أنا وأخي ع الغريب
هذه المعادلة المشار إليها في العنوان، غالباً ما يعمل بها لدى طرفين يعقدان اتفاقاً بينهما في سياق محاولة للنيل من طرف ثالث وفي بعض الحالات تتخطى هذه المعادلة الاثنين من الناس، وتغدو شعار دولتين ضد دولة أخرى أو قوتين ضد قوة ثالثة، وهكذا إلى حين يتحقق الهدف من الشعار فيعود كل شيء إلى ما كان قبل عقد هكذا اتفاق.
في أحد أيام عام 1941، وكمثال هذا ما ورد في العنوان، صرح ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، قائلاً: «إن بريطانيا متفقة مع فرنسا الحرة على أن استقلال سورية يبقى الحجر الأساس في استقرار المنطقة وهذه الرؤيا ستبقى نقطة أساسية في سياسة بريطانيا في المستقبل».
على هذه الأرضية جرى الاتفاق بين بريطانيا وفرنسا فيما يتصل بمستقبل سورية بعد الحرب العالمية الثانية، وحين وضعت الحرب أوزارها في عام 1945 تبين جلياً أن جملة « نقطة أساسية في سياسة بريطانيا في المستقبل»، لا تعني شيئاً يمكن أن تشكل إدانة لقائلها من الناحية العملية، ذلك أن سورية بقيت حجر الأساس في المنطقة إلي يومنا هذا، ولأن ما طرأ من تعديل بالفعل على المعادلة هو أن هذين «الأخوين» اللذين تآمرا على «الغريب» قبل الحرب افترقا بعد الحرب، وذلك عندما أوكل أحدهما أمر سورية إلى الآخر، فتولت فرنسا الشأن السوري حتى تاريخ الجلاء في العام 1946
هذه المعادلة التي كانت سلاحاً فتاكاً عند الضرورة في أيدي المتآمرين على مصير الدول الغربية التي ما تزال تحلم أن عودة عقارب الساعة في المنطقة إلى الوراء ممكنة، ولهذا الاعتبار تعقد الاتفاقيات فيما بينها حالياً بأمل العودة إلى بدايات القرون السابقة منذ العام 1516 حتى العام 1946
في هذا الإطار عانت سورية عبر تاريخها القديم والحديث على حد سواء، من تبعات التآمر عليها فرنسياً- بريطانيا تارة، وإسرائيلياً- أميركياً تارة، وعربياً- عثمانياً تارة- ولا تزال تعاني من مثل هذه الحالات التي تجمع بين عدوين ضد بلد يعتبر في نظرهما هدفاً استراتيجياً كما هي سورية تحديداً، رداً على ثباتها في مواقفها ضد أطماع المستعمرين الجدد بشكل أو بآخر.
ومع كل هذا فكما تخطت سورية، بعزيمة أبنائها عتبات الخطر الذي أحدق بها بالأمس، هي قادرة اليوم على تخطي عتبة الخطر المحدق بها اليوم، وإن يكن قد تجسد ذلك بأضعاف أضعاف الذين تآمروا عليها بالأمس القريب أو البعيد نسبياً.
ودائماً يبقى التاريخ هو السجل الذي يشهد لسورية بأنها كانت وسوف تبقى فوق كل الاعتبارات التي تفرق بين أهلها على مختلف شرائحهم، وبذلك هي تشكل سداً منيعاً في مواجهة التآمر على حاضرها ومستقبلها في آن