهذا المؤتمر.
(مواجهة التحديات في الشرق الأوسط؟)
هذا العنوان الذي يشكل مدخلً هاماً وواسعاً لمواضيع نقاشية مختلفة، في الوقت الذي يحتاج فيه الشرق الأوسط أكثر من أية مرحلة بتطور حياة تأريخية جديدة.
أن المعوقات الحالية التي تواجهها المنطقة، تحتاج إلى تفاصيل خاصة لتفهمها وشرحها وبالتالي تقييمها، وبهذا الشكل بامكان رؤوساء الشرق الأوسط إعادة تشكيل المكون السياسي والتنظيم الإجتماعي، بموجب الأسس ومتطلبات المرحلة العصرية الراهنة، لضمان تحقيق حماية الأمن والإستقرار في أية دولة من دول المنطقة.أن إقليم كوردستان باعتباره جزءاً من العراق الفيدرالي يطرح سؤالين رئيسيين:
هل أن هذا البلد سيبقى كدولة ديمقراطية؟
وإلى أي حد يشكل تدهور الأوضاع الأمنية والإقتصادية والسياسية تهديدات أمام إنهيار هذه الدولة التي نسعى منذ 11 عام إلى بنائها وضحينا من أجلها؟نحن مرينا في عراق ما قبل عام 2003 بفترات صعبة وعسيرة وعشنا تحت ضغوط التهديدات والمخاوف بشكل مستمر، وكنا على حافة البقاء والموت، وبعد سقوط نظام البعث، إنتقلنا إلى مرحلة التحرر، التي تحققت بدعم وحماية قوات التحالف، وعلى الرغم من ذلك نرى اليوم أن العراق أشبه بدولة تواجه خطر الإنهيار والتدهور.
هناك مناطق شاسعة من العراق تعاني من مشاكل أمنية وقلة وإنعدام الخدمات والمؤسسات الحكومية، مما جعل الدولة تفقد كامل سلطاتها في السيطرة على هذه المناطق. الأمر الذي أدى إلى نشوب صراعات عميقة تهدد بالانهيار بين المكونات والأطراف الرئيسية. وللأسف فان إنعدام وجود ستراتيجية بناءة وفعالة يتم من خلالها معالجة المشاكل، مما أدى إلى إصابة العديد من المواطنين في هذا البلد بخيبة أمل بخصوص مستقبلنا المشترك.
لا شك أنكم تعلمون جيداً أن الإجابة على هذه التساؤلات لها صلة مباشرة بمصالح شعب كوردستان!. وأن معالجة هذه المشاكل من شأنه توضيح موقف إقليم كوردستان من عملية تعايشنا في إطار عراق ديمقراطي فيدرالي.نحن في بداية عملية تحرير العراق كنا قد أعلننا عن أفكارنا بشكل واضح: وأبدينا بكل ثقة وفي مناسبات عديدة في إلتزامنا قولاً وفعلاً بعراق ديمقراطي فيدرالي تعددي، تضمن فيه حماية حقوقنا وحرياتنا الدستورية. أن الإلتزام بدستور العراق الجديد، يعني الإلتزام بعملية السلم السياسي والإجتماعي وإحترام أراء المواطنين في هذا البلد، ولا يمكن أن نتجاهل أن نسبة أربعة على خمسة من الناخبين صوتوا على الدستور الجديد للبلاد خلال إستفتاء عام 2005. وأن الواجب الملقاة على عاتق جميع القوى السياسية في العراق ودول الجوار والداعمين للديمقراطية هو حماية الدستور وعدم التلاعب به وأن لا يكون هذا الدستور أداة في يد أية جهة سياسية وإستخدامه في خدمة مصالحه الحزبية أو الشخصية.لا أرغب أخذ المزيد من وقتكم للدخول في تفاضيل هذه القضية، ولكننا قلقون على مستقبل العراق، ونشعر بقلق في علاقاتنا مع الحكومة الفيدرالية. نحن شركاء في هذا الوطن. شركاء في الحكومة الإتحادية. ولكننا للأسف ينتابنا شعور بخيبة أمل بخصوص أسلوب تعامل الحكومة الفيدرالية مع الحقوق الدستورية للإقليم.
