هنا

[الحقوقي ايهاب الساري]

جرائم غسل العار .. قتلت زوجها غسلا للعار! .. وقتلوا اختهم وقطعوها في الشارع.. نصف قتيلات جرائم الشرف عذراوات!

في مجتمعنا الذكوري عندما يرتبط مفهوم الشرف بالنساء فقط ويباح للرجال كل شيء.. عندما يضع الرجل القوانين والعقوبات ويصدر الاحكام الاخيرة. عندما يكون قتل المرأة لاجل خطيئة ارتكبتها او فكرت بها مصدر فخر لهم.. حينها تباح الجرائم بكل بساطة لان ضحاياها نساء..
احيانا اتفهم غضب الرجل في موقف كهذا الى درجة ارتكابه الجرم فهو شرقي والحمية جزء من روحه ولكن الذي لا افهمه لم هذه المبالغة الشديدة بالقتل وما الداعي للتمثيل بالجثث وامتهانها برميها بالمزابل والخرائب..؟ ولم القتل في اماكن عامة حتى يصل الامر احيانا الى تقطيع الضحية بعد قتلها امام الناس..؟ ربما التفسير الوحيد هو ان هذه الاسر تقدم القرابين البشرية للمجتمع المحيط لكي يتقبلها مرة اخرى وهذا ما يفسر لي ايضا طقوس الفرح واهازيج نساء عائلة الضحية المرافقة لهذه الجريمة البشعة..
عندما ابتدأت بالتحقيق عن هذا الموضوع لم يكن صعبا عليّ الحصول على قصص فكل واحد بنا شهد قصة على الاقل من هذه القصص خلال حياته.
(م – ص) 56 سنة قتل شقيقي زوجته التي كانت نائمة قربي كنا نتحدث قبل النوم واذكر اني مزحت معها قائلة لا تخشي اخي فثورته هذه سرعان ما ستنتهي صباحا واذا بي اصحو على صوت الرصاص واجدها جثة هامدة قربي.
* لماذا قتلها..؟
- كانت في السوق وشاهدها تتكلم مع احد الشباب وزعم انه سمعهم يتكلمون عن نيتها للهروب مع هذا الشاب فضرب الشاب ضربا ادى الى اصابته بعاهة مستديمة ثم قتل زوجته (س) 18 سنة اثناء نومها.
(م – ص) وبحسب المقربين منها تعاني امراض نفسية جمة بسبب هذا الحادث اثرت في حياتها طوال 37 عاما.
ولايخفى علينا ما تسببه هذه الجرائم من علل نفسية فيمن يشهدوها وبخاصة الاطفال.
(ع – م) 44 سنة كنت في السادسة وشاهدت فتاة تركض في الشارع وخلفها مجموعة من الشبان بيدهم اسلحة بيضاء عجزت الفتاة عن الهرب وبدأ الشبان الذين كان من الواضح انهم اشقاؤها واولاد عمها بدأوا بطعنها طعنات كثيرة ثم قطعوها امام الناس هذه الحادثة اثرت بي جدا ولا ابالغ اذا قلت انها غيرت حياتي.
في هذه القضايا للقبيلة يد مباشرة في اصدار الاحكام واغلبها جائرة لا عدالة فيها. روى لي (الملازم مقداد) حادثة وقعت في منطقة الوشاش اذ تعرضت (ر – ج) 19 سنة للاغتصاب على يد مجموعة من الشبان كانوا على عداوة بزوجها واسرتها ولم يكتفوا بأغتصابها بل وصوروا الحادثة. حكمت القبيلة على الفتاة بالموت وكذلك على المعتدين. ولكنهم اكتفوا بقتل الفتاة وسجن المغتصبين ولكي يجعلوا الامر قانونيا قام عم الفتاة بصعقها بتيار كهربائي ارداها قتيلة وادعو ان الامر حادث.
وعلى غرار هذا الامر كان لي لقاء مع احد مشايخ قبيلة البو ناصر (الشيخ فلاح حسن الندا)
* على ماذا تستند القبيلة في الحكم على مرتكبة الزنى..؟
- بالطبع نحن نستند على الشرع بالدرجة الاولى ثم نحكم الضمير بالقضية وغالبا ما نحاول ان نصل لحلول سلمية بعيدة عن سفك الدماء.
