(صمانجي قيزي) أو (موناليزا العراق)
قصة لوحة بنت المعيدي
اللوحة التي عشقها العراقيون نصف قرن منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، ظلت تلعب لوحة (بنت المعيدي) دورا جماليا وثقافيا مدهشاً في مخيلة العراقيين،
كانوا يعلقونها على جدار غرفة الضيوف، إلى جانب صورة صاحب البيت، أو بموازاة صورة الملك غازي ثاني الملوك أو من تلاه من حكام العراق. بوصفها ملكة تتربع على عرش الجمال بلا منافس،
صاحبة اللوحة ..التي يقال انها كانت تكنس عتبه الدار اثناء مرور مجموعه من الضباط الانكليز فسلبت قلب احدهم وما هي الا ايام حتى جاء الى اهلها مع بعض الوجهاء والمتنفذين في المدينة طالبا يدها للزواج وامام رفض والديها بسبب اختلاف الدين واسباب اخر!!
استقتل الضابط الانكليزي واعلن استعداده لدخول الدين الاسلامي للاقتران بها و بعد عدة محاولات باءت بالفشل مارس الضابط الانكليزي ضغوطاً نفسية ومادية وحكومية تمت الموافقة وتم زواجه منها واخذها الى بلاده وقيل بانهما اقاما في لندن بقية عمريهما.
(وكانت سابقة اجتماعية مثيرة للجدل انذاك في مجتمع لم يعهد ولم يستوعب هذه الحادثة ومن هناك ارسلت صورتها ذات العين الحزينه المشتاقه لأهلها وابناء وطنها لتيقى في الذاكره الأجتماعيه حكايه وصوره رائقة الذكرى .. وقد استعان زوجها باشهر الرسامين ليرسم جمالها في هذه اللوحه )
تفاصيل صاحبة الصورة توحي بترف لذيذ، وغنى فاحش،.. فهي تبدو سيدة في مطلع العشرينيات تتألق على جيدها ثلاثة عقود جميلة، الأول من حبات لؤلؤية صغيرة تشكل خمسة أطواق ينسجم بياضها مع بياض البشرة الناعمة، والثاني من خرز لؤلؤي أكبر حجماً، بينما يبدو العقد الثالث ذهبياً تتوسطه جوهرة كبيرة الحجم تتدلى على الجزء الأعلى من صدرها.وبطريقة ملكية بهية، تعلو رأس صاحبة الصورة قبعة على شكل تاج، تتألق في قمتها تشكيلات زهرية مصنوعة من قماش الدانتيلا والمصممة على هيئة عقال عربي.
تغرق هذه التفاصيل المدهشة ببحر من خصلات شعرها البني التي تنتشر متموجة بغزارة على كتفيها لتغمر جزءاً من ثوبها الأحمر المطرز بخرز وأقراص لماعة.
استلهم المغنون الشعبيون والمسرحيون من جمالها وحكايتها الحزينة أعمالا فنية لاقت رواجاً لافتاً، فهذا المطرب الشعبي البحريني عيسى بدر يقول في إحدى أغانيه (بنت المعيدي سافرت قطر أربعة شهور ما جاني خبر) وفي المسرح قدم المخرج العراقي محسن العزاوي مسرحية اعتمدت على أسطورة (بنت المعيدي)
في الجنوب يسمونها (ليلى المعيدية) وهناك من يصحح ويدعي أنها (فاطمة، أو جميلة المعيدية)، غير أن الاسم موضع الخلاف قد يختفي، ويكتفي الناس باطلاق لقب (بنت المعيدي). أما في شمال العراق فيطلقون عليها لقبين، الأكراد يسمونها (كيجي كافروش) وتعني بالعربية ابنة التبان، بينما يطلق عليها التركمان اسم (صمانجي قيزي) وتعني ابنة عامل اوبائع التبن.
ولكن السؤال الذي يبقى يلح بطلب الإجابة: ما حقيقة هذه الصورة؟