وخلال فترة العشرة سنوات من تحرير العراق، نجد أن المشاكل بيننا عاماً تلو الأخر تتجه نحو الأسوء، وسمعنا في الكثر من الأحيان تهديدات مباشرة، أن هذه التصرفات لا تخدم التفاهم فيما بيننا، ولا يمكنها أن تكون أسس سليمة لإيجاد حلول ملائمة في إطار الدستور في بلادنا، وكأي مكون من مكونات، نحن شركاء في هذا الوطن، قدمنا التضحيات وسنستمر في التضحية من أجل ضمان توفير الأمن في العراق، ومن أجل السلم السياسي والتطور الإقتصادي وضمان الإستقرار.وسنستمر الآن أيضاً في مباحثاتنا مع بغداد في سبيل التوصل إلى حلول مشتركة لمشاكلنا. ونحن نعتبر إستخدام والإستفادة من الثروات الطبيعية في هذا الإقليم حق من حقوقنا الدستورية، وفي هذا السياق أيضاً أوضحنا لجميع الجهات بأننا لن نتراجع إلى الوراء ولا يمكن التنازل عن حقوقنا. وأن ما نسعى إلية ونرجوه هو التفاهم والعمل المشترك بموجب الدستور، وليس على أساس مزاجات شخصية والسعي إلى إنتهاج نظام الإنفراد بالحكم والسلطة المركزية. وهذا هو أيضاً أساس العمل وعلاقاتنا مع حكومة بغداد ومع جميع الجهات والأطراف في العراق.
وفي الوقت نفسه نجدد التأكيد على أن علاقات إقليم كوردستان مع مختلف الجهات ليس على حساب أية جهه أخرىولن نكون جزءاً من الصراعات، وإنما نعمل على تحقيق الإستقرار والتفاهم المشترك، وفي الوقت نفسه نعمل على حماية مصالح شعب كوردستان.بعد عملية تحرير العراق، حاولت العديد من الدول والجهات الخارجية في تنفيذ أجنداتها ومخططاتها داخل العراق، ولكننا عملنا بشكل جدي على حماية إستقلال هذا الوطن، نحن نرغب في بنا علاقات الصداقة مع جيراننا، ولكننا لن نكون جزءاً من الصراعات، وعلاقاتنا لن تكون على حساب الاطراف الأخرى، ولنا أجندتنا الخاصة بنا وهي حماية مصالح شعب كوردستان وخدمة شعبنا في إطار عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي.
وفي السياق ذاته نسعى إلى ضمان تحقيق الأمن والإستقرار في المنطقة ونعتبره أمراً مهماً، ولهذا الغرض عملنا بشكل جدي إلى تنمية علاقاتنا مع جيراننا على أساس التفاهم وحماية المصالح المشتركة، مثلما نعمل على تنمية وعتزيز علاقاتنا مع دول العالم لأخرى.
ومن هذا المنطلق ترحب حكومة إقليم كوردستان بالاتفاقية الإبتدائية لمجموعة 5+1، ونحن نعتقد بأن من شأن هذه الإتفاقية أن تكون عاملاً هاماً لتعزيز الأمن والإستقرار في المنطقة. وفي الوقت نفسه تعتبر حكومة إقليم كوردستان أن إنفتاح الجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها دولة جارة لنا على المجتمع الدولي في غاية الأهمية، ومن شأن هذا الإنفتاح أن يكون عاملاً مهاماً في مدى تقدم وإستقرار المنطقة.