* الشرع يحكم على الرجل حكمه على المرأة ونحن لا نرى في هذه القضية الا حكما على المرأة؟
- سيدتي نحن في حكمنا لا نفرق بين رجل وامرأة فكلاهما شريكان بالجرم فاذا حكمنا عليها بالموت حكمنا عليه ايضا بالموت.
* هل القرار في مثل هذه القضايا لرب الاسرة ام للقبيلة..؟
- رب الاسرة اولا ثم القبيلة فاذا لم يتخذ رب الاسرة اي اجراء بحق نسائه القائم عليهن ممن ذاع صيتهن وساءت سمعتهن قامت القبيلة بترحيله والتبرؤ منه.
* فاذا كان شريكها بالجرم احد اقاربها هل الحكم مختلف..؟
- نعم فاذا لم يزوجا حكم عليهما بالقتل وبهذه الحالة يقتل الرجل ويحرق جثمانه لدنو نفسه على قريبته ولكي يكون عبرة لغيره.
* فاذا تعرضت الفتاة لحادثة اغتصاب ما الحكم..؟
- في هذه الحالة تزوج الفتاة لمن يرضى الزواج بها وغالبا ما يكون اقل منها شأنا.
احصائيات
العراق البلد الاكثر نسبة بين دول الشرق الاوسط في هذه الجرائم حيث تصل فيه الى 87 حالة سنويا متوزعة على محافظاته تصل اعلاها في بغداد الى 15 حالة واقلها في محافظتي الديوانية والمثنى التي تسجل حالة واحدة سنويا.
ورغم محاولات منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان لخفض هذه النسب عن طريق الضغط على البرلمان لتغيير النص القانوني المتعلق بهذه الجرائم او عن طريق نشر التوعية بين الناس الا انهم كانوا كالخنفساء الملتاثة في صوف تسعى من غير طائل.
كان لي لقاء مع امينة منظمة امل السيدة (هناء ادورد)
* كمنظمة مجتمع مدني هل هناك ضغط من قبلكم لتغيير القانون 409 الذي يفرض عقوبة مخففة على مرتكب جريمة قتل تحت ما يسمى غسل العار تصل بحدودها القصوى الى 3 سنوات..؟
- نعم نحن منذ عدة سنوات اثرنا قضية العنف ضد المرأة وبشكل خاص مراجعة قانون العقوبات لكونه يحوي الكثير من المواد التي تنتهك حقوق المرأة والتي فيها تمييز فاضح حول وضع المرأة في قانون العقوبات ومن ضمنها المادة 409 لدينا حملة مدافعة ولازلنا نواصلها عن طريق المؤتمرات والمذكرات والدراسات فمثلا اقمنا دراسة في كركوك حول جرائم الشرف هناك اخذنا اربع حالات وتابعناها في العلاقة مع الضحية واهل الضحية والجاني الذي قام بالجريمة ومع القضاة والمختصين بالقانون فوجدنا شيء جديد هو رفض الناس لهذا الامر ولكن لاحظنا بنفس الوقت ان القانون لا يطبق بشكل سوي فهناك امور تعيق اجراءات متابعة الجاني وعقابه احيانا بسبب ضغوط سياسية كأن يكون تابع لحزب معين يوفر له الحماية او ان العشيرة تحاول ان تنهي القضية بفصل عشائري واحيانا حتى القاضي يتردد بالحكم القاسي على مرتكب الجريمة خوفا من الانتقام من قبل المليشيات او العصابات المسلحة .. الخ وبالتالي فالضحية هي المرأة التي وان نجت من الموت فسوف تعاني وضع نفسي قاسي ومريع.
* منذ متى ابتدأتم نشاطكم..؟
- ابتدأنا بهذه الحملات في عام 2006 وقبل ذلك في عام 2005 عندما كان الدستور موضوع تحت الاستفتاء بدأنا باثارة قضايا العنف ضد المرأة وتمييز المرأة في القانون.
* ارتفاع النسب او بقائها على حالها اليس هذا مؤشرا الى فشل البرامج والخطط المتبعة..؟
