الإنسان بين الأنانية والإيثار والتضحية
بقلم:طالب الجابري
الأنانية تعني حب النفس والذات بدرجة عالية وتفضيل النفس على كل اعتبار, وايضاً تعني الفردية الشرسة وحُب التمّلك والغيرة التي تدفعُ الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق،
ويندرج تحت مفهوم الأنانية أشياءٌ كثيرة منها حُب الاتكالية والاعتماد على الغير وإراحة النفس والصُعود على أكتاف وظهور الآخرين بضمير ٍ ميت وبدون مُبالاة،
والأنانية أيضاً هي رغبة ٌ ذاتية للاستحواذ على حاجات الغير وتريده فقط لنفسها وتحرّمه على غيرها , وعلى عكس مفهوم الأنانية يكون معنى الإيثار الذي يعني كفّ الإنسان عن بعض حوائجه وبذلها لمستحقّها ,
والتضحية بمعنى البذل والتبرع دون مقابل, وإصطلاحاً هو بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى, فالأنانية مرض نفسي له آثاره السلبية على الإنسان في حياته الدنيا والآخرة
وعلى المجتمع ككل الذي يعيش فيه الإنسان لإنها تقف حاجزاً مانعاً في طريق التكافل الإجتماعي و الرقي والتكامل الفكري والروحي والأخلاقي لتربية النفس الإنسانية
ومن أهم مقدمات تربية النفس وتحفيزها نحو التكامل والرقي تحتاج أولاً بصورة رئيسية الى الإيمان بالله تعالى والاعتقاد بالمعاد والاخرة وقد أشار سماحة المرجع الديني الاعلى آية العظمى السيد الصرخي الحسني دام ظله في المقدمة الاخلاقية لكتاب الاجتهاد والتقليد
بوضوح وبتفصيل دقيق الى أهم المحفزات التي تساهم بتربية النفس الانسانية والتخلي عن الأنانية وحب الذاتي الشخصي والانطلاق والسمو بالنفس الانسانية الرقي والتكامل حيث قال دام ظله ( وبعد تحقق الايمان تكون النفس مستعدة للتربية وحينئذ تحتاج الى الاسباب والمحفزات في طريق التكامل والرقي نذكر منها
المحفز الاول : الهدف الاسمى ... ينبغي على الإنسان إختيار الهدف المهم والأوسع والأسمى لأنه كلما كان الهدف ضيقا كان أقرب الى التلاشي في ذهن صاحبه مما يؤدي الى فتح باب أوسع للتكالب والتزاحم للإمور التافهة وبالتالي الدخول في المحرمات الاخلاقية الشرعية,
وكلما كان الهدف أهم وأسمى قلت فيه الأخطاء والقبائح بسبب مايحصل في ذهنه من المقارنة بين هدفه المهم المنشود وبين الشهوات التافهة الرديئة فيلتفت الى تفاهتها بالقياس الى ذلك الهدف , فكيف اذا كان هدفه رضا الله تعالى ...ويكون مثله الأشخاص الذي قال فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام )في وصف المتقين (كبُر الخالق في أنفسِهم فصغر ما دونه في أعينهم )
المحفز الثاني : الهم الكبير ..لتربية النفس يحتاج الانسان المسلم ان يحمل هما كبيراً متمثلا في إمور المسلمين جميعاً...ومثل هذا الهم ينمي من أخلاقيات الانسان ويوسع من الآفاق التي يحلق فيها الانسان ويؤثر في تنمية الروح
المحفز الثالث : الإيثار والتضحية ...الإنسان الذي يعمل في سبيل الله ويؤثر ويضحي بمصالحه الشخصية في سبيل راحة الآخرين والمصالح الإجتماعية فبقدر ذلك تنمو روحه وتتسع آفاقه حتى تصل الى التكامل الاخلاقي
وذلك لانه من الأسباب الرئيسية في المشاكل الأخلاقية هو التضارب والتزاحم الموجود بين المصالح الشخصية والمصالح الاجتماعية وإن حب الذات هو الذي يدفع الإنسان الى يقدم مصالحه الشخصية على المصالح الأخرى حتى لو كان ظلماً وعدواناً على الآخرين............واذكر بعض الارشادات في الإيثار والتضحية , قوله تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )
ما ورد عن الامام الباقر عليه السلام ( ان لله جنة لايدخلها إلا ثلاثة : رجل حكم على نفسه بالحق , ورجل زار أخاه المؤمن في الله ,ورجل آثر أخاه المؤمن في الله )