ممالك الشعر
د. رحيم هادي الشمخي_
الحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة بالعراق
وعلى موضع يقال له النجف،
وكانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية من زمن «نصر» ثم من «لخم النعمان» وآبائه،
وهي كثيرة المياه والأنهار وكان موقفها من أطيب البلاد،
وأرق هواء وأخفه ماء، وأغذاه تربة وأصفاه جواً،
وتكثر فيها حقول القمح والنخيل وتقطعها القنوات،
وكان فيها منازل «آل بقيلة» وغيرهم،
وهي مدينة تغفو على نهر الفرات وحولها تنتشر منازل ومنابر الشعراء والمكتبات
التي تضم الآلاف من كتب العلماء والمحدثين وحولها تسرك قصور
«التنوخيون» و»اللخميون» و»العباديون» و»الأحلاف» العرب.
كيف لا يشرق نور العلم من هذه المدينة التاريخية وكل مروجاته فيها ؟
فإنها ورثت العلم والعرفان من بابل وآشور وسومر وأكد، وأور،
ومعظم سكانها عرب والعرب ذو القرائح الوقادة،
كانوا يتبارون في أيام عزها بأشعارهم ومعلقاتهم ومجمهراتهم،
ويتناشدون قصائدهم في سوق عكاظ، وللحيرة منزلة تاريخية في آداب اللغة العربية
سواء أكان بالشعراء الذين أنجبتهم، أو الشعراء
الذين قصدوا ملوكها المناذرة للمدح والتقريظ ووصف البلاد والمعاهد،
أو بالحوادث أو الوقائع التي تمت فيها أرضها وقبائلها
فألهمت الشعراء للمعلقات والمجمهرات والقصائد،
كما أن في اللغة العربية عشرات الأمثال السائرة على الألسنة نشأت في الحيرة نفسها،
ولتاريخ الخطابة العربية علاقة بملوك الحيرة.