حكايات!!!! سورية
تل جنديرس
من التلال الأثرية المهمة في منطقة عفرين، تبلغ مساحته /2/ هكتار “400م×500م”،
وهو يقع جنوب البلدة، وقد تم تسجيله تلاً أثرياً في محافظة حلب تحت رقم 266.
وتشير المصادر التاريخية، إلى أن موقع التل من الأماكن المأهولة المهمة والقديمة، فهو يقع وسط سهل واسع وخصب، تكثر فيه الينابيع، ولا يبعد عن نهر عفرين سوى 5 كم شمالاً، ويمر التل من موقع الطريق الرومانية الرئيسة القديمة التي كانت تصل نبي هوري، وانطاكية والأناضول شمالاً وشرقاً؛ فجعل كل ذلك من موقع تل جنديرس أحد أهم مراكز الاستيطان القديمة في القسم الجنوبي من سهل جومه. وقد وصف “ابن شداد” جنديرس بما ينبئ عن موقعها وأهميتها السابقة حينما قال: وبكورة الجومه عيون كبريتية تجري إلى الحمة.. والحمة قرية يقال لها “جندارس”، لها بنيان عجيب، معقود بالحجارة، يأتيها الناس من كل الأماكن، فيسبحون بها للعلل التي تصيبهم، ولايدرى من أين يجيء ماؤها، ولا أين يذهب /الدر المنتخب، ص131/.
أما من الناحية الآثارية فقد بدأت تنقيبات البعثة السورية-الألمانية في سنوات 1993 – 1996، في ثلاثة مواضع من التل وكشفت مساحة 2150 م2 منها، وتم اكتشاف خمس مستويات بناء أساسية متعاقبة تمتد من منتصف الألف الثاني ق.م إلى أواخر العصر البيزنطي “القرن السادس بعد الميلاد”. فالمستويان “1و2” يعودان إلى أوائل الفترة البيزنطية؛ وهما بيوت صغيرة، ويحتوي المستويان “3 و4” على أساسات جدران مجمع معماري ضخم، وتقدم اللقى الفخارية وسرج الزيت والنقود، وغيرها تأريخاً للطبقات البيزنطية خلال القرن السادس بعد الميلاد. كما اكتشفت كسر فخارية كبيرة تحت المستويات الأربع، وكسر زجاجية وسرج زيت تعود في تاريخها إلى أواخر العصر الهلينستي «حوالي 100 ق.م» وتم إثبات هذا التاريخ بواسطة النقود والصور الفخارية التي تمثل آلهة الخمر “ديونيزوس”. وتشير اللقى المتفرقة من الفخار إلى استمرار السكن فيها حتى أواسط العهد الإسلامي. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، استقرت قوة من الجيش الفرنسي على القمة الشمالية الشرقية للتل.
في عام 1996 وأثناء عملية حفر أساس بناء في موقع البازار شمالي التل بحوالي 200م، ظهرت أدوات وتماثيل من البرونز والمعادن، فعد الأثريون ذلك المكان ورشة صناعية من تلك العهود القديمة. كما يبدو واضحاً أن السور الأساس للحصن في المنحدر الغربي الذي يبلغ عرضه على الأقل ثمانية أمتار يعود إلى الألف الثاني ق.م. لذلك يبدو أن مستوطنة تل جنديرس كانت خلال الألف الثاني ق.م على الأقل مدينة حصينة وضخمة.