وأتَي المَساءُ..
وواحَةُ العَاشِقينَ الليل ...
وهذِي مَدِينَتِي..
قد نامَتْ عُيُونُها
والخَطوُ صَارَ..
في الدُّرُوبِ قَلِيل ...
إلَّا ِحبِيبً قد خَلا بِحبِيبِهِ
والصَّمْتُ هَمْسٌ..
فِي ضِيَا القَنَادِيل ...
أمَّا أنا ..
يالَيْلُ فَحِينَ تَأتِي
تُسْقينِي كَأسَ الرَّدَي
وتُزِيدُ لِي في الكيل ...
ويَصِيرُ نَجْمِي غَائِرٌ
مُكفَهِرُّ الضَّوءِ.
وبَينَ النُجُومِ هَزِيل ...
وكَم خَلِيلٌ صَبٌّ يُنَاجِي خَلِيلَهُ
إلا أنا..
قَلبِي خُواءٌ من ظِلَالِ خَلِيل ...
فَيالَيلُ هلَّا رَحِمتَ صَبابَتِي
وأشْعَلتَ من ضَوْءِ الصَّبَاحِ فَتِيل ؟؟...
حتَّي أذُوبُ فِي وُجُوهِ العَابِرِينَ
وأجِدُ لِغُرْبَتِي مَهرَباً وَسَبِيل ؟؟...
فَحُزنِي يَالَيلُ مَعقُودٌ على جَنَاحَيْكَ
وَوِشَاحُكَ أرْهقَ كَاهِلِي وثَقِيل ...
جَاسِمٌ عَلَى صَدْرِي
وعلَي النفْسِ عَناكَ وَبِيل ...
كألْفِ جَوادٌ في البَيدَاءِ قد طُلِقَتْ
تَعزِفُ الحُزنَ في رَقضَةٍ وصَهِيل ...
وأنا مُكَبَّلٌ والقَيدُ يُدمِي مِعْصَمِي
وفي قَبْوِ زَنَازِنُكَ تَرانِي نَزِيل ...
فَهل يالَيلُ لاتًعـرِفُ من أنَـا ؟؟
أنَا من سَطَرْتُ على مُتونِكَ كَلِمِي
وزَرعْـتُ وَادِيكَ ذُنبُقاً ونَخِيل ...
وكَمْ ردَّدَ العَاشِقُونَ أشْعَارِي
ورَتَّلَ الطَّيرُ قَصَائِدِي تَرْتِيل ...
وحَفرْتُ نَهراً والجَدَاوِلُ حَولَهُ
يَقطُرُ الشَهْدَ..
من ضِفَافِهَا ويَسِيل ...
فَجَعلتُ يَاليلُ مِنكَ مُرُوجاً
وواحَاتُ عِشقٍ ذَاتَ ظِلُ ظَلِيل ...
وكُنتُ أنتَظِرُكَ يالَيلُ في لَهفَةٍ
فَمَا خُلِقْتُ إلا لِلمُحِبِّ دَلِيل ...
أمَّا من هَجَر الحَبِيبُ فُؤَادَهُ
فأنتَ الرَّدَى..
ولاتَـترُكهُ إلا قَـتِيل ...
فإذَا يَالِيلُ..
قد هَجَرتنِي مُلهِمَتِي
تَأتِي فَتُنكِرُ مِنِّي كل جَمِيل !؟...
تِلكَ يَالِيلُ كَانت رِسَالَتِي
فَهَلَّا رَحَلتُ ؟؟
ومَا أغْنَاكَ عَنِّي رَحِيل ؟؟...
فاترُكْنِي يَالَيلُ أنَاجِي سَلوتِي
فلعَلَّ قَلبُ من أُنَاجِي يَمِيل ؟؟...
فَلَمْ أعْرِفُ بَعدُ لِهَجرِهَا سَبَباً
ولِمَا تُطنِبُ فِي صَدِّهَا وتُطِيل !!...
سَأحْيَا علَى الذِكرَي يالَيلُ
فَأخبِرُهَا..
بأنِي مَفتُونٌ وفِي هَواهَا عَلِيل ...
فَقد أوْرَثَنِي هَجرُهَا سَقمٌ
فَجفَّ عُودِي من النَّوَى
وصَارَ نَحِيل ...
ولَعلَّ لَيَالِينَا تَعُودُ لِعَهدِهَا
فنَرَى..
فِجَاجَكَ على مَدَاهُ قَلِيل ...