قصة المثل { حاميها حراميها }
في أثناء الحكم العثماني قرر ثلاثة من طالبى العلم السفر الى بغداد فى العراق لزيارة ضريح أحد الأولياء الصالحين، وأخذوا معهم مالا كثيراً للإنفاق على الرحلة، ولكنهم ضلوا الطريق وفجأة صادفهم شخص يجيد فن الكلام المعسول والوعود البراقة فعمل لهم من البحر "طحينة" واقتنعوا بأن العناية الالهية هى التى أرسلته لهم ولم يفكر احدهم ولو للحظة ان يكون هذا الرجل "نصابا" لأن علامة السجود كانت تملأ وجهه والابتسامة لا تفارق شفتيه، فضلاً عن حديثه الطيب الذى لم يخل من ذكر اسم الله. فهل من المعقول الشك فى رجل يتمتع بهذه الصفات. وساروا جميعاً وبعد بضع ساعات اختفى الرجل "الرجل الطيب" وكأن الأرض قد انشقت وابتلعته بعد أن سرق كل ما لديهم من أموال وظلوا يبحثون عنه حتى عثروا عليه فحاول الهرب، ولكنه لسوء حظه كانت تمر أمامه فرقة من "العسكر" ألقت القبض عليه وتم ترحيله الى "الحاكم" الذى استقبلهم بحفاوة وكان بشوشاً أيضا وسمع منهم القصة من الألف الى الياء فطلب من الجميع مغادرة الغرفة حتى يستجوب السارق "على انفراد" وكان هناك رجل بغدادى طيب القلب يراقب ما يجرى حوله. وبعد حوالى ساعة خرج الحاكم وهو يصيح فى وجه المجنى عليهم مؤكدا لهم أنه لم يجد مع الرجل أى مسروقات وخرج تاركاً المجلس وهنا قال لهم البغدادى دعونى أتحدث مع اللص على انفراد، وبالفعل جلس معه وقال له لو قمت برد المال "الحرام" لأصحابه سوف أعطيك قطعة ذهبية "حلال" فأخبره أن "العسكر" أجبروه على عدم الاعتراف كما أن "الحاكم" هدده بالإعدام لو قام برد المبلغ. فقال له البغدادى حقاً "حاميها حراميها" ولكن يا بنى "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" فخرج اللص ورد المبلغ الى أصحابه وصارت هذه هى قصة المثل الشعبى "حاميها حراميها" الذى تتناقله الأجيال حتى الآن.