كنيسة الصالحية شاهدة على أقدم رسم تصويري للسيد المسيح
تطل آثار (دورا أوروبوس) التاريخية المعروفة باسم (تل الصالحية والتي تختزن حكاية حضارة تروي قصص حقب تاريخية متعاقبة بثقافاتها وعاداتها المختلفة،
لتكون اليوم من أكبر المواقع الأثرية بمحاذاة الضفة اليمنى للفرات الذي تم اكتشافه مصادفة عام 1920بعد أن كان مجهولاً قروناً طويلة، يعود التل بتاريخ بنائه إلى 300 قبل الميلاد، وفيه واحد من أقدم أمكنة العبادة المسيحية المعروفة في العالم يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثالث الميلادي، وكان أهم المواقع الدفاعية المتقدمة لمملكة تدمر ضد هجمات الفرس، وميناء تدمر على الفرات، كما كان محطة للقوافل التجارية بسبب مرور طريق الحرير فيه عند دخوله الأرض السورية باتجاه تدمر وحمص والبحر الأبيض المتوسط.
والمكان كنيسة سكنية أي منزل تم تحويله لكنيسة في آثار مدينة صالحية الفرات جنوب مدينة دير الزور بـ 90 كم يعود تاريخها إلى 232م وتعد من أقدم الأمكنة التي شهدت طقوس العبادة في الديانة المسيحية ،وفيها تم العثور على حوض مخصص للعماد، أعيد ترميمه حديثا من قبل البعثة الفرنسية - السورية التي تعمل في الموقع. كما عثر فيه على أقدم رسم تصويري للسيد المسيح، هذا الرسم يصور معجزة شفاء المقعد، وفيه قطعة من مخطوط كتبه تاتانيوس السوري، مؤسس فرقة (المتزهِّدين) وهي واحدة من سبعة مذاهب نسكية مسيحية، وكانت الكتابة باللغة اليونانية..
وعلى جدران كنيسة الصالحية نقشت رسوم جدارية رائعة تمثّل السيد المسيح والسيدة مريم العذراء، وقد تم نقل الآثار إلى جامعة يل في الولايات المتحدة الأميركية أثناء فترة الانتداب على سورية، إذ كان يحقّ للمنقّبين في تلك الفترة نقل نصف ما يعثرون عليه من آثار إلى بلدانهم في عملية سرقة علنية للآثار السورية من سلطات الاحتلال الفرنسي.
يذكر أن مدينة دورا أوروبوس مدينة تجارية بامتياز وذات صبغة سكانية متعددة منذ القدم، ومما يثبت ذلك احتواؤها على عدد كبير من المعابد والفعاليات التي اكتشفت ولا تزال تكتشف.. وتتألف «دورا أوروبوس» من كلمة محلية (دورا)، وهي كلمة دارجة في اللغات الأكادية والبابلية وتعني الموطن أو الحصن أو المربع، أما (أوروبوس) فهي يونانية الأصل ومنها اشتق اسم أوروبا التي سميت القارة الأوروبية باسمها.كان لدورا مكانة خاصة عند الشعوب لما كان لها من دور مهم لعبته على مر العصور في حكم وإدارة وتنظيم المدن والحضارات، والأبنية الدينية كانت تشكل القوة والأمان والعون الذي يستمده البشر منها,ولهذا نجد أن المدينة تضم العديد من المعابد تمثل كل الديانات الوثنية والتوحيدية، وهذا دليل على قدمها ومن سكنها من أقوام وشعوب، وكان من نتائج التنقيبات العثور على /17/ معبداً، ومن هذه المعابد معبد أزمت كونا، الذي يعود إلى الفترة البارثية، ومعبد أرتميس وعفلات ومعبد بل الذي كان مخصصاً للجالية التدمرية العسكرية التي كانت مقيمةً في دورا أوروبوس.