قال تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) النساء

قد اقترن ذكر "الخطيئة" و "الإثم" فما الفرق بينهما ؟

الخطيئة : من الخطأ ، وهو عدم الإصابة ، وقد تكون عن عمد ، وقد تكون عن غير عمد ؛ إلا أن غير العمد أكثر .. والجمع : الخطيئات والخطايا ...

والمستقرئ للفظ "الخطيئة " واستقاقاتها في القرآن الكريم يتأكد له
قال تعالى : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة / 286 )
قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ) (النساء / 92 )
قال تعالى وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) (الأحزاب / 5 )
قال تعالى : (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا) (الشعراء / 51 )
قال تعالى : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء / 82 )
قال تعالى : (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ) الأعراف / 161

فهذه الآيات وغيرها تدل على أن لفظ "الخطيئة" أكثر ما تستعمل في غير العمد .

أما الإثم : فهو اسم للأفعال المبطئة عن الثواب ، وجمعة آثام ،قال تعالى : (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) يعنى في تناولهما إبطاء عن الخيرات .
والإثم لا يكون إلا عن عمد ، والدليل على ذلك قوله تعالىوَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ )
فهذا دليل بيِّن أن الإثم هو ما يكون سبباً لاستحقاق العقوبة.
قال الطبري : " وإنما فرق – سبحانه – بين الخطيئة والإثم ، لأن الخطيئة قد تكون من قبل العمد وغير العمد ، والإثم لا يكون إلا من العمد ، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما ".

ومعنى الآية : ومن يكسب خطيئة من غير عمد ، أو إثماً متعمداً ، ثم يرم به بريئاً ، بأن ينسبه إليه ويحتال لترويج ذلك ، فقد احتمل (بهتاناً) وهو الكذب الفاحش على البريء بما ينبهت له ويتحير منه عند سماعه لفظاعته و (إثماً مبيناً ) أي ظاهراً لا خفاء فيه والإثم المبين هو الذي يستوجب العقاب والجزاء .

فالسّر البلاغي في الجمع بين "الخطيئة" و "الإثم" وعطف الثانية على الأولى ،هو الاحتراس ، حتى لا يتوهم متوهم أن من يكسب خطيئة من غير عمد لا يستوجب العقاب والجزاء .

وأفرد الضمير في قوله : ( ثم يرم به بريئاً) : لدلالة على أنه عائد على أحد الأمرين – الخطيئة أو الإثم – دون تعيين لأحدهما _ كأنه قيل : ثم يرم بأحد الأمرين . وقيل الضمير عائد إلى الكسب ، والتقدير : ثم يرم بكذبه بريئاً على حد قوله تعالى : (أعدلوا هو أقرب للتقوى ) أي : العدل .
والتعبير بلفظ "احتمل " دون " حمل " تؤكد أن هناك معالجة ومكابدة بشدة في حمل الإنسان هذا الشيء الثقيل ، فالجريمة جريمتان وليست واحدة لقد فعل الخطيئة ورمى بها بريئاً ، وفاعل الخطيئة يندم على فعلها مرة ويندم علي إلصاقها بالبريء مرة ثانية .
منقول