الشعر السريالي
أصدرت السُّريالية بياناتٍ ونشراتٍ لتوضيح مذهبها وكسب الأصدقاء والأعضاء، وظهرت لهم أعمال جديدة امتزجت فيها الشعرية بالثورة؛ خصوصاً عند (بروتون) الذي أصرَّ على أولوية الحلم وامتزاجه باليقظة.
وفي الشعر السريالي:
◊ أصدر بنيامين بيريه (النوم في الحجارة).
◊ وأصدرَ بول إيلوار (عاصمة الألم).
◊ أما ديسنوس فقد ظهرت له مؤلفات منها: (أجساد وخيرات)، و(الحرية أو الموت).
◊ ثم أصدر بروتون (ناديا) عام 1928، والبيان الثاني عام 1930.
ومن كتَّاب السريالية الروائيين:
◊ الكاتب الإيرلندي جيمس جويس (1882-1948م) الذي أصدر روايته السريالية بامتياز (يوليسيس).
◊ كما أصدر بيريه رواية (اللعبة الكبيرة).
◊ وأصدر غروفيل (الروح في مقابل العقل).
◊ وكان الشاعر آراغون أبرعَهم وأقربهم إلى الفهم، وأجملُ أوصافه في (فلاح باريس)، وله مطولة روائية بعنوان (مُسافرو عربة الإمبريال) يصف فيها انهيار المجتمع البورجوازي.
◊ ومنهم الكاتبة الفرنسية ناتالي ساروت في روايتيْها (تروبيزم) و(صورة رجل مجهول)، وتتميز كتابتها بالغموض والتعقيد والانطلاق من الواقع النفسي، وتصور انطواء الإنسان ومخاوفه وأوهامه وشعوره بالاضطهاد، وهي تعكس عذاباتها إزاء كل صغيرة أو كبيرة من شؤون الحياة اليومية، وتجمع بين الحقيقة والشك في الفرد والمجتمع والوجود.
* سمات الأدب السُّريالي:
1- الدخول في عالم الغرابة والإدهاش. فالمصادفة التي تُعَدُّ عُنْصُرَ ضَعْفٍ في الرواية العادية تغدو عندهم عنصراً مهماً، وكذلك اللجوء إلى عالم الأشباح والتجسّدات وانفلات الخيال.
2- الاغتراف من الهذيانات، لأنها ترشد إلى أعماق الذات.
3- التأليف بين عالمي الواقع والحلم والعبور من أحدهما إلى الآخر. فالأحلام والذكريات إضاءات للمواقع الخفية في الإنسان؛ وهي تتشابك وأرجاءَ الواقع الراهن. وقد بنى بروتون على هذه الصّلة كتابه (الأواني المستطرقة) الذي سجل فيه بعض أحلامه ثم قام بتحليلها.
4- الحب عندهم وسيلة لتصور العالم القادم، إنه الحب الكلّي المطلق، وهو وسيلة للمعرفة، وفي مجال الحب يغدو الممنوع مباحاً، والحب لا يعمل إلاَّ مع الأمل، وبهما يتجدد العالم.
5- لَمَّا كانت السريالية تحطيماً للقواعد والشكل ورفضاً للمنطق؛ فقد أهملت الاهتمام باللغة والخضوع لقواعدها الصافية وراحت في عباراتها تتقطع وتتناقض بمنأى عن كل أساس منطقي، فإذا بها مجموعة من التداعيات النابعة من اللاشعور قد تنمّقها أو تشوهها المقدرة الفنيّة الواعية. يقول بيير روفيردي: "دع الكلمات تتكلّم وتقول ما تريد قوله، متناسياً ما كانت تحمله من المعاني في الآداب السابقة. دعها تعمل وتؤثر مستقلةً، تتزواج فيما بينها أو تتنافر، مؤلفة صوراً، وكاشفةً عن واقعٍ لم يقُلْه أحدٌ بالضرورة".
6- السريالية ديوان الأخيلة والصور الغريبة والمتناقضة التي يعسر فهمها، وسبب هذه الغرابة أنها إبداع ذهنيٌّ خالص لا يمكن أن يتولّد من مشابهة بين طرفين، بل من مشابهة بين واقعين متباعدين نسبياً، وكلما كانت الصلة بين هذين الواقعين بعيدة جاءت الصورة قوية. ولغموض الصورة لا يُنْتَظرُ من القارئ فهمها من القراءة الأولى، بل لا بد له من أن ينسى كل ما اكتسبه من ثقافته المصطنعة وينغمس مع السرياليين في حياتهم الداخلية.
7- المسرح السريالي غير مألوف، ويُعَدُّ مسرحُ العبث الابنَ الشرعي للسريالية، وهم يرون أن المسرح ضرورة لابد منها، لشدة تأثيره على المشاهدين، وقصدهم منه التعبير عن الفردية والمزاجية والفوضى المشبعة بالحرية وإثارة الدهشة.
وللمسرح عن السورياليين وظيفتان: الهدم، والبحث عن البديل. إنه مسرحٌ يصدم الحواس، ويعمد إلى الإخراج المهول والمضخَّم، والديكور الغريب، والملصقات والمؤثرات المذهلة. وتبرز من خلاله الأحلام والغرائز والعنفُ والدّم والتعبير عن الحياة المكبوتة، ومن هذه الوجهة له وظيفة العلاج النفسيّ. وخيرُ مثال عليه مسرحيتا ألفرِد جاري: (أوبو ملكاً، وأوبو مقيداً).
8- الشعر السريالي ناشئٌ عن دافع لاشعوريٍّ يبتدع القصيدة كما يبتدع الحلم. ويرى إيلوار أن القصيدة مجموعة من الهلوسة والجنون والتذكُّر والقصص القديمة والمشاهد المجهولة والأفكار المتضاربة والتنبؤات البعيدة وحشد العواطف وتشويش العقل والعبث. إنها انطلاقُ الوحي الحر من أعماق النفس وتدفقه بحرية تامة مخترقاً جميع الحواجز.