محمد مصطفى جمال الدين
عــــــودةُ الـمـســـــــافــر ْ
تزغردُ القلوب ... وتعودُ الحياةُ في قصب الراعي بعد غيابٍ قد يطول ... كتبت هذه القصيدة سنة 1970م يوم كنتُ في السابعة عشرة من العمر ...مهداةٌ إلى أبي ومعلمي الأول ... ونشرت في مجلة ( الهلال) المصرية عدد نيسان 1974م ...واليوم أعود لنشرها مرةً ثانية تحية لذكرى ذلك الأب الطيب المعشر .
غــــــدا ً إذا عـــــاد أبـــــي
مـــن الـــسـَّـــفــرْ
يصفـّــق ُ الطـــــــيرُ لــــــــه
ويرقصُ الشـــــــــــجرْ
وتخفــــــــــــــقُ القلـــــــوبُ
كــــارتعاشــة الوتــــــرْ
وتعزف الدنيا لـنــــا
حـلـــــــــوَالـنــغــــ ـــــمْ
فنــســحــق ُ اليـــــــأس َ ونـتــــرك ُالنــــدمْ
ونمحو كـــــلَّ مـا فاتَ من السقـــمْ
غــــــدا ً إذا عـــــاد َ أبــــي
من الـــسـَّفــرْ
ســـــتـعــــزف ُ ا لريـــــحُ
ويهطل ُا لمــطــرْ
وتطربُ الطيورُ مابـيــــن الـقــصـــبْ
وتحمل الغيــــــومُ ألــــوان َالطــــربْ
غــــــــــــداً تـــــــــــــــرف ُّ
أحـــــــلامُ الســــــــنين الماضيــــهْ
وترقصُ الاطيـــــــــــــــافُ
في سوح ِالديـــــــارِ الخاليــــهْ
* * *
غـــــــداً إذا عــــــــاد أبــــي
مــن الــــــــســــفــرْ
حيـــــــث تحييـّـــه قلـــــــــوب ُ
أخـــــــوتي الصـــــــــــــغارْ
فيمحــــــــو عـــن وجـوههـــــم
غشــــــــــــاوة َالغــبـــــــــارْ
ويـنجلي الليــــــــلُ ويـبـزغُ الـنـهـارْ
وتـُشـــرُقُ الشـــــــــمس ُ
عـلـى طــــــــــــــولِ الحـقــــــــــــولْ
وتســـــــــكبُ النـــــــورَ
عـلـى التــــــــــــــلال ِوالسـُّـــــــــهولْ
وتـــــــظهرُ المشـــــاهدُ التــــى
ظللّــــــــها الظـــــــــلامْ
مشـــاهدُ الحـب ِّووديانُ السَّلام
وتــُـــــــورَقُ الغصــــــونُ
بعـــــدَ مـــوتٍ طــــــالَ الف َعــــــــامْ
وتصدحُ قيـــــــثارةُ الرعيــــانِ
مــــــابين الشَّجــــــــــرْ
وتضحكُ العيـــونُ السَّاحراتُ كالـــدُّررْ
اذ يسهــــــرُ الشــــــوق ُ
على العيون الـوادعــــــــهْ
ويمـــــرحُ النســيــمُ في حقـــــلِ
صديقتي المـــــزارعـة ْ
ويــسبـــــحُ النـــــورُ برغــــــوةِ
المـيــــاه الجــــــــاريةْ
وتطـــــــرَب ُالأســـــمـاع يـاحـبـيـبـتـي
عـلــــى غـنـــــاء الــسـَّـــاقـيــــــــــ هْ
فــنعــتــلـــــي ســـــــــــــــــويَّــة ً
فـــــــــوقَ الضِّفـــــافِ العــالـــية ْ
وتــكــتســـــي ثيــابنـــــــا
من زَبـَـــــدِ النـَّهـــــــــر ْ
وتـبــــــرقُ الـعــيـــــون كالقــمـــر ْ
عينـــــــــــــاك (يـاغـفــــــــــران) *
ياقــثـــــــــــــارة َالســــــحــرْ
يابـســــــمـــــةَ الصُّبـــــــحِ
ويا أجـمـــــــــــل َمـن كـــــــــــل ِّالـزهـــــر ْ
ياحـــــــــلوة ًاحببتــــــــها منذ الصغــــــرْ
وكم رعـاهـــا زارع ٌ ثم ارتحــــــلْ
لكنَّه مهما جـفـــــــــا ، مـهـمـا هـجـرْ
لا بـــــــــدَّ يـاحبيبتـــــــي
لابــــــــــــــــــــــ ــــدَّ أن يأتي من ا لسفرْ
* * *
أُخـيـَّـتـي لاتيــــــــــأســــــي إن كــــان
ماضــينـــــــــا انـــدثـــــــــرْ
و إنْ جــفـــــــا زارعُنـــــــــا
فـــي زورق المــنــــــــــــى
في ليـلــــــــــــة ٍ قــمـــــراءَ تــزهـــو بالـسَّنــــــا
وإن غـفـــــــــــا
ولم يـــعـــــــدْ يــذ كــــــــــرُ
شيئـــــــا ًمن بقــــــــايا حبــِّنــــــا
وإن ســــــلا وإن طـــــــــال السفــــــــــــرْ
قولي إذا مــــــــرُّوا ببــــــــاب بيتـنــــــا
قـــــــولي لـمــــــن عاتبنــــــــا
والــــــدُنا ربـيـعُنــــــــــــــا
إ ن غـــــــاب َعـنـّــا أو حضــــــرْ
أخيَّــتـــــــي ...
قـد يحمـــــل ُالأنســـــــــانُ
ألــوانــــــا ً مــــن الحـــب ِّأُخــــــرْ
وقـــــــد يضيــــــــق ُ صـــــــــد رُ والــــــد ٍ
بـمـا حمـــلْ
لـكـنـَّنـــــا جـمـيـعُـنـــــــا
من لون حب ٍّ واحد ٍ
قطـرة ُ بـحـر ٍ هـا د ر ٍ
تـفايضت من قـــلب والـــــد ٍ أغـــــرْ
تـبـخـــــــــــرتْ...
وامتــــــــــــزجـتْ
مـع ا لغــــــيـــوم...
وســـــــــــــــــرتْ
وانـهــطلـــــــــــــت.ْ. .
على ا لربـــــــــــــــــــى
فارتـــــــــــــــوت ِ الأرضُ بهــــــا
وانـتـعـــــــــش َ ا لـزَّهــــــرْ
لكنهـــــــــــا يا أبـتــــــــــــــــي.....
عـــــــــــــــــادت ْ
كمــــــــا جـــــــــاءت من ا لبحــــــــرْ
الـمـؤمـنـيـن
1970
* غـفـران : هـي الـشـقـيـقـة ُ الـصـغـرى لـلـشـاعـر