كذلك تقدم علاقاتنا مع الجمهورية التركية يصب في مصلحة إقليم كوردستان والعراق، ولا شك أنها تخدم الإستقرار والتفاهم بشكل أكثر.سؤالنا الثاني وهو: هل هنالك وضوح بسبب إستمرار الصراع وتدور الاوضاع الأمنية في سوريا؟
وخاصة في الصراعات الراهنة، حيث هنالك غموض وعدم رؤية واضحة بخصوص إنهاء هذه الأوضاع!.من الواضح لدى الجميع أن القرن الماضي شهد عقود من الزمن مليئة بخيبة الآمال، والصراعات السياسية والإنقلابات العسكرية والثورات المحلية والخلافات الآيدلوجية والدعايات( البروباغندا) ورفع الشعارات المزيفة والحرب الباردة. والآن أيضاً تشهد منطقة الشرق الأوسط أوضاع متوترة. مع أن شرارة هذه الصراعات في منطقة مليئة بالمشاكل والخلافات الآيديولوجية والمذهبية مثل الشرق الأوسط إحتمال وصول شرارتها إلى الجميع، ولكننا نعمل على حماية أنفسنا وعدم الإنخراط في هذه التوترات ولن نكون جزءاً من هذه الصراعات، بل سنسعى إلى حماية مصالح شعب كوردستان.الأزمة السورية التي أهملت فيها العقلانية، كان لها تأثيرات سلبية كبيرة على دول الجوار، وخاصة من ناحية إستمرار جهرة المواطنين السوريين.
أن عدم إتخاذ قرار سياسي حاسم ازاء هذه الأزمة، كان السبب الرئيسي في إتساع رقعة الصراعات، ويعتبر إحدى أسباب إزدياد القوى المتطرفة والذي سيؤثر بشكل سلبي على المنطقة والعالم بشكل عام، هذا بالاضافة إلى ضعف وتزايد الإنقسامات داخل المعارضة السورية، وفي الوقت نفسه صراع القوى الدولية والإقليمية في هذا البلد والذي زاد من تعقيد الأمور وإزدياد خطورتها.
وبسبب هذه الأزمة يشكل اللاجئون السوريون اليوم نسبة واحد على أربعة من سكان لبنان. ونفس المشكلة في الأردن حيث هنالك عشرات الآلاف من السوريين. وفي ذات الوقت إستقبل إقليم كوردستان أكثر من 250 ألف لاجيء. علية ومن أجل الحد من مشاكلهم ومعوقاتهم ولتحقيق أوضاع ملائمة لهؤلاء اللاجئين سيما من الناحية الإنسانية، كثفت حكومة إقليم كوردستان من جهودها ولن تذخر سعياً في تقديم الخدمات لهؤلاء اللاجئين.
كما أدت الأزمة السورية في الوقت نفسه إلى عودة المئات من المسلحين والمقاتلين في صفوف منظمة القاعدة الإرهابية والمسلحين متطرفين آخرين إلى هذه المنطقة، هنالك الآن عدد ملحوظ من هؤلاء المسلحين في المناطق الحدودية من العراق التي يسيطرون عليها، تلك المناطق التي تركوها قبل سبع سنوات بفضل تواجد القوات الأمريكية فيها.أن عملية السلام في جنيف وحدها ليست كافية. وعلى القوى والدول التي لها تأثير على الأوضاع السورية تحمل مسؤوليتها لإنهاء هذا الوضع الإنساني المؤلم، لعودة الأمن والإستقرار في سوريا، لأن إستمرار هذه الأزمة من شأنها أن تؤدي إلى سحب المنطقة باسرها داخل هذا الصراع والفتنة الحالية في سوريا.أيها الحضور الكرام..
نحن الآن في إقليم كوردستان بصدد تشكيل الكابينة الجديدة لحكومة إقليم كوردستان مع جميع القوى السياسية في الإقليم، ومازلنا مستمرون في مباحثاتنا و في تبادل الاراء ووجهات النظر مع الاحزاب و الاطراف السياسية في اقليم كوردستان . نحن نعمل على تاسيس تشكيلة حكومية ذات قاعدة ومشاركة واسعة تشترك فيها جميع القوى السياسية و قد كانت المسالة بحاجة للكثير من الوقت لكننا حققنا تقدما ملحوظاً في طريق الاعلان عنها .
