تعتبر ساحة كهرمانة... من ساحات بغداد الشهيرة
التي تقع عند مفترق الطريق بين منطقتي الكرادة (الداخل.. والخارج)
انشأ تمثال كهرمانة في الستينيات من القرن الماضي،
وتم تحديثه فيما بعد حيث ازيلت من النصب الرؤوس الموضوعة فوق الجرار (البساتيك).
وقبل ان نورد القصة التاريخية لتمثال كهرمانة من الضروري التأكيد ان لا علاقة لها النصب
بقصة "علي بابا والاربعين حرامي" كما يعتقد البعض.
رغم وجود 40 جرة ايضا.
والحكاية ان بطلة هذه الحكاية هي (قهرمانة) بالقاف الذي اصبح فيما بعد كافا..
وكانت (كهرمانة) طفلة ذكية وشجاعة
والدها كان يمتلك (خانا) لايواء المسافرين وهو اشبه بالفنادق في ايامنا هذه
وكان يمتلك ايضا عربة، يضع فوقها عددا من الجرار.
يقوم والد كهرمانة بملء تلك الجرار بالزيت صباح كل يوم ليبيعه في السوق.
وذات ليلة من ليالي الشتاء القارس نهضت كهرمانة من فراشها ....
بعد ان سمعت اصواتا غريبة وشاهدت عددا من الغرباء اختبأوا فيالجرار الفارغة.
ولكنهم اطلوا برؤوسهم لمراقبة رجال الشرطة الذين احاطوا المكان.
اسرعت كهرمانة لاخبار والدها،
واتفقا على احداث ضجة في الخان لكي يخفي اللصوص رؤوسهم وتم لهما ما أرادا
وهنا قامت (كهرمانة) بملء احدى الاواني بالزيت وراحت تصبه في الجرار الواحدة تلو الاخرى.
ولما شارفت الجرار على الامتلاء نهض اللصوص واخذوا بالصراخ والعويل مما دفع رجال الشرطة للامساك بهم.
هذه القصة كما تروى في الحكايات القديمة ويعود تاريخها الى ما قبل العصر الاسلامي.
والعجيب في أمر هذا النصب ان اليابانيين أظهروا اهتماما خاصا به ويلتقطون الصور التذكارية بجواره
وبعد الحرب الأخيرة كانوا أول من اعاد صيانته وغرسوا الساحة المحيطة به بالوان من الزهور،
والمؤسف في الامر انه تم طلاء الجرار مؤخرا باللون الاخضر
الذي لا يتناسب مع الشكل الفني لهذا النصب
اما آنية كهرمانة فقد جفت منذ وقت طويل! ولم تعد تصب الزيت ولا حتى الماء!
لان الماء شحيح في بغداد لكن يبقى نصب ساحة كهرمانة، الاكثر ألقا بتجسيد، التاريخ الملئ بالحكايات
والبطولات الجسورة
وتظل كهرمانة تدلق زيتها على رؤوس الارهاب والقتلة ..
لصوص الحياة الرغيدة وسراق السعادة ...