من معالم البصرة الخالدة...زرزور ابو الحَب
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل سمعتم عن اشهر بائع بصري للكرزات في
البصرة وفي منطقة العشار تحديدا فهو زرزور ابو الحب،الاسم الذي تجاوز مديات المدينة الى سواها من المدن.. وزرزور هذا شخصية بصرية ظريفة يحبه الناس لبساطته ويتلذذون بطعم كرزاته المحببة.. ورغم ان محله الواقع قبالة مبنى المحافظة القديمة صغير لكنه ظل يواصل عمله به منذ سنين طويلة تجاوزت الستين عاما ... فهو وان كان كبيرالسن لكنه يتواجد في المحل يوميا غير أبه بتعب الايام والسنين فتجده يشرف بنفسه على تنقية الكرزات وتصنيفها وخلطها ولم يترك لابنه الذي يرافقه دائما فهو يشعر بنشوة عندما يزاول العمل بنفسه فهي مهنته المحببة منذ اكثر من نصف قرن حتى غدا اقدم بائع في البصرة .
بقي محتفظا بعمله وبطبيعة مهنته واصبح محله واسمه عنوانا يهتدي اليه الكثير من الزوار فيصفون لبعضهم البعض عناوين اكثر تدل على ان المحل الفلاني يقع بالقرب من زرزور ابو الحب.
وللزرزور البصري حكايات عديدة منها انه راوية للتاريخ ويتذكر الكثير من الحوادث التي مرت في البصرة ويصفه زملاؤه بانه يذكر -حفر الشط- وهذا مثل بصري يضرب بامثال زرزور من القدماء والمسنين..فهو رجل مسن يداري شيخوخته بطقم فاخر من الاسنان وحركة دائبة داخل المحل ..فتراه يعرف زبائنه وامزجتهم ورغباتهم ويهيئ لهم طلباتهم دون ان يطلبوا منه ذلك.
زرزور البصري الذي جمع حول عشه الصغير كل الشخصيات الاجتماعية البصرية فهو يطعمهم بنماذج جديدة من الحب كما يحلو للبصرين تسمية الكرزات كما يطعمهم بالمحبة البصرية الاصيلة والترحاب اليومي الحميم الذي يجعل من النخبة المتحلقة حوله وحول شجرته حالة فريدة كتفرد اهل البصرة بكل الاشياء الجميلة.
وكان يصف الوسائل المتطورة برغم أهميتها، فإنها عقدت الحياة البسيطة التي كنا نعيشها حيث الألفة والمحبة واجتماع أفراد العائلة على سفرة واحدة للإفطار، والتنعم بالرزق الحلال والحمد والثناء للرحمن الرحيم». ويؤكد على أن «أجمل ما كان في الشهر الفضيل في البصرة أيام زمان هو تبادل أواني الطعام بين الجيران قبيل موعد الإفطار، وخاصة الأطعمة المتميزة التي تتباهى ربات البيوت بإجادة طبخها، مثل البرياني المفعم بروائح المطيبات والبهارات والتوابل الهندية وسمك الزبيدي الطازج والقباب المجفف ولقمة القاضي والهريسة وأنواع من حلويات التمر، إضافة إلى الإطباق التي ترسل بشكل يومي إلى الجوامع ودور العبادة لإفطار الصائمين من الفقراء المتعففين». وعن «البصرة في الثلاثينات كانت بلا كهرباء وإنما هناك أعمدة تعلق عليها الفوانيس النفطية التي يقوم بإشعالها عامل يدور عليها بدراجته الهوائية، وخاصة في الشوارع الرئيسية المتفرعة من ساحة أم البروم التي تستضيف في أيام رمضان مدفع الإفطار».
وإن مسؤول المدفع كان شخصا يسمى محمد حيث يقوم وقت الظهيرة بجمع قصاصات القماش من محال الخياطين ويخلطها مع كمية من البارود ويضعها في مؤخرة سبطانة المدفع الذي كان يتخذ ركنا من حديقة الساحة التي كانت تسمى وقتذاك بحديقة الملك غازي، وعندما يسمع صوت المؤذن يشعل فتيل القماش ويسحب الحبل المثبت بالسبطانة، عند ذاك يطلق مدفع محمد قذيفته القماشية محدثاً دوياً مسموعا إلى مسافات بعيدة، فيسارع الناس إلى تناول إفطارهم».