- نحن استطعنا ان نكسر حاجز الصمت والخوف تجاه هذه الجرائم لكن لا تنسي سيدتي مجتمعنا العشائري والعادات المتجذرة فيه والتي من الصعب ان نغيرها في زمن قصير الامر يحتاج معالجة على المدى البعيد نحن على الاقل امطنا اللثام عن هذه الجرائم وبشاعتها وهذه خطوة في طريق طويل للقضاء على هذه الظاهرة تماما.
* تلاعب بالقانون
في بعض هذه الجرائم تجبر الفتاة على قتل نفسها لبيان ان الامر حادث انتحار او بدس لها السم او تقتل بطريقة تبان انها حادث عرضي كأن تصعق بتيار كهربائي او ترمى من مكان مرتفع او حتى تحرق. تلجأ الاسر لهذه الطرق عندما تعرف ان القانون لم يقف معها في حالتهم لان اغلب الحالات هنا هو مجرد شك في سلوك الفتاة دون دليل قاطع واحيانا توكل مهمة غسل العار الى الاطفال القصر لان القضاء لايصدر حكم بالاعدام بحقهم فيما لو ثبت عذرية الفتاة بعد ان يدرب من قبل ذويه على القيام بهذه المهمة.
* دائرة الطب العدلي:
الدكتورة (ايسر ساكن) احد العاملين في دائرة الطب العدلي
* كيف يتم العثور على الجثث..؟
- اغلب المقتولات يسجلن كمجهولات الهوية لان بعض العوائل عندما تقتل الضحية غسلا للعار تقوم برمي الجثة في مناطق عشوائية فنحن احيانا نعرف ان الضحية قتلت غسلا للعار بسبب عدم سؤال احد عنها. واحيانا تسلم العائلة الجثة للطب العدلي دون العودة لها وتتكفل في كلا الحالتين الدولة بدفن الضحايا.
* هل هناك تمثيل بالجثث..؟
- لا.. ليس هناك تمثيل باستثناء قطع يد الضحية الذي يقوم به الجاني كعلامة على غسله لعاره وتسلم اليد لرئيس القبيلة او تعلق بالمنطقة التي يسكن بها الجاني.
* هل هناك تعذيب قبل القتل..؟
- لا توجد اثار تعذيب ولكن هناك اثار للمقاومة من قبل الضحية للقاتل .
* هل هناك عذراوات بين القتيلات..؟
- نعم الكثير من القتيلات عذراوات لا ابالغ ان قلت ان النسبة تصل الى النصف .
* ماهي طرق القتل المتبعة في هذه الجرائم..؟
- فيما مضى كان النحر او الذبح هو الطريقة الشائعة اما الان فالقتل في الغالب يكون بالطلق الناري والخنق الرباطي وبنسب قليلة الطعن والذبح. هناك نقطة مهمة يجب التنويه لها نسبة كبيرة من الفتيات المتزوجات حديثا يقتلن غسلا للعار او تطلق في احسن الاحتمالات دون ان تكون ارتكبت اي خطأ والسبب ان الضحيات في المواقعة الاولى لم يخرج الدم وبسبب قلة الوعي ربط الناس شرف الفتاة بهذا الامر والحقيقة المغيبة ان هذا الدم ليس بالضرورة علامة لعذرية الفتاة فغشاء البكارة يختلف من فتاة لاخرى وهناك نوعية تسمى الغشاء المطاطي الذي يصعب فضه وبالتالي لايخرج الدم من المواقعة الاولى وكذلك هناك اغشية لا تحوي اوعية دموية كثيرة فيكون الدم قليل جدا. اذن فلابد من توعية المقبلين على الزواج لهذه الامور المهمة من قبل اخصائيين اجتماعيين في المحاكم التي يتم فيها عقد القران.
وضمن اطار هذه الجرائم حدثت قصص غير مألوفة تحدث لي النقيب محمد عن حادثة وقعت في منطقة الامين حيث قتل (م – ن) شقيقه احمد بعد ان باهته متلبسا بفعل الشذوذ مع صديقه فقتله على الفور واصاب صديقه اصابات بالغة ادت الى شلله قال بالتحقيق قتلت اخي غسلا للعار الذي الحقه بنا .