نريد ان يكون الاقليم في السنوات الاربع المقبلة آمناً و مستقراً داخلياً ، نرغب ان تشارك جميع القوى السياسية في الحكم و تطوير هذا الاقليم وان نعمل سوية وبشكل مشترك لتطوير النظام الديمقراطي في الإقليم، وهذا ما جعل المباحثات مع كافة الاطراف السياسية تاخذ وقتاً طويلاً للوصول لنتائج ترقى الى مستوى مصالح و مطالب شعب كوردستان .
المجتمع الكوردستاني و القيادة السياسية في الاقليم يشعرون بالتغييرات المحيطة بهم وياخذها على محمل الجد ويحاول تحليلها للتعامل معها، ومع كافة المواجهات الحالية في الشرق الاوسط والمشاكل المستقبلية بشكل يحافظ على مصالح شعب كوردستان .اما النقطة الثالثة ، تتعلق بتركيا و ايران كدولتين جارتين ونعتبر نحن هذه النقطة موضع اهتمام. باعتبار الدولتين تلعبان دوراً مهماً كقوى إقليمية لها وزنها في مستقبل الشرق الاوسط. ويعتقد البعض ان هناك نوعاً من التعاون فيما بيهم، كما يعتقد الآخرون ان طابع التنافس يغلب على طبيعة العلاقات بين الطرفين ، كما لا يمكننا تناسي دور و تاثير السعودية و الدول الاخرى في المنطقة.
والسؤال هنا :
ماهي مصالح تركيا و إيران، وهل تستطيعان لعب دور إيجابي في تقليل حدة الصراع في الشرق الاوسط؟
في وقت يرى فيه الكثير منا هذه المسالة كنقطة مشجعة ، لكن البعض الاخر مازال قلقاً من تاثير هذه الدول، فهم يعتقدون ان هذا التاثير من الممكن ان يخلق نوعا من المنافسة وعدم الاستقرار، حيث يحاول كل منهم توسيع نفوذه الاقتصادي والسياسي على حساب الاخر.
ولا يمكن ان نتجاهل العامل الخارجي في المشاكل و الصراعات التي لها طابع آيديولوجي او ديني او مذهبي.وسؤالي الاخير كاحد الافراد في منطقة الشرق الاوسط هو: ماهو مستوى تاثير الولايات المتحدة الاميركية، وماهو مستوى مصالحها في اقليمنا، وما هو نوع الدعم والقيادة التي من الممكن ان نتوقعها منها؟
الادارة السابقة في الولايات المتحدة كانت لها نظرة خاصة حول إعادة تشكيل الشرق الاوسط من جديد ، ومن قراءة الموقف الحالي للإدارة الاميركية نرى ان نظرتها حول هذه المسالة تختلف. ومن الممكن ان تكون التكنلوجيا الجديدة للنفظ و الغاز سببا في ان تقلص الولايات المتحدة إعتمادها على مصادر الطاقة في منطقة الشرق الاوسط والذي من الممكن ان يؤدي في النتيجة الى تقلص النفوذ الاميركي في الشرق الاوسط! .
لذا نتسائل:
لاي منحى ستتجه سياسة الولايات المتحدة الاميركية واوروبا في الشرق الاوسط في السنوات القادمة؟ايها الحضور الكرام ..
ما طرحته في كلامي ماهو الا بعض من المسائل والتساؤلات والتي يتوجب ان يكون قادة الشرق الاوسط جاهزين لمواجهتها . ولا شك بان هناك الكثير من المواضيع ايضا ستتناقشون حولها في هذا الاسبوع و انا متاكد و كلي ثقة بان هذا المؤتمر سيحقق نجاحا كبيرا لان عددا كبيرا من طلبة العلم و الباحثين و المحللين السياسيين و مسؤولي الحكومة و الصحفيين من داخل و خارج كوردستان يشاركون فيهاوفي الختام اتوجه بشكري للجامعة الاميركية في العراق – السليمانية ومركز(IRIS) لعقد هذا المؤتمر ودعوة ضيوف مهمين للتناقش حول العديد من المواضيع المهمة
اتمنى لكم النجاح و الموفقية في اعمال المؤتمر و في تحليلاتكم و انتظر بشغف نتائج هذا المؤتمر.
شكرا جزيلا