ما يميز المطبخ السوري العديد من الأكلات التراثية القديمة المتجددة والأصيلة ويعد المكدوس أكلة تشتهر بها مختلف مناطق سورية،
ويشتهر السوريون بصناعته منذ القدم، ورغم شهرة المكدوس بالباذنجان الحمصي إلا أن في دمشق أهم خبراء تحضير هذه الصناعة وأشهرهم ، وله موسم خاص به يمتد من شهر أيلول وما بعد، الجميع يرغبه الصغير والكبير، يُؤكل في جميع الأوقات، ويكون مغذّياً لدرجة كبيرة، ومن كان لديه كفاية في فصل الشتاء فإنه يتناوله في باقي الأوقات، وعندما يأخذ حقه من تأمين المواد الرئيسية، وتقديم أجود أنواع الزيوت والمكسرات والتوابل تتحول تلك المادة إلى ملكة مائدة الفطور هكذا بدأت السيدة ام محمود المخللاتي حديثها عن المكدوس والذي تقوم بصناعته لبعض الاسر خلال فترة مؤونته باعتباره يعد إحدى المؤن الرئيسية في المنزل والتي تستهلك طوال شهور السنة، فحضور "المكدوس" على وجبة الفطور يعتبر من مسلمات المائدة وخاصة في فصل الشتاء.
وقد حرصت معظم الأسر السورية على تواجده ضمن مؤونة المنزل، لكونه وجبة يمكن تناولها في كل الأوقات، وخاصة عند الأسر التي يكون عدد أفرادها كبيراً، حيث يعتبر حلاً أمثل للأولاد الذين يطلبون الطعام طوال ساعات اليوم، وتضيف أم محمود : إنه لاغنى عن هذه الأكلة الشعبية في أي منزل وعند تحضيره يجب اختيار النوعية الجيدة من الباذنجان وهو على الأغلب الباذنجان الأبيض أو المسمى الباذنجان الحمصي، كذلك يجب أن يكون حجم الحبة صغيراً بحجم الإصبع، وعند تحضيره نقوم أولاً بقطع العقب (رأس الباذنجانة) ثم نضعه في وعاء عميق ونسكب فوقه الماء ونغليه لمدة نصف ساعة على النار، بحيث يصل الباذنجان إلى درجة النضج الكامل، ثم نخرج الباذنجان من وعاء الغلي ونضعه في مصفاة مسطحة ونرش فوقه القليل من الملح بعد تمليحه من الداخل ومن ثم نضع فوقه قماشاً أبيض ونضغطه بمكبس لكي نخلصه من الماء بشكل كامل، ويستمر كبس الباذنجان لمدة ثلاثة أيام لكي يجف تماماً من الماء، بعد ذلك نأتي بالباذنجان بعد كبسه ونفرشه في وعاء مسطح بحيث يتعرض للهواء ويتم جفافه الكامل حيث يصبح جاهزاً للحشوة وتكمل: حتى حشوة "المكدوس" تختلف من منطقة لأخرى ومن أسرة إلى أسرة وذلك بحسب الذوق والإمكانيات المادية،إلا أن الفليفلة الحمراء المدقوقة تعتبر المادة الرئيسية والبعض يخلطها بالجوز أو اللوز والبعض الآخر بالفستق العبيد والسمسم، إلا أن الجوز يعتبر المادة الأكثر شيوعاً والألذ، وتضيف نخلط الجوز مع الفليفلة الحمراء والقليل من الملح والثوم ونبدأ بحشو الباذنجان، وبعد الانتهاء من حشوته نرتبه في "مرطبان" زجاجي ونغمره بزيت الزيتون بشكل كامل، ومن ثم نغلقه بشكلٍ محكم، حيث يمكن تناوله بعد 24 ساعة من ذلك.
وأشارت أم محمود إلى أنها تفضل الباذنجان الحمصي لكونه الأكثر ملاءمة للمكدوس، وذلك بسبب لونه المائل للأبيض والأهم من ذلك قساوته التي تساعد على عدم تلفه أثناء غليه وتحضيره وأثناء تموينه، كما يحتمل التخزين لمدة طويلة، ونكهة هذا النوع من الباذنجان هي أطيب في "المكدوس" من الأنواع الأخرى، ولكنْ هناك أسر تفضل الباذنجان البلدي وأنا أقوم بصنعه حسب الطلب.