تمكنت المعمارية العالمية العراقية الاصل زهاء حديد من بناء عمل مهم لها في بريطانيا وهو متحف ريفرسايد للنقل في مدينة غلاسكو باسكتلندا لينضم الى الابنية التي صممتها في عدد من عواصم ومدن العالم.
طال انتظار فريق بي بي سي لإعداد برنامج عن المعمارية المعروفة زهاء حديد بسبب مشاغلها وكثرة الطلبات على إجراء مقابلات معها. ومهما كان الأمر فإن ذلك لا يقارن بانتظارها الطويل؛ فقد احتاجت، كما تقول، لما يقارب الربع قرن لتتمكن من رؤية عمل لها في بريطانيا التي تسكنها منذ نحو 40 سنة.
البعض يقول ان قوة شخصيتها افقدتها الفرص في عالم المعمار في بريطانيا. وعن ذلك سألناها فكان جوابها: "لا اعتقد ذلك، ربما هناك الكثير من التحيز، ليس بسبب شخصيتي، بل لكوني عربية. إنهم لا يريدون للعرب ان يبنوا في اي مكان. ربما لا يرغبون ان اقوم بعملي هنا، لا أعلم".
تمتاز تصاميم زهاء حديد بغرابتها ويطلق عليها المختصون بالهندسة والعمارة مصطلحات عدة مثل تجريدية ومتجزئة وتفكيكية وتركيبية وماشابه ذلك، لكن جميع أعمالها تقوم في الاساس على فكرة بسيطة تستمد من بيئة الموقع وتخدم الغرض من وراء البناية ولكل بناية لديها حكاية.
وحكاية اخر متحف "ريفرسايد" للنقل كما تصفها زهاء في حوارها معنا هي فكرة السقيفة الصناعية لمحطة قطار (على شكل حرف "z" باللاتينية) مفعمة بالحيوية والديناميكية وكذلك بمثابة نهر ثالث لنهري "كلايد " و"غوفين " في مدينة غلاسغو، حيث يقع المتحف على نقطة التقائهما.
والهدف تقول حديد هو الايحاء لزائر متحف النقل والمواصلات بالانتقال من محل لاخر بطرق شتى، وهو ما تريد للمتحف ان يؤديه حين يتجول الزائر في أروقته.
والكثبان في ابو ظبي كانت الفكرة التي بنت زهاء "جسر الشيخ زايد" على شاكلتها. والهدف هو: "بناء هيكل يشبه الكثبان يبدأ من لاشيء ثم يتطور يصنع قوسا يدعم الجسر".
ولباريس بنت زهاء حديد "بافليون شانيل للفنون الحديثة" الذي تنقل في بلدان عدة قبل أن يحط امام المعهد العربي، وهو على غرار حقيبة شانيل النسائية الكلاسيكية المبطنة.
"مصر ام الدنيا"
كانت زهاء حديد اول امرأة تنال جائزة "بريتزكر" للعمارة عام 2004
والحكاية وراء فكرة "الجناح المصري في معرض شانغهاي الدولي 2010 " (وهو واحد من عملين منجزين لبلدان عربية اضافة الى "جسر الشيخ زايد") تعتمد على الحضارة المصرية الفرعونية ومقولة مصر "ام الدنيا" المستمدة من "ام الالهات" والام هنا هي الإلهة "حاثور" ام "حورس" الفرعونية، والتي عمد الفراعنة على بناء اعمدة تحمل راسها تعرف في العمارة باسم "اعمدة حاثور" وضعتها حديد في قلب الجناح، كما تقول في كتاب "حديد: كتاب الاعمال الكاملة".
ويتفرع الجناح في الداخل الى "سلسلة فضاءات يلفها شريط من القماش يدور ويلتف حلزونيا ليخلق منظورا متعددا يستقبل الزوار ويقودهم في اروقته" لمشاهدة ثمان قطع آثار اصلية من العصر الفرعوني.
مشاريع
لحديد مشاريع مختلفة الوظائف، بينها جسور ومجمعات سكنية وابراج تجارية ومراكز ثقافية ومسابح ومتاحف ومسارح ودور اوبرا ومنشآت اكاديمية ومحطات وديكورات مسرح، اضافة الى الحلي والاحذية والحقائب النسائية والملاعق والثريات وقطع الاثاث ومقابض ابواب ومشاريع اخرى.
صممت زهاء حديد متحف "ريفرسايد" للنقل في بريطانيا
وينضّم متحف "ريفيرسايد " للنقل الى قائمة ابنية موجودة في عدد من عواصم ومدن العالم، ويبلغ عدد اعمال زهاء حديد المنجزة او قيد الانجاز نحو 80 ، منها نحو 14 عملا في البلدان العربية، لكن ستين في المئة من اعمالها في العالم العربي حاليا قيد المراجعة، بسبب الثورات العربية والوضع الاقتصادي الراهن، كما تقول هي.
وذكرت زهاء في حوارها مع بي بي سي ان دولا عربية عدة "مدينة لي بأموال طائلة" عن مشاريع في تلك الدول، وبالاخص دولة الامارات عن مركز ابو ظبي للفنون الأدائية، الذي وصفته بأنه أحد اهم مشاريعها هناك، إضافة الى دار الاوبرا في دبي وبرج "سيكنجير" الراقص وبرج "اوبوس"، مضيفة: "وضعنا في جميع هذه الأعمال تفاصيل كثيرة تصلح للعالم العربي، لكن لم ينفذ اي منها. بصراحة وبعد خمسة اعوام لم يدفعوا لنا".
البدايات
ولدت زها حديد في بغداد عام 1950، وهي ابنة محمد حديد، وزير المالية الأسبق، والنائب مرات عدة في البرلمان العراقي منذ العهد الملكي، وأنهت دراستها الثانوية في بغداد أيضاً، ثم دراستها الأولية في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1971، التحقت بعدها للدراسة في لندن في كلية العمارة البريطانية، وعملت في بريطانيا بعد تخرجها عام 1977.
ونالت عدة جوائز عالمية اولها عن تصميم عمارة الذروة The Peak في هونغ كونغ عام 1982، اهمها واخرها جائزة "بريتزكر" للعمارة عام 2004 وهي اول امرأة تنال هذه الجائزة.