كما وروى لي النقيب محمد عن حادثة وقعت في محافظة الديوانية لزوجة قتلت زوجها غسلا للعار بعد ان وجدته مع امرأة متلبسين بفعل الزنى على سريرها.
وها هنا نحاول كشف النقاب عن موقف القانون عن مثل هذه الحالات القانون 409 يعفي الرجل في حالة تحقق عنصري المفاجأة اي مفاجأة زوجته او احد محارمه متلبسة بفعل الزنى واقترانه بصفة المرأة فاذا كان الضحية ذكر ارتفعت الحصانة ودخل ضمن المادة 405 القتل العمد اما اذا كانت المرأة هي من فاجأت زوجها وقتلته غسلا للعار فانها ستكون تحت طائلة العقاب المزدوج القانوني والاجتماعي فالجريمة في مثل هذه الحالة ضمن قانون العقوبات جريمة عادية وسنجد المادة (405) لها بالمرصاد اما اذا اقترنت بها ظروف تدعو للتشدد فان المادة 406 التي ترفع سقف العقوبة الى الاعدام هي من تكون حاضرة في الوصف القانوني. وهنا السؤال يطرح نفسه لماذا لا تعامل المرأة في هذه الظروف كشخص تعرض لصدمة او فقد السيطرة على مشاعره ففي بعض الجرائم التي يفقد الجاني سيطرته على مشاعره تضع المحكمة هذا الامر بنظر الاعتبار واحيانا يخفف الحكم على الجاني الا ان المحكمة في قضايا كهذه لم تراعي الظروف واعتبرت جريمة قتل المرأة زوجها غسلا للعار جريمة عادية تصل عقوبتها الى الاعدام فالمادة 409 اعطت للزوج الحق واعفته من العقاب.
* وللشرع كلمته
- افادني سماحة الشيخان (علي عبد الامير اسماعيل) و (عبد الرزاق داود) بحكم الشرع في هذه القضية.
* هناك صورة ضبابية عن حكم الشرع في مرتكبة الزنى سماحة الشيخ ماهو الحكم الحقيقي وهل هو حصرا على الاناث؟
- بسم الله الرحمن الرحيم (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ويشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) سورة النور
لا يقتصر حكم الشرع على المرأة دون الرجل فحكم الشرع في مسألة الزنى يقسم الى قسمين الزاني والزانية المحصنين والغير محصنين ونقصد بالتحصن الزواج فالمحصنين قصاصهما الرجم اما غير المحصنين فالجلد مائة جلدة كما ورد في القرأن ولان الحكومات الان لا تحكم بالرجم بهذه الحالة يكون رأي الشرع انهم يستتابون اي يلجأون للتوبة ويعذرون الى ان يتوبوا الى الله والمرأة تحجر في بيتها الى ان يقضي الله امرا وهو التوبة النصوحة او يتوب الرجل الذي ارتكب معها هذا الفعل فيتقدم لخطبتها او يخطبها احدا غيره.. ولا يكون هناك تسرع بالقتل فالاسلام لا يتسرع بالقتل.
* ما حكم الشرع في اقامة الحد على النساء من قبل ذويهن دون الرجوع لولي الامر اقصد به الدولة..؟
- لا يجوز ان تقوم الاسرة او القبيلة بالحد دون الرجوع لولي الامر فهذا منافي للشرع.
* هل تعفي التوبة النصوحة مرتكبة الزنى من الحد..؟
- نعم فالله غفور رحيم ولكن يجب ان تكون هذه التوبة مقترنة بالعمل الصالح والتوبة النصوحة هي الندم والاسف على ما قام به من ذنب والعزم على عدم العودة له.

[ابو علي المياحي]

شكراً لمجهودك ، موضوع في غاية الاهمية ويجب ان لا تشمل التوعيه للازواج المتزوجين حديثاً بل ان تشمل كل طبقات المجتمع

[المحامي احمد التميمي]

شكرا